السيسي يخصص صندوقاً برأسمال 100 مليون جنيه لـ«ذوي الإعاقة»

الرئيس المصري شارك في احتفالية بيومهم العالمي

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة أمس أثناء تفقد معرض لمنتجات «ذوي الإعاقة» (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة أمس أثناء تفقد معرض لمنتجات «ذوي الإعاقة» (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي يخصص صندوقاً برأسمال 100 مليون جنيه لـ«ذوي الإعاقة»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة أمس أثناء تفقد معرض لمنتجات «ذوي الإعاقة» (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة أمس أثناء تفقد معرض لمنتجات «ذوي الإعاقة» (الرئاسة المصرية)

أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، تخصيص 100 مليون جنيه مصري (5.6 ملايين دولار) رأسمال لصندوق لدعم «ذوي الإعاقة» في البلاد، وقال خلال مشاركته في احتفالية باليوم العالمي للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، في القاهرة، أمس، إن تعداد أصحاب هذه الفئة يُقدر بنحو 10 في المائة من إجمالي المواطنين (104 ملايين نسمة).
ودعا السيسي، الحكومة والبرلمان، إلى صياغة قانون يسمح «بخصم جزء صغير من كل مواطن يحصل على أموال من الدولة لصالح الصندوق»، ونوه بأن صندوق «تحيا مصر» (التابع لرئاسة الدولة) سيمول نظيره لذوي الإعاقة بـ80 مليون جنيه مصري.
وقال السيسي إنه وجه الحكومة بالتوسع في «توفير كود الإتاحة الهندسي (اشتراطات في تصميم المباني والمنشآت لتلائم المعاقين) لذوي الاحتياجات الخاصة، في جميع المنشآت الشبابية والرياضية على مستوى الجمهورية، مع زيادة المشاركات الدولية لهم في الأنشطة الفنية والثقافية والاجتماعية والرياضية، ومساواة الحاصلين منهم على ميداليات أولمبية وعالمية وقارية على المستوى الدولي، بالأسوياء، في الجوائز المالية المقدمة لهم». وفي وقت سابق، اختار السيسي عام 2018 ليكون عاماً لذوي «القدرات الخاصة».
ولفت الرئيس، أمس، إلى أنه وفي مجالَي الإسكان والصحة، ستتم دراسة «توفير كود الإتاحة الهندسي في جميع المرافق والشقق السكنية، لإزالة المشقة عن الأشخاص ذوي الإعاقة، فضلاً عن توفير التأمين الصحي الشامل لهم جميعاً على مستوى الجمهورية، وتوفير خدمات الصحة النفسية في العيادات الصحية الشاملة، وعيادات الصحة الأولية، والاهتمام بالعلاج الوظيفي وعلاج النطق، مع توفير الأجهزة التعويضية وكل ما يلزم من أدوات طبية لهم بأسعار رمزية، مع تعميم الاكتشاف والتدخل المبكر في مراكز صحة الأسرة بالمحافظات، لاكتشاف الإعاقة وتقديم البرامج العلاجية».
كما ألزم السيسي، الحكومة، بـ«إعداد بيان إحصائي شامل عن ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر، يتضمن أعدادهم الفعلية ونوع الإعاقة، ومجالات تفوقهم، وأهم احتياجاتهم من الدولة».
وأقام الاتحاد الرياضي المصري للإعاقات الذهنية، بالتعاون مع وزارتي الشباب والرياضة والتضامن الاجتماعي، الاحتفالية التي كانت بعنوان «قادرون باختلاف»، وأشادت رئيس الاتحاد الرياضي المصري للإعاقات الذهنية أمل مبدي، بـ«إقرار قانون ذوي الإعاقة، وتحقيق البطولات المحلية والإقليمية والعالمية، واختيار نواب من ذوي الإعاقة، علاوة على وجود كود إتاحة يطبق في جميع المدن الجديدة».
وقال الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، إن وزارته «تعمل على وضع خطط وبرامج ومشروعات، وتولي عناية ورعاية خاصة لأبنائنا من ذوي القدرات الخاصة لصقل مهاراتهم وتنمية قدراتهم، ودمجهم في المجتمع من خلال إتاحة الفرصة لهم، لممارسة جميع الأنشطة الثقافية والفنية والترفيهية والرياضية داخل جميع الهيئات والمؤسسات الشبابية والرياضية في جميع قرى ومدن الجمهورية بالتعاون مع مختلف مؤسسات الدولة المعنية ومنظمات المجتمع المدني».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.