معرض «بلفيدير آرت سبايس»... أعمال فنية معاصرة تحاكي الغد

يشارك فيه 13 فناناً من دول عدة

لوحة للفنانة التشكيلية الصاعدة أميريكا مارتن محورها المرأة  -  الكلب الوفي يقدمه الفنان الياباني بورن هوانغ مصنوعاً من البرونز
لوحة للفنانة التشكيلية الصاعدة أميريكا مارتن محورها المرأة - الكلب الوفي يقدمه الفنان الياباني بورن هوانغ مصنوعاً من البرونز
TT

معرض «بلفيدير آرت سبايس»... أعمال فنية معاصرة تحاكي الغد

لوحة للفنانة التشكيلية الصاعدة أميريكا مارتن محورها المرأة  -  الكلب الوفي يقدمه الفنان الياباني بورن هوانغ مصنوعاً من البرونز
لوحة للفنانة التشكيلية الصاعدة أميريكا مارتن محورها المرأة - الكلب الوفي يقدمه الفنان الياباني بورن هوانغ مصنوعاً من البرونز

لا يشبه معرض «بلفيدير آرت سبايس» في وسط بيروت أي معارض أخرى في العاصمة اللبنانية اليوم. فلوحاته ومنحوتاته التي يفوق عددها الـ50 قطعة فنية، تخرج عن المألوف في نسيجها وتقنياتها ومواضيعها. فهنا لن تشاهد عيناك أعمالاً زيتية كلاسيكية أو أكواريل مائية هادئة وصوراً فوتوغرافية مطبوعة، بل إنها تشكل حركة تثقيفية طليعية قوامها أفكار فنانين عالميين وصاعدين اتخذوا من الريشة والريزين والبرونز و«الكولاج» وغيرها من التقنيات الحديثة عنواناً لها.
«هدفنا تبادل الثقافات بين لبنان والغرب، ولذلك آثرنا دعوة فنانين عالميين جاءوا من أميركا واليابان وكندا والنرويج وغيرها ليحاكوا فيها اللبنانيين»، يقول عزت هاشم المدير المسؤول عن هذا المعرض لمنظمية آل شمعة ونور جرمكاني. ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «في المقابل سنحمل أعمال فنانين لبنانيين إلى الخارج لنسلّط الضوء على قدراتهم الإبداعية التي لا تقل أهمية عن المعروضة حالياً».
وكما فلور، وجوناثان بول أكا، وبورين هوانغ، وأوليفيا ستيل، وأميريكا مارتن، كذلك يشارك في هذا المعرض كل من ليني كيلدي، وإسماعيل لاغاريس، وأنطوني هانتر، وشارلز باتريك، ولينو لاغو، وجيمس فيربيكي، إضافة إلى الخطاط السوري عقيل أحمد الذي يعد العربي الوحيد الحاضر في هذه التظاهرة للفن المعاصر.
وفي لوحة بعنوان «وحدة العناية المركزة» يطلّ علينا جوناثان بول آكا بعمل يحمل في ملامحه وحدات المصل الذهبية النافرة، فيشير إلى مدى أهمية ممارسة هواية التسوق لماركات عالمية (برادا وفيراري وغيرها) لأنّها - وحسب رأي الفنان الأميركي - تشعرنا بأننا نتمتع بصحة جيدة. أمّا في لوحة «ميلد تاون» المتمثلة بقطعتين عملاقتين من الحلوى الطفولية (سوسيت)، فيأخذنا الفنان نفسه من خلال منحوتة مزج فيها مادة البليكسي مع الريزين إلى ذكريات طفولة تحفر داخل كل منا، فيسيل لها اللعاب لمجرد رؤية ألوانها اللماعة، لا سيما أن الفنان ترك العنان لخياله بعد أن أذاب سكر هذه الحلوى على أسفل المساحة التي تحملها ليشعر ناظرها بأنّها حقيقية قد يرغب في لمسها.
أمّا النرويجية ليني كيلدي، المختصة بالفنون الصلبة، فلينت المعدن مع الريزين لتقطع معهما رحلة إنسان (بلا رأس) يسيّر إلكترونياً مركبته. والفنانة نفسها قدّمت الإنسان الأنثى، ودائماً من دون رأس على شكل نجمة رقص حافية القدمين تفتخر بحريتها التي ترجمتها بفراشة معدنية فضية ترفعها نحو السماء. ووسط المعرض تلفتك منحوتات لبورين هوانغ من البرونز الأسود والذهبي تمثل حيوانه المفضل ألا وهو الكلب. فمرة يظهره بوفائه، وأخرى بخفة ظلّه، وثالثة في نمنمته مقدماً في ذلك صفات ربما يفتقدها في عالم الإنسان، وأحياناً أخرى يكرم فيها والده الراحل.
ويطبعنا الأميركي تشارلز باتريك ببتلات وروده الملونة الكبيرة الحجم. فهي عبارة عن قصاصات ورقية تعود لصور رسوم متحركة (كوميكس) ألف منها فراشات بأحجام متدنية مشكوكة بعيدان معدنية تشبه إبر الحياكة على مساحة بيضاء لتؤلف لوحة ثلاثية الأبعاد تعكس شكل وردة عملاقة من بعيد، ولتكتشف عن قرب بأنّها مجرد فراشات تحلّق وهي ثابتة بدقة على الكانفاس.
وفي الإطار نفسه يجمع الفنان الكندي جيمس فيربيكي قصاصات من ورق الصحف بالأسود والأبيض وبالألوان، لينثرها بتقنية فن اللصق على مساحة كبيرة تؤلف بشكلها العام لوحة تجريدية تتداخل عناصرها ببعضها البعض وكذلك عناوينها.
ولا تغيب تقنية «النيون» عن المعرض فهي تحضر مع الفنانة التشكيلية الألمانية أوليفيا ستيل التي تستعمل إنارة «النيون» لملء مساحة معينة بمعانٍ تمت بالسخرية والروحانيات معاً. فهي تجمع هذا الضوء الجريء وبأسلوب بسيط مع تلميح إلى الطبيعة.
وفي أعمال الإسباني إسماعيل لاغاريس التي تشدك بألوانها، فهو يمزج ما بين مادتي الريزين والزيت ليصنع منحوتاته ورسوماته النافرة. فتشعر للوهلة الأولى بأنّها منفذة من الريش أو الشّمع، ولتكتشف عن قرب بأنّها من الراتنج المركب واللزج الذي ينعكس حياة تنبض بعناصره اللماعة.
وبخطوط عريضة وملونة بالبرتقالي والأصفر وغيرها، ترسم الفنانة الصاعدة أميريكا مارتن المرأة التي تعتبرها المحور الأساس في أعمالها. وبريشة مغمسة بألوان الأكليريك والزيت نشاهد بطلتها تقوم بمهمات مختلفة داخل لوحة واحدة.
ومع وجوه لينو لاغو التي يرسمها ليعود ويخبئها بتقنية اللصق (كولاج)، تطالعك عيون نساء حائرة ومفكرة على خلفية مالسة بألوان متدرجة.
أمّا عقيل أحمد الفنان العربي الوحيد في المعرض فنجد في أعماله مساحات واسعة لريشة اتخذت من حروف الأبجدية آفاقاً لها بعد أن سلط الضوء عليها لتصبح لغة بصرية بحد ذاتها.



«من القلب إلى اليدين»... معرض يطير من ميلانو إلى باريس

حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
TT

«من القلب إلى اليدين»... معرض يطير من ميلانو إلى باريس

حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)

للمرّة الأولى، تجتمع في باريس، وفي مكان واحد، 200 قطعة من تصاميم الإيطاليَيْن دومنيكو دولتشي وستيفانو غبانا، الشريكَيْن اللذين نالت أزياؤهما إعجاباً عالمياً لعقود. إنه معرض «من القلب إلى اليدين» الذي يستضيفه القصر الكبير من 10 يناير (كانون الثاني) حتى نهاية مارس (آذار) 2025.

تطريز فوق تطريز (إعلانات المعرض)

وإذا كانت الموضة الإيطالية، وتلك التي تنتجها ميلانو بالتحديد، لا تحتاج إلى شهادة، فإنّ هذا المعرض يقدّم للزوار المحطّات التي سلكتها المسيرة الجمالية والإبداعية لهذين الخيّاطَيْن الموهوبَيْن اللذين جمعا اسميهما تحت توقيع واحد. ونظراً إلى ضخامته، خصَّص القصر الكبير للمعرض 10 صالات فسيحة على مساحة 1200 متر مربّع. وهو ليس مجرّد استعراض لفساتين سبقت رؤيتها على المنصات في مواسم عروض الأزياء الراقية، وإنما وقفة عند الثقافة الإيطالية واسترجاع لتاريخ الموضة في ذلك البلد، وللعناصر التي غذّت مخيّلة دولتشي وغبانا، مثل الفنون التشكيلية والموسيقى والسينما والمسرح والأوبرا والباليه والعمارة والحرف الشعبية والتقاليد المحلّية الفولكلورية. هذه كلّها رفدت إبداع الثنائي ومعها تلك البصمة الخاصة المُسمّاة «الدولتشي فيتا»، أي العيشة الناعمة الرخية. ويمكن القول إنّ المعرض هو رسالة حبّ إلى الثقافة الإيطالية مكتوبة بالخيط والإبرة.

للحفلات الخاصة (إعلانات المعرض)

عروس ميلانو (إعلانات المعرض)

هذا المعرض الذي بدأ مسيرته من مدينة ميلانو الساحرة، يقدّم، أيضاً، أعمالاً غير معروضة لعدد من التشكيليين الإيطاليين المعاصرين، في حوار صامت بين الفنّ والموضة، أي بين خامة اللوحة وخامة القماش. إنها دعوة للجمهور لاقتحام عالم من الجمال والألوان، والمُشاركة في اكتشاف المنابع التي استمدَّ منها المصمّمان أفكارهما. دعوةٌ تتبع مراحل عملية خروج الزيّ إلى منصات العرض؛ ومنها إلى أجساد الأنيقات، من لحظة اختيار القماش، حتى تفصيله وتزيينه بالتطريزات وباقي اللمسات الأخيرة. كما أنها مغامرة تسمح للزائر بالغوص في تفاصيل المهارات الإيطالية في الخياطة؛ تلك التجربة التي تراكمت جيلاً بعد جيل، وشكَّلت خزيناً يسند كل إبداع جديد. هذه هي باختصار قيمة «فيتو آمانو»، التي تعني مصنوعاً باليد.

دنيا من بياض (إعلانات المعرض)

رسمت تفاصيل المعرض مؤرّخة الموضة فلورنس مولر. فقد رأت في الثنائي رمزاً للثقافة الإيطالية. بدأت علاقة الصديقين دولتشي وغبانا في ثمانينات القرن الماضي. الأول من صقلية والثاني من ميلانو. شابان طموحان يعملان معاً لحساب المصمّم كوريجياري، إذ شمل دولتشي صديقه غبانا برعايته وعلّمه كيف يرسم التصاميم، وكذلك مبادئ مهنة صناعة الأزياء وخفاياها؛ إذ وُلد دولتشي في حضن الأقمشة والمقصات والخيوط، وكان أبوه خياطاً وأمه تبيع الأقمشة. وهو قد تكمَّن من خياطة أول قطعة له في السادسة من العمر. أما غبانا، ابن ميلانو، فلم يهتم بالأزياء إلا في سنّ المراهقة. وقد اعتاد القول إنّ فساتين الدمى هي التي علّمته كل ما تجب معرفته عن الموضة.

الخلفية الذهبية تسحر العين (إعلانات المعرض)

الأحمر الملوكي (إعلانات المعرض)

عام 1983، ولدت العلامة التجارية «دولتشي وغبانا»؛ وقد كانت في البداية مكتباً للاستشارات في شؤون تصميم الثياب. ثم قدَّم الثنائي أول مجموعة لهما من الأزياء في ربيع 1986 بعنوان «هندسة». ومثل كل بداية، فإنهما كانا شبه مفلسين، جمعا القماش من هنا وهناك وجاءا بعارضات من الصديقات اللواتي استخدمن حليهنّ الخاصة على منصة العرض. أما ستارة المسرح، فكانت شرشفاً من شقة دولتشي. ومع حلول الشتاء، قدَّما مجموعتهما التالية بعنوان «امرأة حقيقية»، فشكَّلت منعطفاً في مسيرة الدار. لقد أثارت إعجاب المستثمرين ونقاد الموضة. كانت ثياباً تستلهم الثقافة الإيطالية بشكل واضح، وكذلك تأثُّر المصمّمين بالسينما، لا سيما فيلم «الفهد» للمخرج لوتشينو فيسكونتي. كما أثارت مخيّلة الثنائي نجمات الشاشة يومذاك، مثيلات صوفيا لورين وكلوديا كاردينالي. وكان من الخامات المفضّلة لهما الحرير والدانتيل. وهو اختيار لم يتغيّر خلال السنوات الـ40 الماضية. والهدف أزياء تجمع بين الفخامة والحسّية، وأيضاً الدعابة والجرأة والمبالغة.

جمال الأزهار المطرَّزة (إعلانات المعرض)

اجتمعت هذه القطع للمرّة الأولى في قصر «بالازو ريالي» في ميلانو. ومن هناك تنتقل إلى باريس لتُعرض في واحد من أبهى قصورها التاريخية. إنه القصر الكبير الواقع على بُعد خطوات من «الشانزليزيه»، المُشيَّد عام 1897 ليستقبل المعرض الكوني لعام 1900. وعلى مدى أكثر من 100 عام، أدّى هذا القصر دوره في استضافة الأحداث الفنية الكبرى التي تُتقن العاصمة الفرنسية تقديمها.