الفنان التشكيلي السعودي السماعيل يحشد تشظياته في الخبر

حسين السماعيل في معرضه
حسين السماعيل في معرضه
TT

الفنان التشكيلي السعودي السماعيل يحشد تشظياته في الخبر

حسين السماعيل في معرضه
حسين السماعيل في معرضه

يقدم الفنان التشكيلي السعودي الشاب حسين السماعيل أحدث تجاربه الفنية «تشظي»، وذلك في معرض يحتضنه حالياً غاليري الصحراء في الخبر. ويأتي هذا المعرض بعد أربع سنوات من إقامة معرضه الأول «إطار» في جمعية الثقافة والفنون بالدمام، الذي امتاز يومها بتوليفة فنية وأدائية جمعت أكثر من شكل تعبيري فني وأدائي.
وخلال هذا المعرض يدعونا السماعيل مرة أخرى للمشي بين شظايا أفكاره التي خرجت من عباءة الرسم الكاريكاتيري باتجاه مواضيع وأبعاد تشكيلية مغايرة، حيث الفضاءات البيضاء تمثل الخلفية المحايدة لأفق الرسم المفتوح على حرية الخطوط وحركتها، فهو يجرب في أفعال التكرار الزخرفي الذي يهرب معه باتجاه تمظهرات التجريد الفني ضمن سلسلة أسماها «أنماط دينية»، كما يعاود تأويل تمثلات التفكير الجمعي في لعبة التماثل التي يرصدها في انتظام الحشود واجتماعها حول مفاهيمها وانفعالاتها.
هذه الخطوط البسيطة سترسم حدود المغامرة الجمالية، فهي تبدو بمثابة ممرات للكشف عن الحالات الشعورية والخواطر المتناثرة، هي أشبه شيء في بعض لحظاتها بتمارين على استنهاض المفارقات الرابضة في بنية السجالات الاجتماعية التي يحاول مقاربتها بخربشات كتابية وأشكال لا تخلو من السخرية كما في المجموعة الموسومة بـ«مذكرات اسكتشات يومية»، وفيها تتحول اللوحة إلى مادة يمتزج بها السرد بالرسم، وتصبح الخربشات المعادل الموضوعي لأفعال التغريد اليومي في فضاءات التواصل الاجتماعي.
وبروح الرسم الكاريكاتيري، يستمر السماعيل في توظيف خطوطه المجردة في التصعيد الدرامي للروتيني واليومي من المشاهدات، وهو يدعونا إلى النظر في يوميات عائلة مبتعثة للدراسة في تورينتو بكندا، هي بالتحديد سيرته الذاتية، مشاهد كرتونية متباينة في استوائها الفني، غير أنها مهمة لاكتشاف النمط الفني الذي يغلف اتجاهات التجربة عن السماعيل، التي يؤكد المعرض على أنها «شظيات» وعي يتنامى وحالة تعبيرية تأخذ طريقها إلى النضج، والتي يعيد من خلالها التفاعل مع المشهد اليومي، واستعادته جماليا، ولعل تجربتي «عقلاء» و«اضطراب» تحكيان عن لحظات النضج التجريدي في مشوار السماعيل، التي تجهد في تحويل قضايا الصراع الفكري إلى لحظة مجردة!.
يذكر أن السماعيل قد درس في كلية أونتاريو للفنون والتصميم في مدينة تورنتو، وهي واحدة من أكبر جامعات الفن في كندا، كما شارك في أندية المسرح والفنون بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وله مشاريع فنية مع عدد من الجهات الثقافية.



«مخبأ» و«حكايات سميرة»... قصص حياة على الخشبة

المخرج شادي الهبر (شادي الهبر)
المخرج شادي الهبر (شادي الهبر)
TT

«مخبأ» و«حكايات سميرة»... قصص حياة على الخشبة

المخرج شادي الهبر (شادي الهبر)
المخرج شادي الهبر (شادي الهبر)

كان من المقرر أن يحتفل «مسرح شغل بيت» بذكرى تأسيسه الثامنة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بيد أن اندلاع الحرب في لبنان حال دون إقامة الحفل، فأُلغيت البرمجة التي كانت مقررة حتى إشعار آخر.

ممثلون هواة تابعون لـ«مسرح شغل بيت» (شادي الهبر)

اليوم يستعيد «مسرح شغل بيت» نشاطاته الثقافية ويستهلها بمسرحيتي «مخبأ» و«حكايات سميرة». ويعلّق مخرجهما شادي الهبر لـ«الشرق الأوسط»: «كانتا من ضمن نشاطات روزنامة الاحتفال بسنتنا الثامنة، فقررنا نقلهما إلى الشهر الحالي، ونعرضهما على التوالي في (مسرح مونو) خلال 16 و17 و18 و19 يناير (كانون الثاني) الحالي». لكل مسرحية عرضان فقط، تشارك فيهما مواهب تمثيلية جديدة متخرّجة من ورش عمل ينظمها «مسرح شغل بيت». ويوضح الهبر: «الهدف من هاتين المسرحيتين هو إعطاء الفرص لطلابنا. فهم يتابعون ورش عمل على مدى سنتين متتاليتين. ومن هذا المُنطلق كتب هؤلاء نص العملين من خلال تجارب حياة عاشوها. وما سنراه في المسرحيتين هو نتاج كل ما تعلّموه في تلك الورش».

* «مخبأ»: البوح متاح للرجال والنساء

تُعدّ المسرحية مساحة آمنة اختارتها مجموعة من النساء والرجال للبوح بمكنوناتهم. فلجأوا إلى مخبأ يتيح لهم التّعبير عن أفكارهم ومشاعرهم بحرية. وفي هذا المكان الصغير بمساحته والواسع بأجوائه تجري أحداث العمل. ويشارك فيه 4 نساء و4 رجال. وتتراوح أعمارهم ما بين 20 و65 عاماً. وقد كتب محتوى النص كل واحد منهم انطلاقاً من تجاربه الحياتية. ويعلّق شادي الهبر: «إنها تجارب تنبع من واقع يشبه في موضوعاته وظروفه ما عاشه ناس كثر. وقد طلبت من عيسى بيلون أحد الممثلين فيها أن يضع لها التوليفة المناسبة. وخرج بفكرة محورها المخبأ. فحملت المسرحية هذا الاسم للإشارة إلى مشاعر نخبئها في أعماقنا».

يشارك في هذا العمل إيرما مجدلاني وكريستين مطر ومحمد علي بيلوني وغيرهم. وتتناول موضوعات اجتماعية مختلفة، من بينها ما يتعلّق بالعُقم والقلق والعمل بمهنة غير مرغوب بها. كما تطلّ على موضوع الحرب التي عاشها لبنان مؤخراً. فتحكي قصة شاب لبناني تعرّض منزله في الضاحية للقصف، فيقف أمام ما تبقّى منه ليتحدث عن ذكرياته.

مسرحية «مخبأ» تحكي عن مساحة أمان يتوق لها الناس (شادي الهبر)

ويتابع شادي الهبر: «تحمل المسرحية معاني كثيرة، لا سيما المتعلقة بما نخفيه عمّن هم حولنا، وأحياناً عن أنفسنا محاولين غضّ الطّرف عن مشاعر ومواقف تؤلمنا. فتكشف عن أحداث مرّ بها كلٌّ من الممثلين الثمانية، وتكون بمثابة أسرار يبوحون بها لأول مرة في هذا المكان (المخبأ). ويأتي المسرح كجلسة علاج تداوي الجراح وتبلسمها».

* «حكايات سميرة»: علاقات اجتماعية تحت المجهر

في المسرحية التي تُعرض خلال 18 و19 يناير على «خشبة مونو»، يلتقي الحضور بالممثلة لين جمّال بطلتها الرئيسة. فهي تملك كمية هائلة من القصص التي تحدث في منزلها. فتدعو الحضور بصورة غير مباشرة لمعايشتها بدورهم. وتُدخلهم إلى أفكارها الدفينة في عقلها الذي يعجّ بزحمة قصصٍ اختبرتها.

ويشارك في «حكايات سميرة» مجموعة كبيرة من الممثلين ليجسّدوا بطولة حكايات سميرة الخيالية. ومن الموضوعات التي تتناولها المسرحية سنّ الأربعين والصراعات التي يعيشها صاحبها. وكذلك تحكي عن علاقات الحماة والكنّة والعروس الشابة. فتفتح باب التحدث عن موروثات وتقاليد تتقيّد بها النساء. كما يطرح العمل قضية التحرّش عند الرجال ومدى تأثيره على شخصيتهم.

مسرحية «حكايات سميرة» عن العلاقات الاجتماعية (شادي الهبر)

مجموعة قصص صغيرة تلوّن المسرحيتين لتشكّل الحبكة الأساسية للنص المُتّبع فيها. ويشير الهبر إلى أنه اختار هذا الأسلوب كونه ينبع من بنية «مسرح شغل بيت».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «مسرحنا قائم على المختبر التمثيلي والتجارب فيه. وأردت أن أعطي الفرصة لأكبر عددٍ ممكن من متابعي ورش العمل فيه. فبذلك يختبرون العمل المسرحي ويُبرزون مواهب حرفية يتحلّون بها. وما حضّني على اتباع الأسلوب القصصي هو اتّسام قصصهم بخبراتهم الشخصية. فيضعونها تحت الضوء ضمن تجربة مسرحية جديدة من نوعها. فأنا من المخرجين المسرحيين الباحثين باستمرار عن التّجدد على الخشبة. لا أخاف الإخفاق فيه لأني أُخزّن الخبرة من أي نتيجة أحصدها».

ويوضح شادي الهبر أنه انطلاقاً من موقعه مُخرجاً يرمي إلى تطوير أي عمل مكتوب يتلقاه من طلّابه. «أطّلع عليه لأهندسه على طريقتي، فأبتعد عن السطحية. كما أرنو من خلال هذا التّطوير لجذب أكبر عدد ممكن من المجتمع اللبناني على اختلاف مشاربه». ويتابع: «وكلما استطعت تمكين هؤلاء الطلاب ووضعهم على الخط المسرحي المطلوب، شعرت بفرح الإضافة إلى خبراتهم».

ويختم الهبر حديثه مشجعاً أيّ هاوي مسرح على ارتياد ورش عمل «مسرح شغل بيت»، «إنها تزوده بخبرة العمل المسرحي، وبفُرص الوقوف على الخشبة، لأنني أتمسك بكل موهبة أكتشفها».