تحركات عسكرية تركية قرب منبج

أنقرة تؤكد أنها لن تتراجع عن العملية العسكرية في شرق الفرات

مقاتلون من المعارضة السورية في بلدة كراتا قرب جرابلس على الحدود مع تركيا أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون من المعارضة السورية في بلدة كراتا قرب جرابلس على الحدود مع تركيا أمس (أ.ف.ب)
TT

تحركات عسكرية تركية قرب منبج

مقاتلون من المعارضة السورية في بلدة كراتا قرب جرابلس على الحدود مع تركيا أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون من المعارضة السورية في بلدة كراتا قرب جرابلس على الحدود مع تركيا أمس (أ.ف.ب)

أرسلت أنقرة، أمس، تعزيزات إلى حدودها مع سوريا؛ بحسب تقارير إعلامية أشارت إلى أن نحو مائة مركبة بينها شاحنات «بيك أب» مزودة بمدافع رشاشة وأسلحة، تشق طريقها إلى المنطقة.
وتأتي التحركات العسكرية بعد أيام من تصريحات للرئيس التركي رجب طيب إردوغان قال فيها إن بلاده ستؤجل عملية عسكرية مزمعة ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية في شمال سوريا بعد أن قررت الولايات المتحدة سحب قواتها من سوريا.
وقالت وكالة «دمير أورين» التركية إن الرتل التركي المتجه نحو بلدة كلس الحدودية في إقليم هطاي جنوب تركيا، يشمل دبابات ومدافع «هاوتزر» وأسلحة رشاشة وحافلات تقل أفرادا من القوات الخاصة. وأضافت أن جزءا من العتاد العسكري والجنود سينتشرون في نقاط على الحدود، فيما عبر البعض إلى داخل سوريا عن طريق منطقة البيلي. وتقع البيلي على بعد 45 كيلومترا من مدينة منبج في شمال سوريا والتي كانت سببا للتوتر بين أنقرة وواشنطن.
ولم تتمكن «رويترز» من التحقق بشكل مستقل من سبب إرسال التعزيزات، فيما لم يتسن الوصول لمسؤولين أتراك للتعليق.
من جهته، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «نحو 35 دبابة وغيرها من الأسلحة الثقيلة على متن ناقلات مدرّعات عبرت معبر جرابلس الحدودي، وتوجهت التعزيزات إلى منطقة تقع قرب نهر الساجور بين جرابلس ومنبج لا تبعد كثيراً عن الخطوط الأمامية، حيث يتمركز المقاتلون الأكراد في «مجلس منبج العسكري».
بدوره، أكد مسؤول في فصيل محلي مسلح معارض للنظام السوري وموال لتركيا وصول هذه التعزيزات. وقال المسؤول للوكالة، مشترطاً عدم نشر اسمه، إنّ القوات التركية طلبت أيضاً من الفصائل الموالية لها «إعلان حالة التأهّب، من دون أن تطلب منها التوجّه إلى المنطقة التي أرسلت إليها التعزيزات».
إلى ذلك عبرت الهيئة العليا للمفاوضات السورية عن تأييدها الاستعانة بتركيا، لملء الفراغ الذي سينتج عن الانسحاب الأميركي من سوريا. وقال رئيس الهيئة، نصر الحريري، في سلسلة تغريدات عبر «تويتر»، أمس: «ندعم بقوة فكرة أن يتم الانسحاب التدريجي بالتعاون والتنسيق الكامل مع الجيش الوطني (مكون من فصائل سورية معارضة)، وتركيا والفاعلين المحليين من أهالي المنطقة، لمنع هذه المآلات الخطيرة».
وجاء تعليق الحريري بعد ساعات من تغريدات للرئيس الأميركي دونالد ترمب فتح فيها الباب أمام ملء تركيا الفراغ في شرق الفرات، قائلاً إنه «ينبغي على الدول المحلية الأخرى، مثل تركيا، أن تكون قادرة على الاعتناء بكل ما تبقى. ونحن عائدون إلى الوطن».
وتوصلت تركيا والولايات المتحدة في يونيو (حزيران) الماضي لاتفاق يقضي بانسحاب «وحدات حماية الشعب» من المنطقة، لكن تركيا شكَت من تأخر التنفيذ.
إلى ذلك، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية في حكومة الوفاق الوطني الليبية محمد طاهر سيالة بالعاصمة طرابلس، أمس، إنه ما من أحد يستطيع منع بلاده من «القضاء على الإرهابيين في مناطق شرق الفرات والشمال السوري».
وانتقد الوزير التركي استقبال بعض الدول الأوروبية (في إشارة إلى فرنسا) ممثلين للأكراد في سوريا، قائلا: «إذا كانت هذه المباحثات ترمي إلى حماية حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري وحزب العمال الكردستاني بعد انسحاب الولايات المتحدة من سوريا، فعليهم ألا ينسوا أنه لا أحد يستطيع منعنا من تدمير (الإرهابيين) وتطهير منطقة شرق الفرات منهم». وتابع: «سنقوم بتطهير مناطق شرق الفرات من الإرهابيين، كما قمنا بالقضاء على أكثر من 4 آلاف عنصر إرهابي من (داعش)» عبر عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون».
وفي السياق ذاته، قال جاويش أوغلو إنه تقرر تأجيل عملية شرق الفرات حتى لا تحدث اضطرابات أثناء انسحاب القوات الأميركية من سوريا، وإن أنقرة ستنسق مع واشنطن بشأن عملية الانسحاب، وإنه تم تشكيل 3 لجان ستجتمع في واشنطن في يناير (كانون الثاني) المقبل لبحث مسألة التنسيق في الانسحاب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.