بقايا «داعش» في العراق وسوريا... الخطورة مستمرة

التنظيم شرع في تجديد نشاط خلاياه النائمة

قوات مكافحة الإرهاب العراقية ترفع علم «داعش» مقلوباً أمام مسجد النوري الذي دمره التنظيم في مدينة الموصل (أ.ف.ب)
قوات مكافحة الإرهاب العراقية ترفع علم «داعش» مقلوباً أمام مسجد النوري الذي دمره التنظيم في مدينة الموصل (أ.ف.ب)
TT

بقايا «داعش» في العراق وسوريا... الخطورة مستمرة

قوات مكافحة الإرهاب العراقية ترفع علم «داعش» مقلوباً أمام مسجد النوري الذي دمره التنظيم في مدينة الموصل (أ.ف.ب)
قوات مكافحة الإرهاب العراقية ترفع علم «داعش» مقلوباً أمام مسجد النوري الذي دمره التنظيم في مدينة الموصل (أ.ف.ب)

صادف التاسع من ديسمبر (كانون الأول) ذكرى مرور عام على إعلان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، هزيمة تنظيم داعش في العراق، وتحرير آخر معقل له فيها، إلا أن ذلك لا يعني على أية حال التخلص من وجوده، إذ يحاول التنظيم بلا هوادة لملمة أشلائه. وقد أشارت عدة تقارير مؤخراً إلى أن تنظيم داعش قد شرع في تجديد نشاط خلاياه النائمة وجيوبه في سوريا والعراق، وبالأخص في المناطق الحدودية بينهما، كما حذر عدد من المسؤولين من بقايا «داعش» وتصرفاته وقد خفت وهجه.
أكد رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود برزاني، في مؤتمر صحافي، أن «داعش» لم ينتهِ، وأنه قد عاد إلى بعض المناطق بشكلٍ أسوأ من ذي قبل، وأن خطره بات أكثر من السابق، فيما قال قائد العمليات المشتركة للعمليات الخاصة في العراق وسوريا، الجنرال باتريك روبرسون، إن تنظيم داعش ينتهج محاولات مستميتة للقتال بعد أن تم طرد أعضائه من مناطق نفوذهم السابقة، التي كانت تحت اسم «الخلافة المزعومة»، بالأخص بعد أن نفدت مصادرهم التي كانت تعتمد من قبل على الضرائب والنفط.
يذكر أن «قوات سوريا الديمقراطية» سيطرت على بلدة هجين، التي تعد من أهم معاقل تنظيم داعش في منطقة دير الزور في سوريا، والتي اندلعت فيها في الفترة الأخيرة اشتباكات قوية بين التنظيم المتطرف و«قوات سوريا الديمقراطية»، فيما ذكرت هذه القوات أن التنظيم لا يزال يحوي ما يصل إلى 5 آلاف داعشي قرب الحدود مع العراق، الأمر الذي يثير من جديد إشكالية أن التغلب على الخلافة الداعشية أو «تنظيم الدولة» لا يعني التخلص من التطرف، واجتثاث مسبباته، إذ إن ذلك يستلزم استراتيجيات بعيدة المدى، خصوصاً مع تحول استراتيجيات التنظيم إلى ما يشبه «حرب العصابات»، مما يطيل أمد الصراع، ويجعله لا يعتمد على مناطق محدودة، كما في السابق، إذ لم يقر تنظيم داعش بهزيمته، واستمر في معاركه المستميتة، وفي سعيه لاستقطاب وتجنيد المتعاطفين معه، الأمر الذي سهل على التنظيم تفعيل هجماته، لا سيما في ظل انعدام وجود استقرار أمني وسلطة مركزية قوية.
وفي حين أشارت السلطات العراقية إلى شروع التنظيم في إعادة هيكلته، والاعتماد على غير العراقيين كقادة للتنظيم، بعد أن قتل عدد كبير من قادته خلال الغارات الجوية من قبل قوات التحالف، وتهجير وفرار آخرين منهم خارج المناطق التي كانت بحوزتهم من قبل، الأمر الذي دفع «داعش» للتركيز على عمليات القتل واختطاف الرهائن، سواء من المدنيين أو حتى المساجين، واستخدام المتفجرات، وإن واتت التنظيم الفرصة، بث كل ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من أجل إثبات استمراريته، رغم الضغوطات التي تواجهه.

استراتيجيات دقيقة
في تقرير لرئيس الشؤون الاستراتيجية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، يذكر أنتوني كوردسمان أن السلطات الأميركية بحاجة لوضع استراتيجيات وقرارات دقيقة في ما يخص مستقبل حروبه في أفغانستان والعراق وسوريا واليمن، إضافة إلى صراعه مع التطرف والإرهاب بصفة عامة، ومع إيران، حيث لا يوجد أي علامات لوجود «انتصار» في هذه المناطق، إلا إن تم التخلص من المخاطر الحالية على الصعيد العسكري، وكذلك من خلال قدرة الدول على إيجاد سياسات تمكنها من إفشاء السلام والاستقرار، والنهوض.
كما ذكر كوردسمان، في التقرير ذاته، أن التخلص من الخلافة الداعشية وحده ليس دليلاً على الفوز في الحرب ضد الإرهاب في كل من سوريا والعراق، إذ إنه من الصعب معرفة عدد أعضاء تنظيم داعش، ممن سيتمكنون من البقاء في سوريا والعراق، أو العدد الذي سوف يتمكن من الاستمرار في الصراع، سواء من خلال هذا التنظيم أو ولادة تنظيم جديد.
وقد أشار تقرير كوردسمان إلى أن العمليات الإرهابية المنفذة من قبل تنظيم داعش تشكل 30 في المائة فقط من العمليات الإرهابية في سوريا، خلال الفترة من 2000 إلى 2017، بينما الحرب الأهلية في سوريا اندلعت خارج المناطق التي استحوذ عليها «داعش»، وتحديداً في المناطق التي استحوذت عليها إيران و«حزب الله»، والقوات الداعمة لنظام بشار الأسد، إضافة إلى وجود عدد من «المتطرفين» ممن يمتلكون جذوراً أو انتماءً سابقاً لتنظيم «القاعدة»، الأمر الذي يعكس مدى تعقيد القدرة على تحقيق الاستقرار في مناطق الصراع، حيث لا يرتبط ذلك فقط بمحاربة تنظيم داعش عسكرياً.

تمكين العراق
وأكد كوردسمان أن تحقيق الاستقرار في العراق يعني أهمية وجود سلام بين الأعراق والمذاهب المختلفة، بما فيها الأكراد «المتطرفين» الذين لديهم روابط في مناطق في سوريا وتركيا، مشيراً إلى أن الهجمات الإرهابية في العراق من قبل تنظيم داعش تشكل 39 في المائة من إجمالي الهجمات لعام 2016، و43 في المائة من إجمالي هجمات عام 2017 فقط، وقد يكون ذلك نتيجة الغارات المكثفة من قبل قوات التحالف على التنظيم، مما أفقده قدرته على الهيمنة في العمليات الإرهابية، إذ مضى يلملم أشلاءه، ويحاول استعادة قوته، الأمر الذي يعني أن العمليات العسكرية لمجابهة تنظيم داعش وحدها لن تكفي لإيقاف التطرف والإرهاب، أو ظهور تنظيمات إرهابية أخرى، إذ لا بد من دعم الحكومة العراقية من أجل تمكينها من مواجهة المخاطر، سواء الآتية من دول أخرى تحاول التسبب في إرباك الأمن، أو ميليشيات تسعى لزعزعة الأمن الداخلي.
وهو أمر يشبه ما حدث مع تنظيم القاعدة في السابق، حيث توقع المحللون والخبراء في مجال مكافحة الإرهاب انتهاء التنظيم في أعقاب الإعلان عن وفاة مؤسسه أسامة بن لادن عام 2011، لا سيما أن تنظيم القاعدة كان في ذلك الوقت أكثر مركزية، وهو ما يختلف عن تنظيم داعش الذي تعمد عدم إبراز قادته في وسائل الإعلام، واستقطاب المتعاطفين، والتركيز على «الشعبوية»، أو استقبال الجنسيات والتوجهات المختلفة من البشر، مما أدى إلى تعدد جنسياته، لتضم حتى الأوروبيين منهم، وذلك يختلف عن تنظيم القاعدة الذي اتصف بتقنين أعضائه إلى عرب وأفغان، وعدم استقبال المتعاطفين مع التنظيم من الجنسيات الأخرى، وهو ما دأب على النجاح فيه.

دعم الذئاب
نجح تنظيم داعش منذ نشاطه الذي تبلور في عام 2014 في استغلال العالم الإلكتروني في بث عملياته، واستقطاب المتعاطفين من جنسيات مختلفة، وبأعداد كبيرة، الذين انضموا للتنظيم نتيجة افتتانهم بفكرة «الخلافة الداعشية»، ووجود رقعة جغرافية في سوريا والعراق تعد أشبه بملاذ لجميع «المتطرفين»، أو في ما بعد حين تمكن من استقطاب وتجنيد «الذئاب المنفردة» في كثير من الدول، دون الحاجة لإرسالهم إلى معسكرات تدريبية، أو التورط بتفشي أماكن وجودهم، حتى تغلب في قدراته التقنية على تنظيم القاعدة الذي ولد منه، واستمر في دعمه لفكرة «الذئاب المنفردة» خارج مناطق الصراع، حيث لا يستلزم ذلك بذل مجهود كبير، وإنما الاكتفاء بالدعم المعنوي، ومن ثم نسب عمليات إرهابية شعواء أشبه بالإجرامية لأشخاص مختلين عقلياً يقومون بطعن المارة أو دهسهم، والتسبب في بلبلة وإقلاق للمدنيين، وسيظل اسم التنظيم الداعشي مؤرخاً في قدرته على تجنيد أعداد كبيرة من المنضمين إليهم، وجعله دول العالم تتحالف من أجل التخلص من هذا التنظيم الذي تفشى حتى وصل إلى أجزاء بعيدة من العالم.
إلا أن استهداف قوات التحالف لتنظيم داعش قد تتيح الفرصة لنهوض تنظيمات أخرى، أبرزها تنظيم القاعدة. وقد طرح مركز راند للدراسات الاستراتيجية من جهته وجود سيناريو محتمل، يتمحور حول استغلال تنظيم القاعدة ما حدث مؤخراً من محاربة تنظيم داعش من أجل تقوية قدراته ولملمة صفوفه، ومن ثم استقطاب المزيد من المتعاطفين معه، لا سيما أنه يبدو التنظيم الأقل شراسة، إذا ما قورن بـ«داعش»، الأمر الذي قد يمكنه من الظهور بقالب أكثر عقلانية وخيار أفضل للمتعاطفين.

داعش والقاعدة
حرص تنظيم القاعدة منذ بداية عهده على استخدام سياسة «كسب القلوب والأفئدة» في تعامله مع المدنيين، بل وسعى لإعادة البناء في عدة مناطق كان يستحوذ عليها، مثل ما حدث في السابق في العراق، قبل أن يسيطر تنظيم داعش على تلك المناطق، الأمر الذي قد يقنع البعض، خصوصاً أن «القاعدة» كان حريصاً منذ البداية على أن يوضح أن حربه هي على الغرب فقط، فيما قام «داعش» بشن هجمات شرسة على كل من يخالفه، بما في ذلك المدنيين المسلمين الذين قام بتكفيرهم، وتطبيق العقوبات عليهم وإبادتهم، وقد تفشى في عهد التنظيم الداعشي ما هو أشبه بظاهرة المجازر الجماعية، وستقوم منظمة الأمم المتحدة بإجراء تحقيقات في مطلع 2019 حول الانتهاكات التي ارتكبها «داعش» في العراق، حيث تم الكشف عن ما يزيد على 200 مقبرة جماعية، تضم أكثر من 12 ألف جثة، حيث تبنى مجلس الأمن في عام 2017 قراراً بالإجماع من أجل التمهيد لتحقيق يهدف إلى محاكمة عناصر تنظيم داعش عن الجرائم التي تم ارتكابها.
كل ذلك يؤكد ضرورة وضع آليات لما بعد تفكيك الجماعات المتطرفة، وتسوية أوضاع ما تبقى منها، بالأخص مع وجود نساء وأطفال لأعضاء التنظيمات، الأمر الذي يتطلب إعادة تأهيل «المتطرفين» من أجل دمجهم في المجتمعات القادمين منها، سواء كانوا ينتمون لمناطق الصراع أو أجانب ينتمون لدول أخرى، فيما تظل الإشكالية الأهم هي ضرورة إعادة بناء المناطق التي تدمرت نتيجة الحرب على الإرهاب، وتمكين الدول التي تعاني من التطرف من إيجاد سياسات تؤهلها لأن تواجه هذه المخاطر ذاتياً.



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».