استقالة ماتيس تثير قلقاً في إسرائيل

باعتباره المتعقل الأخير في الإدارة الأميركية

TT

استقالة ماتيس تثير قلقاً في إسرائيل

أثارت استقالة وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، قلقاً في صفوف القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية، واعتبروه «المتعقل الأخير في الإدارة الأميركية». ورأى بعضهم، في أحاديث داخلية، أن الحدث «ضربة، ليس لإسرائيل الدولة والجيش فحسب، بل أيضاً ضربة شخصية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو»، مؤكدين أنه سيكون مضطراً الآن إلى «التسليم الكلي لترمب وانفلاته السياسي».
وكان ماتيس قد ألغى زيارة رسمية لإسرائيل، يفترض أن تتم في الأسبوع الأول من السنة الجديدة، للبحث في الأوضاع الأمنية في الشرق الأوسط بشكل عام والأوضاع في سوريا بشكل خاص ومجابهة الوجود الإيراني فيها ونشاط «حزب الله». وقد تم الإعداد لهذه الزيارة بعدة اتصالات بين وفود من الطرفين في كل من تل أبيب وواشنطن. وإلغاؤها يترك أثره بشكل مباشر على ما تم إنجازه من خطط مشتركة. وحضور وزير جديد قد يؤدي إلى العودة من جديد إلى البحث في هذه الأمور.
وقال محرر الشؤون السياسية في صحيفة «يديعوت أحرونوت» شيمعون شيفر، إن «مسؤولين سياسيين يقولون إن هذه (الضربة) في أسوأ توقيت بالنسبة لنتنياهو، في ظل ملفات الفساد التي تلاحقه، والانتخابات التي تدق على الأبواب، علاوة على الاحتجاجات على غلاء المعيشة».
وحسب مراسل صحيفة «هآرتس» في واشنطن حيمي شليف، فإن «استقالة ماتيس والإعلان المفاجئ عن الانسحاب من سوريا يهز واشنطن، ويطلق صافرات الاستغاثة في عدة عواصم في العالم، حيث ينظر إلى الاستقالة على أنها إزالة للحاجز الأخير أمام النزوات غير المتوقعة للرئيس الأميركي دونالد ترمب، كما تشير إلى عدم استقرار خطير في المستقبل». وبعد إبعاد وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون، ومستشار الأمن القومي هربرت ماكماستر، ومع المغادرة القريبة لكبير موظفي البيت الأبيض جون كيلي، فإن ماتيس يعتبر «معقل العقلاء الأخير»، حيث كان ينظر إليه بوصفه «الحاجز الأخير أمام النزعات الانعزالية والمتقلبة لترمب، التي تترك أثرها في السياسة الإسرائيلية مباشرة».
وأضاف شليف أن «موجات هذه الصدمة ستضرب إسرائيل أكثر من غيرها»، إذ «علقت إسرائيل تحت قيادة بنيامين نتنياهو كل آمالها على الدعم الأميركي المتواصل والثابت. والرأي العام الإسرائيلي كان في المكان الأول في العالم بفضل ترمب. ومن شأن الساعات الـ48 الأخيرة أن تزعزع ثقة الجمهور الإسرائيلي بقوة الدعم الأميركي. ونتنياهو الذي بالغ في كيل المديح لترمب، لدرجة أنه وصفه بالصديق الأكبر لإسرائيل، قد يتلقى ضربة سياسية صعبة في أسوأ توقيت بالنسبة له».
وبحسب شليف، فإن استقالة ماتيس تعمق مخاوف المستوى الأمني. فـ«الجنرال المخضرم، الذي لصق به لقب الكلب المجنون اتضح على العكس من ذلك، ذو خطاب عقلاني مسؤول، تحدث بلغة عملية وبراغماتية مقبولة على الجنرالات وكبار المسؤولين الأمنيين»، ذلك أنه، إضافة إلى آخرين استقالوا، كان قد «بدد المخاوف التي عششت في وسط كثيرين في الجهاز الأمني من تسليم نتنياهو الكلي الذي ينبع من عقيدة ونرجسية أكثر مما ينبع من اعتبارات سياسية متروية للرئيس الأميركي المتهور والخليع».
واعتبر أن «الجمهور الإسرائيلي، بتشجيع من نتنياهو، تجاهل حتى اليوم الخنوع المثير للتساؤل لترمب تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقسوته تجاه الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة، ومعالجته المثيرة للسخرية للأزمة مع كوريا الشمالية، وتودده للطغاة وتحامله على القادة المنتخبين، إذا لم نشأ الحديث عن أزماته القضائية، وتوجهه الانعزالي والقومي المتطرف، وتصريحات العلنية الفظة وغلاظته».
وبحسبه، فإن خيبة الأمل من ترمب لن تمس بثقة عناصر اليمين، فطالما ينظر إليه كمن يعزز سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية ويدفع الفلسطينيين إلى الهامش، فسوف يظل اليمين العميق يضع ثقته به، رغم أن هذه النظرة قد تتغير عندما تنشر خطته للسلام (ما يطلق عليها «صفقة القرن»). لكن هذا لا يريح نتنياهو، الذي يشغل نفسه بقضايا كثيرة لكنه يعتمد بشكل أساسي على الرئيس ترمب، ويجد نفسه في وضع ضبابي ومثل ترمب يواجه التحديات من جميع الجهات. ومع الانتخابات الجديدة التي ستجري خلال 11 شهراً، ومواجهة البت في ملفاته القضائية، علاوة على موجة الاحتجاج المتصاعدة بسبب ارتفاع غلاء المعيشة، فإن تجربة نتنياهو في الشؤون الخارجية والأمنية، التي يشكل تحالفه مع ترمب المدماك الأساسي فيها، كان يفترض أن تتغلب على كل ذلك، ولكن الرئيس الذي يدير ظهره لأمن إسرائيل، وإدارته آيلة للسقوط، من شأنه أن يبدد كل ذلك.
ويلفت شليف النظر إلى أنه «عندما صرح أوباما بأن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تكون شرطي العالم، نظرت إسرائيل إلى ذلك كتأكيد قاطع على توجهه الساذج بشكل عام، والمعادي لإسرائيل بشكل خاص. ولكن عندما يصرح ترمب بالشيء نفسه، فإن تصريحاته تتناقض مع الطابع المتملق لنتنياهو بشأن الدعم المطلق لترمب. وهذا يفاجئ الإسرائيليين ويخيفهم. فقد اعتاد نتنياهو على القول إن ترمب يقف بقوة خلف إسرائيل، وبوجوده تكون قوية أكثر ومعزولة أقل». ولكن، بعد الانسحاب من سوريا، واستقالة ماتيس، وسيطرة ترمب على السياسة الخارجية والأمنية، فإن إسرائيل ستبدو قريباً «ضعيفة ومعزولة أكثر مما سبق».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.