أبحاث علمية لوضع «أطلس الخلايا البشرية»

في عام 2003 نجح العلماء في ترجمة شفرة الجينوم البشري، لكن الدراسات لم تتمكن حتى الآن من تعداد جميع الخلايا في جسم الإنسان. وكل ما نقوم به ابتداء من الحركة إلى التفكير وهضم الطعام إلى النوم، جميعه يعتمد على مجموعة كبيرة من الخلايا المختلفة مثل كريات الدم الحمراء بشكلها الكروي، أو الخلايا العصبية ذات الشكل المغزلي التي تؤلف العضلات... والقائمة تطول. وهذه الوحدات التخصصية تتجمع مع بعضها لتكون الأنسجة والأعضاء ومن ثم الكائن الحي، إلا أن الكثير منها تبقى غامضة.
- تفكيك الإنسان
يقول العلماء إن هناك 27 تريليون خلية في جسم الإنسان وإنهم الآن يحققون في طبيعة عمل تلك الخلايا. ويشيرون إلى أن معرفة الخلايا تعني معرفة الحياة، فإذا كنا لا نعرف أيا منها ولا نعرف كيف تعمل فإننا لا نفهم شيئا في البيولوجيا.
لأكثر من 150 عاما صنف الباحثون الخلايا بجميع الطرق: حجمها وشكلها وموقعها في الجسم. وحديثا صنفوا نوع البروتينات التي تنتجها. لكن في كل مرة يلاحظ الباحثون ظهور اختلافات كبيرة، وقد زاد عدد الخلايا المتباينة. ويؤمل أن يستخدم أطلس الخلايا البشرية طريقة أكثر قوة لتصنيف الخلايا بالاعتماد على الجينات داخل الخلية، حيث إن جميع خلايا الجسم تحتوي على نسخ متطابقة من الشفرة الوراثية. وعند معرفة أي الجينات نشطة وعلى أي المستويات، عندها يمكن مقارنة جينومات البشر والفهم الأكثر للتغيرات الجينية المشاركة.
- أطلس الخلايا
سوف يتم إعداد أطلس الخلايا البشري Human Cell Atlas (HCA) من الخرائط المرجعية الشاملة لكل خلايا البشر، وهي الوحدات الأساسية للحياة كأساس لفهم العمليات البيولوجية الأساسية للإنسان وتشخيص ورصد وعلاج الأمراض. وسوف يساعد الأطلس العلماء لفهم كيف تؤثر المتغيرات الوراثية على خطورة المرض وتحديد سموم الأدوية واكتشاف أفضل العلاجات وتقدم الطب التجديدي.
وسوف يجتمع معا لوضع الأطلس خبراء في علم الأحياء والطب وعلم الجينات وتطوير التكنولوجيا وحساباتها، بما فيها تحليل البيانات وهندسة البرمجيات والتصوير.
وسوف يحتاج الخبراء أيضا إلى أساليب تجريبية وحسابية موحدة من شأنها أن تسمح للمقارنة بين أنواع مختلفة من الخلايا والأنسجة والعينات عبر المجتمعات البشرية بطرق متناسقة وضمان أن يكون المورد الناتج عالميا بالفعل.
سوف يشارك أكثر من 1000 عالم في هذا المشروع يمثلون 584 مؤسسة من 55 بلدا بما فيها الإكوادور وكينيا ونيجريا وروسيا. وسيكون الاتحاد الدولي المتعدد الذي يؤسس أطلس الخلايا البشرية مفتوحا وتعاونيا، ويجمع الخبراء مع بعضهم لتشكيل شبكات تركز على المواضيع البيولوجية.
وقد نجح العلماء بالفعل في إنجاز بعض هذه الشبكات مثل أطلس الخلايا المناعية وأطلس الخلايا التنموية وأطلس الخلايا الجلدية. وقد انضم العلماء من جميع أنحاء العالم بحماس إلى مشروع الأطلس من خلال الاجتماعات ومن خلال وسائل الإعلام للمساعدة في تصميم المجهود والمشاركة فيه.
- خلايا مفردة
وعلى غرار خرائط غوغل التي تتعرف على السمات الجغرافية مثل القارات والبلدان والمدن والشوارع والمنازل سوف تقوم خرائط أطلس الخلايا البشرية على تكبير الجزيئة والصفات التنظيمية للأعضاء والأنسجة والخلايا البشرية.
المسودة الأولى للأطلس، وهو محور الكتاب الأبيض White Paper سوف توضح طبيعة 30 إلى 100 مليون خلية معزولة ومن داخل النسيج من الأنسجة الرئيسية. وقد صدر الكتاب الأبيض في 18 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017 وقام بكتابته لجنة مؤلفة من الباحثين.
ولكي نفهم حقا كيف تعمل أجسادنا، فإننا بحاجة إلى أن يكون باستطاعتنا تحديد الخلايا بانفراد ضمن الأنسجة، وقد شهدت السنوات الخمس الماضية تقدما كبيرا في تقنيات تحديد المواقع.
في جامعة ستانفورد في كاليفورنيا وصفت تقنية تسلسل الخلايا المفردة كجزء لا يتجزأ من عينة أنسجة ثلاثية الإبعاد. إلا أن هذه الطرق لا يمكن أن تتعامل حتى الآن مع العدد الهائل من الخلايا والجينات البشرية التي يحتاج أطلس الخلايا إلى تحليلها.
وسوف يتم تخزين العينات التي تأتي من مجموعة من المصادر من صالات العمليات إلى بنوك الأنسجة، وفحصها في وقت لاحق. وفي نهاية المطاف فإن الأطلس سيجمع البيانات من الكثير من المختبرات المتعلقة بعضو واحد، ما يساعد الباحثين على إجراء التحاليل التي تشمل جميع المعلومات الحديثة.
- ما هي الخلية؟
> معظم الخلايا غير مرئية للعين المجردة لكن من دونها لا توجد حياة. كان أول من شاهد الخلايا العالم الإنجليزي روبرت هوك عندما كان ينظر لشرائح من الفلين من خلال المجهر الذي صنعه بنفسه في عام 1660 وسماها الخلايا. ولم يلاحظ العلماء من بعده لأكثر من 200 عام أهمية تلك الخلايا. والخلايا هي أكثر الوحدات الأساسية في كل الكائنات المجهرية الحية أهمية.
تحتوي خلايا الإنسان على الكثير من التراكيب مثل النواة التي توجد فيها جميع الجينات والميتوكوندريا المسؤولة عن توليد الطاقة والشبكة الاندوبلازمية التي تقوم بتخليق البروتينات والدهون. وتتمثل أهمية خلايا الإنسان في تنوعها، وأصغرها الحيوان المنوي (الحيمن) الذي لا يزيد طوله على 50 ميكرومترا مقارنة بالبويضة التي يبلغ قطرها مليمتر واحد أو 1000 ميكروميتر، وبالكاد ترى بالعين المجردة.