قوى «8 آذار» تحمّل جبران باسيل مسؤولية عدم تشكيل الحكومة

تراجع حظوظ تأليفها قبل رأس السنة... وسحب اسم جواد عدره من التداول

لقاء سابق للوزير جبران باسيل مع الرئيس سعد الحريري
لقاء سابق للوزير جبران باسيل مع الرئيس سعد الحريري
TT

قوى «8 آذار» تحمّل جبران باسيل مسؤولية عدم تشكيل الحكومة

لقاء سابق للوزير جبران باسيل مع الرئيس سعد الحريري
لقاء سابق للوزير جبران باسيل مع الرئيس سعد الحريري

تعرضت عملية تأليف الحكومة اللبنانية لانتكاسة جديدة بعد أن كان الجميع ينتظر ولادتها اليوم، ليتبين أن ثمة ثلاث عقد تمتع تأليفها، بل تهدد بعودة الأمور إلى «المربع الأول»، خصوصاً إذا لم تتم حلحلة العقد سريعاً.
وقالت مصادر متابعة لعملية التشكيل إن العقدة الأولى تتمثل بتمثيل نواب «اللقاء التشاوري» الذي يضم 6 نواب سنّة متحالفين مع «حزب الله»، حيث يصر رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل على اعتبار المرشح جواد عدره عضواً في تكتله الوزاري، ما أدى في نهاية المطاف إلى تخلي «اللقاء التشاوري» عن تسمية عدره. أما العقدة الثانية، فتمثلت بمحاولة باسيل الحصول على وزير ماروني من حصة «القوات اللبنانية» بحيث تنال «القوات» مقعداً مارونياً واحداً، وهو ما ترفضه بشدة. أما العقدة الثالثة فتتمثل بمحاولة باسيل إجراء تبادل في الحقائب للحصول على حقيبة البيئة، وهو ما قوبل برفض شديد من رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي تعتبر الوزارة من حصته.
وحمّلت قوى «8 آذار» الوزير باسيل مسؤولية التعثر في تشكيل الحكومة، التي يبدو أنها لن تشكل خلال الأسبوع الأخير من العام الحالي، إثر اصطدام المبادرة الأخيرة برفض باسيل أن يكون مرشح التسوية من حصة «اللقاء التشاوري»، وهو ما دفع «اللقاء» لسحب اسم جواد عدره من التداول من دون أن يطرح «اللقاء» اسماً جديداً. وقال أحد أعضاء «اللقاء» لـ«الشرق الأوسط» إنه لا عجلة للتسمية مجدداً، بانتظار حلحلة العقدتين الأخريين.
وتعتبر مصادر «8 آذار» أن باسيل يخوض المعركة الحكومية منذ «الأزمة الدرزية» للحصول على 11 وزيراً من حصته في الحكومة الثلاثينية، وهو ما يُصطلح عليه بـ«الثلث المعطِّل».
وقالت مصادر بارزة في قوى «8 آذار» لـ«الشرق الأوسط» إن مرشح التسوية هو جواد عدرة، موضحةً أن وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل «قام بالتفاف على التسوية، وأراد احتساب عدرة من حصته، وليس من حصة «اللقاء التشاوري»، بحجة أن تمثيله في الحكومة سيكون من حصة الرئيس عون، ويجب أن يُحسب عليه وليس على (اللقاء التشاوري)».
وأضافت المصادر: «هذه النظرية لا تستقيم مع المنطق. فتمثيله من أي حصة لا يعني أنه سيكون وزيراً محسوباً عليها، بل من حصة (اللقاء التشاوري)»، مشيرة إلى أن «اللقاء» رضي أن يكون عدره ممثلاً عنهم، رغم أنه ليس منهم، وذلك لتسهيل ولادة الحكومة، لكن «باسيل وضع معياراً آخر؛ إما أن يكون من حصته أو لا حكومة».
وأعربت المصادر عن اعتقادها أنه «من الآن وحتى بداية السنة، قد لا تكون هناك حكومة جديدة، فلا يبدو أن إعلانها يلوح في الأفق بعد أن عطل باسيل إعلانها». وقالت المصادر: «تبين أن باسيل يعطل الحكومة منذ خمسة أشهر، إثر النقاش على الحصة الدرزية، كي يحصل على 11 وزيراً في الحكومة. واليوم تتعزز هذه المعطيات إثر الالتفاف على مبادرة تمثيل «اللقاء التشاوري»، ويعطل إعلانها للوصول إلى 11 وزيراً». وقالت: «باسيل أنهى مبادرة اللواء إبراهيم التي كانت تقرب إمكان إعلان الحكومة»، مضيفة: «كان يمكن أن يصدر عدره بياناً يعلن فيه أنه يمثل (اللقاء التشاوري)، فيُعلن تشكيل الحكومة بموجب مبادرة اللواء إبراهيم».
وفي السياق نفسه، تعتبر مصادر مواكبة لـ«الشرق الأوسط» أن المخرج الذي كان مطروحاً بإعلان المرشح التسووي أنه يمثل «اللقاء التشاوري» كان يمكن أن يمثل مخرجاً للأزمة الحكومية، حتى لو كان إعلانه شكلياً «بالنظر إلى أن أي وزير بمفرده لا يستطيع أن يتخذ قرارات كبرى، أما الشكليات في الإعلان فتنطلق من جهد لحفظ ماء الوجه، كي لا يخرج أي طرف من الأزمة مهزوماً أو مكسوراً».
وسحب نواب «اللقاء التشاوري» أمس اسم جواد عدره كمرشح تسوية يمثلهم في الحكومة، وذلك بعد اجتماع مطول عُقِد في منزل النائب عبد الرحيم مراد. وقال النواب في بيان: «بعد ظهور قطب مخفية أصبحت اليوم علنية، فإن (اللقاء) ذهب في الانفتاح والإيجابية حتى النهاية، وبادر إلى الاتصال بالسيد جواد عدرة طالباً منه أن يكون ممثلاً «للقاء التشاوري» حصراً في حال جرى توزيره، ولكن السيد عدره طلب مهلة ومهلتين وعدة مهل، وبما أن الخطوة أتت من جواد عدره؛ أنه لا يعتبر نفسه ممثلاً حصرياً للقاء التشاوري فإن منطق الأمور يقودنا إلى إعلان سحب تسمية جواد عدره».
وتحدثت معلومات عن اتجاه لطرح اسم مدير البروتوكول في مجلس النواب علي حمد كمرشح تسوية لتمثيلهم في الحكومة. وكان قد تقدّم سابقاً بهذا الاسم النائب قاسم هاشم إضافة لاسم عدره.
وعقد لقاء لم يدم أكثر من ربع ساعة بين النائب فيصل كرامي وعدره لم يخلص إلى حلول لجهة التمثيل بين «اللقاء التشاوري» ورئيس الجمهورية. وأكد كرامي أن «كل الأمور قيد البحث».
وانضمّت مشكلة احتساب مرشح التسوية من حصة الفرقاء، إلى مشكلة أخرى تمثلت في خلط الأوراق الحكومية، عبر مطالبة باسيل بمبادلة وزير كاثوليكي من حصته، بوزير ماروني من حصة «القوات»، وهو ما رفضته «القوات»، فضلاً عن تحفظه على احتفاظ الوزير سليم جريصاتي بوزارة العدل رغم أنه مرشح رئيس الجمهورية، كما قالت مصادر مواكبة، إضافة إلى طروحاته لمبادرة حقيبة «الإعلام» بـ«البيئة»، وهي محاولات اصطدمت برفض رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط للتعديلات والتغييرات.

- تحذيرات سياسية
وتلاشت حظوظ تشكيل الحكومة قبل عيد الميلاد، إثر المعطيات الأخيرة، ودفعت كثيراً من القوى السياسية لإطلاق جرس الإنذار مرة أخرى.
واعتبر نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال غسان حاصباني أن «ما حصل أخيراً بالنسبة إلى تشكيل الحكومة لا يبشر بالخير، والصدقية أمام الشعب اللبناني فقدت، فكل ما يقال أصبح غير قابل للتصديق». ولفت إلى أن «ما يهمنا أن تكون الحكومة فاعلة وهذا ما يسعى إليه الرئيس المكلف سعد الحريري وهو يعي أننا بحاجة إلى إصلاحات (سيدر) للنهوض بلبنان».
وأشار رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة إلى «ابتداع لمشكلات من أجل تأخير تشكيل الحكومة والتذاكي على الناس، لكنها لا تقنع أحداً». وقال: «أعتقد أن هناك حاجة لإنجاز التأليف والتوجه بسرعة نحو المعالجات الكبيرة الضرورية التي يجب على هذه الحكومة أن تتولى القيام بها... الحقيقة أتساءل: لماذا كل هذا التأخير وهذه الأشهر السبعة؟ هذه مضيعة للوقت وللجهد، وبالتالي لا تؤدي إلى أي نتيجة. أعتقد أن علينا أن نسرع في عملية تشكيل هذه الحكومة حتى نتوجه كلنا إلى المعالجة الواجبة والضرورية لهذه الشؤون».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.