إيران تعدم «سلطان القطران» لإدانته بالفساد

التاجر حميد رضا باقري درمني المعروف بـ«سلطان القطران» أثناء محاكمته في طهران (وكالة أرنا)
التاجر حميد رضا باقري درمني المعروف بـ«سلطان القطران» أثناء محاكمته في طهران (وكالة أرنا)
TT

إيران تعدم «سلطان القطران» لإدانته بالفساد

التاجر حميد رضا باقري درمني المعروف بـ«سلطان القطران» أثناء محاكمته في طهران (وكالة أرنا)
التاجر حميد رضا باقري درمني المعروف بـ«سلطان القطران» أثناء محاكمته في طهران (وكالة أرنا)

أعدمت إيران تاجراً يعرف باسم «سلطان القطران» أدين بتهم التزوير والتهريب واسع النطاق للمنتجات النفطية، وذلك ضمن حملة تشنها طهران «قمعاً للفساد»، وسط أوضاع اقتصادية متردية بعد سلسلة احتجاجات ضد الفساد وتدهور الوضع المعيشي.
وحميد رضا باقري درمني هو ثالث رجل أعمال يتم إعدامه منذ إطلاق الحملة ضد الفساد الصيف الماضي.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية، نقلاً عن وكالة «ميزان» التابعة للقضاء الإيراني، بأن درمني أدين بتهم «الإفساد في الأرض»، لحصوله على 10 تريليونات ريال (أكثر من مائة مليون دولار بسعر الصرف الحالي) عبر «الاحتيال والتزوير والرشى».
وأوقف درمني أولاً في أغسطس (آب) 2014، وواجه اتهامات بتزوير وثائق عقارية للحصول على قروض مصرفية. ثم استخدم شركات كواجهة لإنتاج أكثر من 300 ألف طن من القطران، أثقل منتجات النفط، المستخدم في عملية رصف الطرق، وهو يشكّل أحد أكثر الأعمال التجارية ربحية في إيران.
ووفقاً لتقارير إيرانية، فإن درمني واحد من التجار الذين شاركوا في عملية التحايل على العقوبات الأميركية في زمن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد. وتتهم السلطات درمني أيضاً بأنه على صلات برجل الأعمال بابك مرتضى زنجاني، الذي ينتظر تنفيذ حكم الإعدام بحقه بعد إدانته باختلاس 2.7 مليار دولار، بينما كان يساعد الحكومة على تفادي العقوبات الدولية.
وأكّد القضاء الإيراني أنّ درمني حصل على القروض بتسهيل من المدیر التنفيذي السابق محمود رضا خاوري، الذي أدين بالفساد غيابياً العام الفائت بعد هروبه إلى كندا في بداية أزمة اختلاس كبرى هزت البلاد.
وتسلم القضاء الإيراني شكاوى من شركة «نفط جي» للبتروكيمياويات و«بنك ملي» و«بنك السياحة» وعدد من محلات الصيرفة في طهران.
وعرض التلفزيون الإيراني خبر إعدام درمني، السبت، ترافقه موسيقى تصويرية مرتبطة بأفلام التشويق وفيلم وثائقي كامل عن جرائمه.
لكن قبل أسبوع من تنفيذ الإعدام بحقه، نشر موقع «سحام نيوز» المقرب من الزعيم الإصلاحي مهدي كروبي تسجيلاً صوتياً لدرمني وهو يخاطب المرشد الإيراني علي خامنئي، قائلاً إنه «ضحية لعبة سياسية بين رئيس البرلمان علي لاريجاني والرئيس السابق محمود أحمدي نجاد».
واتهم «سحام نيوز» الإصلاحي، رئيس القضاء، بالثأر من درمني، وذلك بعد أسبوع من إعلان وكالات إيرانية إحباط محاولة لتهريبه من السجن.
وتحاول السلطات الإيرانية قمع شبكات «مخربي الاقتصاد» المكونة من مهربين ووسطاء يستخدمون الأسواق لجمع الدولارات وقطع الذهب من أجل رفع الأسعار.
وفي أغسطس (آب)، أُجبر الرئيس الإيراني حسن روحاني على التنازل عن محافظ البنك المركزي ولي الله سيف، بسبب سوء إدارته لأزمة الريال، وأوقف مساعده المكلف النقد الأجنبي أحمد عراقجي وهو ابن شقيق مساعد وزير الخارجية عباس عراقجي.
والشهر الفائت، أعدمت إيران شخصين، أحدهما تاجر يعرف باسم «سلطان العملات» أدين بتنظيم عملية مهمة للاتجار بالذهب بلغت مئات ملايين الدولارات، وشريكه، وذلك عبر الاستفادة من ارتفاع طلب المدخرين على خلفية أزمة العملة الوطنية.
وأدانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أيام انتهاكات إيران لحقوق الإنسان. وحسب تقرير الأمم المتحدة، فإن إيران تحتل الرتبة الأولى عالمياً في تنفيذ الإعدام من حيث السكان.
ويعاني الاقتصاد الإيراني بشدة منذ انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق النووي الدولي المبرم مع طهران في 2015، وإعادة فرض عقوبات على طهران، خصوصاً في قطاع النفط.
وخسرت العملة الإيرانية أكثر من 70 في المائة من قيمتها مقابل الدولار.



عملية تجسس كبرى: كيف جندت إيران إسرائيليين ضد دولتهم؟

صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات
صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات
TT

عملية تجسس كبرى: كيف جندت إيران إسرائيليين ضد دولتهم؟

صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات
صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات

أثار اعتقال إسرائيل لما يقارب 30 مواطناً، معظمهم يهود، للاشتباه بأنهم تجسسوا لصالح إيران ضمن تسع خلايا سرية، قلقاً داخل الدولة، ويعد أحد أكبر الجهود التي بذلتها طهران منذ عقود لاختراق خصمها الرئيس اللدود، وفقاً لأربعة مصادر أمنية إسرائيلية.

ومن بين الأهداف التي لم تتحقق للخلايا المزعومة كانت اغتيال عالم نووي إسرائيلي ومسؤولين عسكريين سابقين، وجمع معلومات عن قواعد عسكرية ودفاعات جوية، وفقاً لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت).

وذكر جهاز الأمن الداخلي، الذي يعرف أيضاً باسم الشاباك، والشرطة الأسبوع الماضي أن فريقاً مكوناً من أب وابنه نقل تفاصيل عن تحركات لقوات إسرائيلية، بما في ذلك في هضبة الجولان حيث يعيشان.

ونقلت وكالة «رويترز» عن المصادر الأربعة، التي تضم مسؤولين عسكريين وأمنيين حاليين وسابقين، أن الاعتقالات جاءت بعد جهود متكررة من عملاء استخبارات إيرانيين على مدى عامين لتجنيد إسرائيليين من المواطنين العاديين لجمع معلومات استخباراتية وتنفيذ هجمات مقابل المال.

وطلبت المصادر عدم الكشف عن أسمائها نظراً لحساسية الأمر.

وقال شالوم بن حنان وهو مسؤول كبير سابق في الشاباك «هناك ظاهرة كبيرة هنا»، في إشارة إلى ما أسماه العدد المفاجئ من المواطنين اليهود الذين وافقوا عن علم على العمل لصالح إيران ضد الدولة من خلال جمع المعلومات الاستخباراتية أو التخطيط للتخريب والهجمات.

ولم يرد الشاباك ولا الشرطة الإسرائيلية على طلبات للتعليق. كما لم ترد وزارة الخارجية الإيرانية على الأسئلة.

وفي بيان أرسل إلى وسائل إعلام بعد موجة الاعتقالات، لم تقدم بعثة إيران لدى الأمم المتحدة تأكيداً أو نفياً لسعي طهران إلى تجنيد إسرائيليين، وقالت إنه «من وجهة نظر منطقية» فإن أي جهود من هذا القبيل من جانب أجهزة الاستخبارات الإيرانية ستركز على أفراد غير إيرانيين وغير مسلمين لتقليل الشكوك.

وقالت الشرطة والشاباك إن اثنين على الأقل من المشتبه بهم ينتمون إلى مجتمع اليهود المتزمتين دينياً في إسرائيل.

موتي مامان المتهم بتجنيده من قبل إيران لتنفيذ مخطط اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي أو وزير الدفاع أو رئيس جهاز الأمن العام (رويترز)

الفئات المستهدفة

وعلى النقيض من عمليات تجسس إيرانية في العقود السابقة تمت من خلال تجنيد رجل أعمال بارز ووزير سابق في الحكومة فإن معظم الجواسيس المشتبه بهم الجدد أشخاص مهمشون في المجتمع الإسرائيلي، ومن بينهم مهاجرون وصلوا حديثاً وهارب من الجيش ومدان بجرائم جنسية، وفقاً للمصادر ولسجلات قضائية وتصريحات رسمية.

وقال جهاز الشاباك إن الكثير من نشاط هؤلاء المشتبه بهم كان يقتصر على نثر شعارات معادية لنتنياهو أو للحكومة على الجدران وإلحاق الضرر بسيارات.

القلق من التوقيت

ومع ذلك فإن حجم الاعتقالات وتورط مثل هذا العدد من اليهود الإسرائيليين بالإضافة إلى المواطنين العرب تسبب في حالة من القلق في إسرائيل وسط استمرار الحرب مع حركة «حماس» المدعومة من إيران في قطاع غزة وهشاشة اتفاق وقف إطلاق النار مع جماعة «حزب الله» في لبنان.

وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول) قال الشاباك إن أنشطة التجسس الإيرانية تعد «من أخطر الأنشطة التي شهدتها دولة إسرائيل».

كما جاءت الاعتقالات في أعقاب موجة من محاولات القتل والاختطاف التي تم الربط بينها وبين طهران في أوروبا والولايات المتحدة.

وقال بن حنان إن القرار غير المعتاد بتقديم تقارير علنية مفصلة عن المؤامرات المزعومة يشكل خطوة من جانب أجهزة الأمن الإسرائيلية لتحذير إيران وكذلك تحذير المخربين المحتملين داخل إسرائيل بأنه سيتم الوصول إليهم.

وقال «ينبغي تنبيه الجمهور. وينبغي أيضاً تقديم العبرة لمن قد يكون لديهم أيضاً نيات أو خطط للتعاون مع العدو».

صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لحرق سيارات من قِبل عملاء جندتهم إيران

نجاحات إسرائيل الاستخباراتية

وحققت إسرائيل نجاحات استخباراتية كبيرة على مدى السنوات القليلة الماضية في حرب ظل مع خصمتها الإقليمية، بما في ذلك قتل عالم نووي كبير. وقال مسؤول عسكري إنه مع الاعتقالات الأخيرة أحبطت إسرائيل «حتى الآن» جهود طهران للرد.

وتسببت الهجمات الإسرائيلية على جماعة «حزب الله» اللبنانية، وكيل إيران في لبنان، والإطاحة ذات الصلة بحليف طهران الرئيس السوري السابق بشار الأسد في إضعاف إيران.

أساليب التجنيد

قالت الشرطة الإسرائيلية في مقطع فيديو نُشر في نوفمبر (تشرين الثاني) إن وكالات الاستخبارات الإيرانية غالباً ما تجد مجندين محتملين على منصات التواصل الاجتماعي، محذرة من محاولات تسلل مستمرة.

وتكون جهود التجنيد مباشرة في بعض الأحيان. وتعد إحدى الرسائل المرسلة إلى مدني إسرائيلي والتي اطلعت عليها «رويترز» بتقديم مبلغ 15 ألف دولار مقابل الحصول على معلومات مع بريد إلكتروني ورقم هاتف للاتصال.

وقال أحد المصادر، وهو مسؤول كبير سابق عمل في جهود إسرائيل لمكافحة التجسس حتى عام 2007، إن إيران تتصل أيضاً بشبكات المغتربين من اليهود من دول القوقاز الذين يعيشون في كندا والولايات المتحدة.

وقالت السلطات الإسرائيلية علناً إن بعض المشتبه بهم اليهود هم في الأصل من دول القوقاز.

وقال المسؤول السابق إن الأفراد المجندين يتم تكليفهم أولاً بمهام تبدو غير ضارة مقابل المال، قبل مطالبتهم تدريجياً بمعلومات استخبارية محددة عن أهداف، بما في ذلك عن أفراد وبنية تحتية عسكرية حساسة، مدعومين في ذلك بتهديد بالابتزاز.

صورة نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية لفلاديسلاف فيكتورسون وصديقته آنا بيرنشتاين بعد توقيفهما

قضية فيكتورسون

وأُلقي القبض على أحد المشتبه بهم الإسرائيليين، فلاديسلاف فيكتورسون (30 عاماً)، في 14 أكتوبر مع صديقته البالغة من العمر 18 عاماً في مدينة رامات جان الإسرائيلية قرب تل أبيب. وكان قد سُجن في عام 2015 بتهمة ممارسة الجنس مع قاصرات لا تتجاوز أعمارهن 14 عاماً وفقاً للائحة اتهام للمحكمة منذ ذلك الوقت.

وقالت إحدى معارف فيكتورسون لـ«رويترز» إنه أخبرها أنه تحدث إلى إيرانيين باستخدام تطبيق «تلغرام» للتراسل. وقالت إن فيكتورسون كذب على المتعاملين معه بشأن تجربته العسكرية. ورفض أحد معارفه الكشف عن اسمه بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة.

وقال إيجال دوتان محامي فيكتورسون لـ«رويترز» إنه يمثل المشتبه به مضيفاً أن الإجراءات القانونية ستستغرق وقتاً وأن موكله محتجز في ظروف صعبة. وأوضح دوتان أنه لا يمكنه الرد إلا على القضية الحالية، ولم يدافع عن فيكتورسون في محاكمات سابقة.

أنشطة التخريب

وقال جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) والشرطة إن فيكتورسون كان يعلم أنه يعمل لصالح المخابرات الإيرانية، ويقوم بمهام تشمل الكتابة على الجدران وإخفاء أموال وتوزيع منشورات وحرق سيارات في هياركون بارك بتل أبيب والتي تلقى مقابلها أكثر من 5000 دولار. وأظهرت التحقيقات أنه وافق لاحقاً على تنفيذ اغتيال لشخصية إسرائيلية، وإلقاء قنبلة يدوية على منزل، والسعي للحصول على بنادق قنص ومسدسات وقنابل يدوية.

وقالت الأجهزة الأمنية إنه جنّد صديقته التي كُلفت بتجنيد المشردين لتصوير المظاهرات.