تركيا ستنسق مع أميركا حول انسحابها من سوريا

TT

تركيا ستنسق مع أميركا حول انسحابها من سوريا

قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن تأجيل بلاده شن عملية عسكرية في شرق الفرات لا يعني التخلي عن مواجهة وحدات حماية الشعب الكردية، الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري.
واعتبر جاويش أوغلو أن تأجيل العملية العسكرية في شرق الفرات عقب إعلان الولايات المتحدة الانسحاب من سوريا هو «أمر منطقي» لتجنب حدوث اضطراب أثناء انسحاب القوات الأميركية من المنطقة، لافتاً إلى أن ذلك «لا يعني أننا نتخلى عن إصرارنا أو عن العمليات التي سننفذها لاحقا».
وأكد الوزير التركي، في مقابلة تلفزيونية ليل الجمعة - السبت، ضرورة التنسيق بين أنقرة وواشنطن بشأن عملية الانسحاب من سوريا، مشيراً إلى إنشاء 3 مجموعات عمل بين تركيا والولايات المتحدة، ستجتمع في واشنطن، في يناير (كانون الثاني) المقبل، لبحث انسحاب القوات الأميركية من سوريا، وسبل التنسيق بين الجانبين التركي والأميركي، وأنه اتفق مع الأميركي مايك بومبيو، في آخر اتصال هاتفي بينهما على استمرار التنسيق بين بلديهما في المرحلة المقبلة. وأشار إلى أن القرار الأميركي بالانسحاب من سوريا، اتخذه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد اتصاله الهاتفي مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي جرى الجمعة قبل الماضي.
وبشأن ما إذا كانت تركيا تعتزم شن عملية ضد «داعش» خلال الأيام المقبلة، قال جاويش أوغلو إنه «لا فرق بالنسبة لتركيا بين «داعش» والوحدات الكردية أو أي تنظيم إرهابي آخر»، وهي مصممة على مكافحتها جميعا، كما تولي أهمية كبيرة للحفاظ على وحدة الأراضي السورية واستقرارها، ولذلك تشعر بالانزعاج من الدعم المقدم إلى وحدات حماية الشعب الكردية.
وأشار إلى أن بلاده كانت تهدف لإنجاز خريطة طريق منبج شمال سوريا في 90 يوماً، كما كان مقررا، قائلا إنه رغم أن التوقيع جرى في 4 يونيو (حزيران) الماضي، فإنّ ما تحقق حتى الآن غير مُرضٍ لتركيا، لافتاً إلى أن السبب في ذلك لا يرجع لأنقرة وإنما لواشنطن.
وعن عملية سحب أسلحة الميليشيات الكردية، أشار إلى أن الأميركيين يقولون على الدوام إن لديهم الأرقام المسلسلة لهذه الأسلحة، وإنهم سيقومون بجمعها، واستدرك: «من غير الممكن سحب جميع الأسلحة، إلا أننا أخبرنا الجانب الأميركي بشكل واضح بما نتوقعه بهذا الخصوص».
كان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قال، أول من أمس، إن بلاده ستتولى المعركة ضد تنظيم داعش في سوريا مع سحب الولايات المتحدة قواتها من هناك، وسوف تؤجل مؤقتا خططا لشن هجوم على المقاتلين الأكراد في شرق الفرات.
وقالت قوات «سوريا الديمقراطية» (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة والتي تتصدرها وحدات حماية الشعب الجمعة إنها ستضطر لسحب مقاتليها من المعركة ضد تنظيم داعش لحماية أراضيها في حال وقوع هجوم تركي.
وأضاف إردوغان: «أرجأنا عمليتنا العسكرية في شرق الفرات حتى نرى على الأرض نتيجة القرار الأميركي بالانسحاب من سوريا»، مؤكدا أنها ليست «فترة انتظار مفتوحة» قائلا إن أنقرة استقبلت البيانات الأميركية بقدر متساوٍ من الترحيب والحذر بسبب «التجارب السلبية» في الماضي.
في سياق متصل، قال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو إن عدد السوريين الذين عادوا إلى بلادهم عقب عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون اللتين نفذتهما تركيا بالتعاون مع فصائل من الجيش السوري الحر الموالية لها، بلغ 291 ألفا و790 شخصا.
وأضاف صويلو، خلال اجتماع حول الهجرة في ولاية إدرنه شمال غربي تركيا أمس، أن تركيا تستضيف نحو 4.5 مليون أجنبي بينهم 3.6 ملايين يخضعون للحماية الدولية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».