الديب محامي مبارك يعيد اللغط في مصر حول «ثورة يناير»

وصفها بـ«المؤامرة».. واتهم الشباب بـ«ازدراء الدستور»

المحامي فريد الديب
المحامي فريد الديب
TT

الديب محامي مبارك يعيد اللغط في مصر حول «ثورة يناير»

المحامي فريد الديب
المحامي فريد الديب

أثارت مرافعة دفاع الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك أمس جدلا كبيرا في الأوساط السياسية والاجتماعية، وذلك بعد أن شن المحامي فريد الديب هجوما حادا على ثورة 25 يناير، واصفا إياها بـ«المؤامرة»، وهو ما عقب عليه عدد من الخبراء والفقهاء بالقول لـ«الشرق الأوسط» إن ثورة يناير مذكورة وبـ«إشادة بالغة» في الدستور المصري الجديد، ولا يصح الهجوم عليها بهذا الشكل، مؤكدين أن الديب حول دفاعه إلى «مرافعة سياسية» متجاوزا حيثيات القضية إلى «شطحات لا داعي لها»، وذلك وسط تصاعد مطالبات سياسية بمحاكمة الديب بتهمة ازدراء الثورة والدستور. ورأى الديب في جلسة القضية أمس أن ثورة يناير «مؤامرة أجنبية ضد الدولة المصرية»، وأن جماعة الإخوان المسلمين استغلت الغضب الشعبي في تحقيق مآرب وأهداف خاصة بها للاستيلاء على الحكم وإسقاط الدولة المصرية إنفاذا لـ«مخطط أميركي» لإعادة تقسيم دول الشرق الأوسط وتخريب دول المنطقة، وأن التنظيم الدولي للإخوان كان أحد «أذرع» ذلك المخطط.
واستمعت المحكمة أمس إلى دفاع مبارك فيما يعرف إعلاميا بـ«قضية القرن»، والتي يتهم فيها مبارك ونجلاه علاء وجمال وآخرون بالاشتراك بطريق التحريض على قتل المتظاهرين لإجهاض الثورة، وارتكاب جرائم فساد مالي. وصرحت المحكمة بمغادرة مبارك وإعادته إلى مستشفى المعادي للقوات المسلحة لتلقي العلاج بصورة عاجلة، وذلك بعدما أصيب بحالة إعياء مفاجئة تطلبت إخراجه من قفص الاتهام بعد ساعة من بدء مرافعة الدفاع عنه.
وقال الديب إن «الرئيس مبارك لاقى من العنت الكثير على مدى أكثر من ثلاث سنوات، تحلى خلالها بالصبر إزاء حملات التشويه والإساءة والظلم له ولأفراد أسرته»، وأنه أجرى عمليات إصلاح اقتصادي وسياسي واسعة وتدريجية، ودعم حرية الصحافة. كما دعم استقلال القضاء. كما رأى الديب أن مبارك لم يتستر طوال عهده على فساد أو انحراف لأي شخص أو مسؤول مهما كبر منصبه.
وفي خلال مرافعته، قال الديب: «لقد ظهرت واتضحت بالأدلة - التي لا يرقى إليها الشك - الحقائق التي كان قد جرى طمسها، والتي تدل دلالة قاطعة على أن ما حاق بمصر خلال الفترة من 25 يناير 2011 وحتى 30 يونيو 2013 كان حلقة من حلقات مؤامرة كبرى على المستويين الدولي والمحلي، تستهدف تدمير البلد الآمن وإشاعة الفوضى والرعب والاضطراب بين أبنائه وإغراقه في بحور من الدم المصري الزكي، وفرض سيطرة جماعة الإخوان الإرهابية على السلطة وإقامة دويلات بين أراضيها».
وذكر الديب أن المشاركين في أحداث يناير كانت مطالبهم شتى، وهو الأمر الذي ينفي عن تلك الأحداث وصف «الثورة»، التي تصدر عن الشعب من البداية دون تدخل أجنبي لهدف محدد هو تغيير نظام الحكم والدستور.
وتسببت دفوع الديب في إثارة ردود فعل شعبية وسياسية واسعة، إذ استنكر عدد من فقهاء القانون والدستور ما جاء فيها من تشكيك في كون ثورة يناير ثورة شعبية مكتملة الأركان.
وقال الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة وأستاذ القانون الدستوري، وهو مقرر لجنة الخمسين التي أشرفت على وضع الدستور المصري الجديد، لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا الحديث لا يمكن قبوله على الإطلاق، فثورة يناير هي ثورة شعبية خالصة واجهت استبداد وفساد نظام حكم أفقر الشعب، وأوصل الدولة إلى ما هي عليه». ويرى نصار أن الدفاع في القضية «لا يتطلب مثل هذه الشطحات»، على حد قوله.
وقال نصار إن «المحكمة هي من يقدر خروج المحامي عن القانون من غير ذلك في إطار دفاعه عن موكله، وإذا ما كان ما قاله الديب هو رأي نختلف أو نتفق حوله، أو أنه جريمة ضد الدستور».
من جانبه، أوضح الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، انزعاجه من حديث الديب عن ثورة يناير والطعن عليها من أجل الدفاع عن موكله، مستغربا من موجة الهجوم على ثورة يناير رغم أن الدستور أكد أنها «الثورة الأم»، التي سرقتها جماعة الإخوان قبل أن يسترد الشعب ثورته في 30 يونيو، مما يعني وجود تكامل بين الحدثين. مشيرا إلى أن «شبكة المصالح المرتبطة بالنظام القديم هي التي تردد أن ما حدث في يناير كان مؤامرة وأن ثورة يونيو هي ثورة على 25 يناير، لكن الشعب المصري لن يستسلم لتلك الأحاديث».
وأوضح نافعة لـ«الشرق الأوسط» أن مرافعة الديب تأتي في إطار دفاع محام عن موكله بـ«كل الوسائل»، لكن «المرافعة كانت سياسية وليست قانونية، وكانت أقرب إلى عريضة اتهام لثورة يناير منها إلى دفاع حقيقي عن التهم الموجهة إلى مبارك». مطالبا الادعاء العام والنيابة بأن «تفند كل ما ساقه الدفاع في حديثه عن الثورة، دفاعا عن الشعب المصري وعن قضاياه».
على صعيد ذي صلة، تصاعد أمس عدد من المطالبات السياسية والشعبية بمحاكمة الديب بتهمة «ازدراء ثورة 25 يناير»، وأوضحت قوى سياسية مصرية أن ما ساقه الديب يعد من قبيل «إهانة الشعب المصري وشهدائه»، وخاصة أن كل من حكم مصر عقب ثورة يناير اعترف بها وبأنها ثورة شعبية كاملة متكاملة.



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.