حين كان يتولى تدريب مانشستر يونايتد ظل جوزيه مورينيو يدعي بانتظام أن النادي غير قادر على مواكبة الأندية المنافسة في الدوري الإنجليزي الممتاز في إبرام صفقات ضم لاعبين جدد. لكن الأمر الأكثر أهمية هو طبيعة تلك الصفقات التي أبرمها المدرب البرتغالي والتي بلغت قيمتها 400 مليون جنيه إسترليني منذ وصوله في 2016. «الغارديان» تلقي الضوء على الأسباب التي أدت إلى سوء نتائج مانشستر يونايتد في الموسم الحالي رغم الإنفاق على هذه الصفقات.
- خط الدفاع
في وقت من الأوقات كان الانطباع العام تجاه المدرب جوزيه مورينيو أنه ربما لا يقدم كرة جذابة، لكنه ينجح في إنجاز المهمة. داخل ريال مدريد بدأ هذا الأمر يتغير. وظل السؤال قائماً حول السبب وراء هوسه بالاعتماد على ثلاثة لاعبي خط وسط يقومون بدور «المساك»، حتى أمام الفرق الأضعف؟ ومع هذا ظلت المشكلة الحقيقية متعلقة بخط الهجوم، فالفرق التي تولى مورينيو تدريبها لم يدخل شباكها كثير من الأهداف. إلا أن الوضع تبدل مع مانشستر يونايتد تحت قيادة مورينيو، فقد سكن شباكه 29 هدفاً خلال 17 مباراة بالدوري هذا الموسم قبل مباراة كارديف في المرحلة الثامنة عشرة التي انطلقت الجمعة، وهو أسوأ خامس سجل على مستوى الدوري. ورغم هذا، يبقى الوضع على الأرض أسوأ بكثير. هناك اعتقاد واسع بأن حارس المرمى ديفيد دي خيا قد فقد مكانته كأفضل حارس مرمى في الدوري الإنجليزي الممتاز. ومع هذا، فقد أنقذ مرماه من محاولات تسجيل أهداف أكبر من جميع حراس المرمى الآخرين ببطولة الدوري فيما عدا ثلاثة حراس فقط، بمعنى أن السجل الدفاعي لمانشستر يونايتد كان من السهل أن يصبح أسوأ من ذلك بكثير.
كانت مؤشرات الخطر موجودة بالفعل الموسم الماضي، في وقت نجح أربعة حراس مرمى فقط في إنقاذ مرماهم من محاولات تسجيل أكثر عن دي خيا. ورغم أن مانشستر يونايتد دخل مرماه 28 هدفاً فقط الموسم الماضي، وهو سجل أفضل عن أي فريق آخر فيما عدا مانشستر سيتي، لكن تفوق دي خيا ربما أخفى بعض المشكلات في الفريق. من جانبه، يلقي مورينيو من دون شك باللوم على لاعبي الفريق، وفي الصيف أثار جلبة كبيرة حول حاجة الفريق للاعب في مركز قلب الدفاع، لكن النادي لم يحقق مطلبه قط. ومع هذا، أنفق النادي 60 مليون جنيه إسترليني خلال عامي 2016 و2017 على ضم الظهير الأيمن الإيفواري إريك بيلي والمدافع السويدي فيكتور ليندولف، وهما لاعبان لم يقدما أداءً مقنعاً على الإطلاق. ولم تساعد الإصابات الفريق ـ وكذلك لم يساعده مورينيو والذي تسببت صفقاته وتغييره المستمر للأفراد والمعلومات في حالة من الاضطراب داخل الفريق.
- الضغط
بطبيعة الحال ليس لزاماً على الجميع اللعب بالأسلوب ذاته، وواحدة من السمات الجميلة في عالم كرة القدم حقيقة أنه ليس هناك سبيل واحد صحيح للعب، وإنما هناك الكثير من التفسيرات المختلفة. ومع هذا، فإنه في وقت تبدي جميع الفرق الأوروبية الكبرى قدرتها على ممارسة ضغوط هائلة على الفرق المنافسة، يبرز تردد مورينيو إزاء الضغط داخل الملعب على نحو لافت للغاية. وربما في كل الأحوال كان الاعتماد على كرة القدم التي تشكل رد فعل، والتمركز في العمق، واستدعاء الضغط من الفريق المنافس مع السعي لشن هجمات مضادة كانوا ليخلقوا مشكلات داخل نادي مثل مانشستر يونايتد يسود الافتراض بأنه يتبع أسلوباً هجومياً في اللعب. إلا أن المشكلات تفاقمت في ظل الوضع الواهن لخط الدفاع على مدار الموسم، ولم تعد النتائج تبرر الاستمرار في ذلك التوجه.
- غياب التحركات التلقائية
خلال الموسم الأول لأنطونيو كونتي في تشيلسي، سئل إدين هازارد حول الفارق بين كونتي وسلفه مورينيو. وأجاب اللاعب أن كونتي عمل على «التحركات التلقائية»، عبر تصميم سلاسل ثابتة وتحركات بعينها عندما يسمح الموقف. أما مورينيو فقد رفض ذلك لإيمانه بأن كرة القدم تتسم بطابع شديد العشوائية لا يسمح بإعداد تحركات ثابتة، وإنما كان مورينيو يسعى لتنمية مستوى من الإدراك للمباراة لدى لاعبيه يجعلهم يتخذون القرارات الصحيحة من تلقاء أنفسهم (على الأقل حسب اعتقاده).
للأسف لم يتحقق ذلك وكانت النتيجة أن مانشستر يونايتد عندما كان يستحوذ على الكرة كان غالباً ما يبدو متحيراً بعض الشيء. ورغم مرور لحظات من التفوق الواضح عندما كان مانشستر يونايتد يهيمن على خصومه خلال الدقائق الـ20 الأخيرة من المباراة حتى خلال هذا الموسم، نادراً ما عكس أداء الفريق حالة من الطلاقة الحقيقية.
- غياب الاستجابة
أمام ليفربول، الأحد الماضي، تحول مورينيو من الاعتماد على ثلاثة لاعبين في خط الدفاع إلى أربعة في الشوط الثاني، واستبعد ديوغو دالوت الذي بدا واعدا في مركز الظهير الجناح بالجانب الأيمن من الملعب. وفي غيابه، انطلق ظهير ليفربول الأيسر آندي روبرتسون بحرية على امتداد الجانب الأيمن. وقد أشار مورينيو إلى مدى براعة اللاعب في وقت لاحق عندما أثنى على أداء لاعب ليفربول الدولي الاسكوتلندي. ومع هذا، لم يظهر مورينيو في أي وقت محاولته سد هذه الثغرة. هل كانت تلك خدعة متعمدة، وأن مورينيو قرر أنه من الأفضل غلق منطقة الوسط حتى لو كان ذلك يعني ترك الجانبين مفتوحين (الأمر الذي سيكون بمثابة اعتراف صادم بالضعف من جانب مدرب لمانشستر يونايتد)؟ أم أن هذا كان مجرد نتيجة عجز أو الأمل في أن اللاعبين إذا ما كان قد نجح في غرس أسلوب التفكير الصحيح بداخلهم، سيتمكنون من اتخاذ القرارات الصائبة والتعامل مع الموقف؟ في كل الأحوال، لم يفلح الأمر.
- سانشيز - لوكاكو
خلال فترة وجود مورينيو في مانشستر يونايتد، كانت هناك الكثير من الصفقات المثيرة للجدل ـ أين فريد؟ هل رآه أي شخص في الفترة الأخيرة؟ ومع هذا، ربما يكون النموذج الأمثل على ضعف التقدير فيما يتعلق بصفقات اللاعبين الجدد هو ألكسيس سانشيز، فكيف كان من المفترض أن يعمل مع روميلو لوكاكو؟ داخل آرسنال والمنتخب التشيلي، بلغ سانشيز أفضل مستويات أدائه عندما كان يعمل كقناة بين قلب الهجوم والجناح الأيسر، سواء كان يتحرك من الداخل نحو الخارج أو العكس. ويتطلب تيسير هذه المهمة وجود لاعب قلب هجوم متحرك قادر على التمركز في العمق بسهولة. إلا أن لوكاكو ليس هذا النمط من اللاعبين، فهو قادر على الانطلاق الهجومي من مساحة واسعة في الوسط، مثلما فعل ببعض الفاعلية في صفوف المنتخب البلجيكي أمام البرازيل في كأس العالم. إلا أن الأسلوب الذي استغله به مانشستر يونايتد كلاعب يقوم بمهام صاحب القميص رقم 9 بصورة تقليدية أكبر، لم يترك مساحة لسانشيز كي يتمكن من الانطلاق الهجومي.
- بروتوكول فيلايني
في أعقاب خسارة مانشستر يونايتد أمام مانشستر سيتي بنتيجة 3 - 1 الشهر الماضي، قال مورينيو: «أتخيل أنه عندما كانت النتيجة 2 - 1 لو أننا تمكنا من الدفع بفيلايني نشط، لكان ذلك خلق أمامهم مشكلات كبيرة للغاية». في كثير من الوقت كانت تلك سياسته هذا الموسم: إبقاء المباراة محكمة، ثم الدفع بمروان فيلايني على أمل أن يفلح حجمه وقوته الهجومية في إنجاز شيء ما. وأحياناً ينجح هذا الأمر، مثلما حدث أمام يوفنتوس، لكن مسألة أن هذه كانت في أغلب الوقت الاستراتيجية الوحيدة واضحة المعالم التي اتبعها مورينيو، تكشف أمورا كثيرة خطيرة. قبل أي شيء هذا مانشستر يونايتد، النادي الأكثر ثراء في العالم من حيث الدخل، وبالتالي كان المرء ليفترض أن لديه خطة أكثر حبكة عن مجرد الدفع بفتى ضخم البنية في لحظات متأخرة من المباراة.
من دفاع كارثي إلى ألكسيس سانشيز... أين أخفق مورينيو؟
النموذج الأمثل على صفقات المدير الفني الفاشلة هو شراء اللاعب التشيلي
من دفاع كارثي إلى ألكسيس سانشيز... أين أخفق مورينيو؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة