تضارب فلسطيني ـ إسرائيلي بشأن مصير الجندي المختفي

ترجيحات بأن «القسام» تناور.. أو أنه قتل مع خاطفيه

تضارب فلسطيني ـ إسرائيلي بشأن مصير الجندي المختفي
TT

تضارب فلسطيني ـ إسرائيلي بشأن مصير الجندي المختفي

تضارب فلسطيني ـ إسرائيلي بشأن مصير الجندي المختفي

نفت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وجود جندي إسرائيلي مختطف لديها، وذلك بعد أكثر من 12 ساعة على إعلان إسرائيل أن الحركة اختطفته، وجاء ذلك فيما تواصل إسرائيل عمليات قصف وبحث عن جنديها في مدينة رفح الحدودية جنوب القطاع.
وقالت «القسام» في بيان إنه لا علم لها بموضوع الجندي المفقود شرق رفح ولا بمكان وجوده أو ظروف اختفائه. وأضافت: «فقدنا الاتصال بمجموعة المجاهدين التي توجد في أحد الكمائن خلال توغل الاحتلال شرق رفح، ونرجّح أنّ جميع أفراد هذه المجموعة قد استشهدوا في القصف الإسرائيلي بمن فيهم الجندي الذي يتحدث الاحتلال عن اختفائه، على افتراض أنّ هذه المجموعة من مقاتلينا قد أسرت هذا الجندي أثناء الاشتباك». وتابعت: «إن ما حدث شرق رفح منذ فجر الجمعة، هو أنّ قوات الاحتلال - مستغلة الحديث عن وقف إطلاق النار الإنساني المفترض - توغّلت ليلا بعمق يزيد على كيلومترين في أراضينا شرق رفح، وتقديراتنا أنه جرى التصدي لها والاشتباك معها من قبل أحد كمائننا التي وجدت في المكان، حيث بدأ الاشتباك قرابة الساعة السابعة صباحا، أي قبل وقت دخول التهدئة المفترضة، بينما صبت طائرات الاحتلال ومدفعيته نيرانها على المدنيين بعد الساعة العاشرة صباحا في خرق فاضح لهذه التهدئة بحجة قيام الاحتلال بالبحث عن جندي مفقود».
وأردفت القسام: «أبلغنا الجهات الوسيطة التي شاركت في ترتيب وقف إطلاق النار الإنساني بأننا نوافق على وقف إطلاق النار تجاه المواقع التي نستهدفها في المدن والبلدات الصهيونية، ولكننا من الناحية العملياتية لا يمكننا وقف النار تجاه القوات المتوغلة في القطاع، التي تعمل وتتحرك طوال الوقت، حيث إنه يمكن لأي قوة متوغلة الاصطدام مع كمائننا، وذلك قطعا سيؤدي إلى حدوث الاشتباك».
وجاء بيان القسام صادما للجيش الإسرائيلي الذي أعلن أن مسلحين فلسطينيين خرجوا من نفق ونصبوا كمينا لقوات المشاة التابعة له في رفح فقتلوا جنديين وأسروا ضابطا برتبة لفتنانت يدعى هدار جولدين.
وبسبب اتهامات إسرائيل للقسام باختطاف الجندي، انهارت هدنة 72 ساعة، وطلبت واشنطن والأمم المتحدة من حماس إعادة الجندي من أجل تثبيت التهدئة ثانية.
وفي المقابل، غير الجيش الإسرائيلي من روايته بعد بيان القسام؛ فبعد أن أكد أن جولدين خطف حيا، عاد وأثار شكوكا حول مصيره.
ونقل راديو الجيش الإسرائيلي عن ضابط قوله إن وضع جولدين «غير معروف». وأضاف أنه شوهد للمرة الأخيرة بجوار جنديين قتلهما مقاتل من حماس، في إشارة إلى أنه ربما قتل وأن خاطفيه يحتفظون بالجثة.
ولم يكن بيان القسام مفاجئا بعد تضارب في رواية المستوى السياسي لحماس الذي تبنى عملية خطف الجندي ثم عاد ونفاها قبل أن يترك الأمر للقسام.
وكان موسى أبو مرزوق القيادي في حماس أعلن أن اختطاف الجندي «تم قبل سريان الهدنة في غزة»، قبل أن يخرج أسامة حمدان مسؤول العلاقات الدولية في الحركة ليقول إنه «ليس لدينا أي معلومات عن أسير إسرائيلي، هناك ادعاء إسرائيلي بذلك»، ثم يعلن الناطق باسم الحركة سامي أبو زهري أن الحديث عن خطف جندي هو «ادعاء إسرائيلي لتخريب الهدنة».
ويعتقد مراقبون إسرائيليون أن «القسام» لا تريد الإعلان عن وجود الجندي لديها حتى لا يدخل ضمن مفاوضات الهدنة، ويقول آخرون إن القسام تحتفظ ربما بجثته فقط.
وقال رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية الأسبق آفي ديختر حول بيان «القسام»: «إنه تكتيك ذكي وخطة معدة سلفا». وأَضاف: «لقد تعمدوا نفي مسؤوليتهم عن عملية الاختطاف، لحرمان إسرائيل من طرف خيط ولتشتيت جهود الاستخبارات الإسرائيلية حول هوية خاطفي الجندي».
ويرجح مسؤولون إسرائيليون أنه يمكن أن يكون جولدين قد قتل فعلا بسبب القصف وتدمير كل المباني المحيطة بالنفق الذي استخدم لسحبه.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».