وزير بكتلة جنبلاط يعد الاستمرار في ترشيحات «مستحيلة» نعيا مستمرا لانتخابات الرئاسة

«حزب الله» يعد تعطيل البرلمان غير مبرر.. ونائب «قواتي»: عون يتصرف بمنطق «البغدادي»

وائل أبو فاعور
وائل أبو فاعور
TT

وزير بكتلة جنبلاط يعد الاستمرار في ترشيحات «مستحيلة» نعيا مستمرا لانتخابات الرئاسة

وائل أبو فاعور
وائل أبو فاعور

لا تغير الأحداث الأمنية المتلاحقة التي يشهدها لبنان من أولويات القوى السياسية فيه، إذ لا يزال انتخاب رئيس جديد خلفا للرئيس السابق ميشال سليمان، متعذرا مع استمرار كل فريق بمرشح يعده الفريق الآخر استفزازيا. وفي موازاة تسليمها بالشغور في سدة الرئاسة منذ 25 مايو (أيار) الماضي، يبدو أن القوى السياسية لن تحرك ساكنا قبل موعد الانتخابات النيابية المقرر في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، علما بأن الثامن عشر من الشهر الحالي يعد المهلة الأخيرة لدعوة الهيئات الناخبة.
ومع فشل البرلمان في انتخاب رئيس جديد، برغم تحديد رئيسه تسع جلسات تشريعية، وكذلك في إقرار قانون انتخاب جديد بعد تمديد ولايته نهاية شهر مايو 2013 - يجد النواب أنفسهم اليوم أمام خيارين: أما اللجوء إلى انتخاب رئيس، وهو ما يبدو مستحيلا في ظل توازن القوى القائم حاليا، وإما إجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، وهو ما يضعهم أمام إشكاليات دستورية عدة، قد يكون التمديد لولاية ثانية، الخيار الوحيد لتلافيها.
ولم تثمر مبادرات سياسية عدة في خرق الجمود القائم على صعيد الملف الرئاسي، وآخرها الحراك السياسي الذي يقوم به رئيس «اللقاء الديمقراطي»، النائب وليد جنبلاط، بتنسيق مع رئيس البرلمان نبيه بري. وقال وزير الصحة، وائل أبو فاعور، أمس، إن جنبلاط «يحاول فتح الأبواب الموصدة في استحقاق الرئاسة، فيما الأبواب موصدة نتيجة لطموحات سياسية، وهي وإن كانت مشروعة في لحظة ما، ولكنها إذا ما اصطدمت بحاجز الوفاق الوطني، لذلك فإن المسؤولية الوطنية على القيادات السياسية هي مراجعة بعض الحسابات وتقديم الاعتبار الوطني على أي اعتبار آخر، لأن الاستمرار في الاستحالات الانتخابية وفي هذه الترشيحات المستحيلة، نعي مستمر لانتخابات الرئاسة».
وأوضح أبو فاعور: «إننا في هذا السعي والجهد الذي يبذله جنبلاط بالشراكة مع بري، نريد أن نخفف المخاطر عن لبنان واللبنانيين، وأن نصل في استحقاق الرئاسة إلى ما يخرج لبنان من دائرة الخطر، لأن استحقاق الرئاسة يكاد يكون المفتاح اليوم، ليس فقط لأوضاعنا الدستورية المهتزة، بل لأوضاعنا الأمنية». وعد «استحقاق الرئاسة يعيد الانتظام إلى حياتنا الدستورية والمؤسسات والمجلس النيابي والحكومة، من ثم يؤمن الغطاء لكل الأجهزة العسكرية والأمنية، ويؤمن الغطاء في حكومة وحدة وطنية تنجز بعد هذا الاستحقاق تتمثل فيها كل الأطراف».
وفي إطار السجال المستمر بين «القوات اللبنانية» التي يعد رئيسها سمير جعجع مرشح فريق «14 آذار» للرئاسة، و«التيار الوطني الحر» الذي يعد رئيسه النائب ميشال عون مرشح فريق «8 آذار» - اتهم النائب عن «القوات» أنطوان زهرا، عون بأنه «يتصرف بمنطق الديكتاتوريات ومنطق البغدادي الذي أعلن نفسه خليفة للمسلمين ويطلب مبايعته ويرفض أي شخص آخر». وأكد، في حديث إذاعي، أن «الأولوية هي للرئاسة قبل أي شيء آخر، وعلى الجميع تقديم تنازلات متبادلة ومتزامنة في الموضوع الرئاسي للوصول إلى حل، إضافة إلى إقرار قانون انتخابات جديد».
وتزامنت تصريحات زهرا مع تأكيد حزب «القوات»، في بيان أصدره أمس، أنه «من الظلم والتجني محاولة إظهار تعطيل الانتخابات الرئاسية، كأنها نتيجة صراع بين عون وجعجع»، موضحا أن «تعطيل الاستحقاق الرئاسي ناجم عن مقاطعة عون وحزب الله جلسات انتخاب رئيس للجمهورية وليس عن تعقيدات بين عون وجعجع».
وذكرت «القوات» بمبادرة سبق أن أطلقها جعجع لناحية «دعوته عون في أكثر من مناسبة، إما إلى المشاركة في جلسات الانتخاب، ومن يفز نهنئه جميعا، وإما إلى التفاهم على مرشح ثالث»، مجددة التذكير بـ«إبداء جعجع، أكثر من مرة، عدم تمسكه بترشحه بحد ذاته، ومن ثم استعداده للبحث في أي حل ممكن للأزمة الرئاسية».
من جهة أخرى، دعا النائب في حزب الكتائب إيلي ماروني إلى «العمل سريعا على عدم إدخال المؤسسات كافة في الفراغ»، وأكد أن «لبنان في حاجة لاستكمال بناء مؤسساته التي تبدأ برئاسة الجمهورية»، مشددا على وجوب أن «يكون انتخاب الرئيس هو الشغل الشاغل لدى جميع المسؤولين، لأن بلدا بلا رأس آيل إلى الزوال».
في المقابل، حذر النائب عن حزب الله نواف الموسوي في حفل تأبين بجنوب لبنان، من أن «الاستمرار في تعطيل المجلس النيابي ومنع المجلس النيابي من القيام بسلطته التشريعية والرقابية على الحكومة أمر غير مبرر ويضر بمصالح اللبنانيين جميعا، ولا بد من العودة عنه وعقد جلسات في المجلس النيابي». وسأل: «لماذا لا تبادر الكتل النيابية إلى تلبية دعوة الرئيس بري إلى جلسة تشريعية للبت في سلسلة الرتب والرواتب التي يتوقف عليها مصير أبناء اللبنانيين جميعا ومصير فئة أساسية من اللبنانيين»، مشددا على أن «إقفال المجلس النيابي بات يهدد حياة اللبنانيين في مصيرهم ومستقبلهم ومعيشتهم».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم