«الناتو» يؤكد مواصلة مهمته في أفغانستان بعد إعلان واشنطن انسحاباً جزئياً

كابل قللت من شأن تأثير هذه الخطوة في الأمن

العميد جيمس ماتيس لدى وصوله إلى مطار قندهار في 14 ديسمبر 2001 (رويترز)
العميد جيمس ماتيس لدى وصوله إلى مطار قندهار في 14 ديسمبر 2001 (رويترز)
TT

«الناتو» يؤكد مواصلة مهمته في أفغانستان بعد إعلان واشنطن انسحاباً جزئياً

العميد جيمس ماتيس لدى وصوله إلى مطار قندهار في 14 ديسمبر 2001 (رويترز)
العميد جيمس ماتيس لدى وصوله إلى مطار قندهار في 14 ديسمبر 2001 (رويترز)

أكد حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أمس، أنه سيواصل مهمته في أفغانستان بعد الإعلان أن عدداً «مهماً» من القوات الأميركية المنتشرة في هذا البلد سيتم سحبهم.
ورفضت متحدثة باسم الحلف التعليق مباشرة على القرار الأميركي، لكنها ذكرت أن الحلف كرر خلال اجتماع عقد أخيراً لوزراء خارجية الدول الأعضاء التزامه «بضمان أمن واستقرار أفغانستان على المدى البعيد». وقالت المتحدثة وانا لونغيسكو إن «التزامنا مهم لضمان ألا تتحول أفغانستان أبداً مركزاً للإرهابيين الدوليين الذين يهددوننا في بلداننا»، كما نقلت عنها وكالة الصحافة الفرنسية. ويشكّل قسم من القوات الأميركية جزءاً من مهمة الأطلسي التي تدرب وتقدم المشورة إلى القوات الأفغانية في معركتها ضد أعضاء طالبان، فيما ينفّذ قسم آخر عمليات منفصلة في إطار مكافحة الإرهاب.
إلى ذلك، أشادت المتحدثة بوزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس الذي قدم استقالته الخميس، لعدم موافقته على استراتيجية البيت الأبيض الجديدة في سوريا وأفغانستان. واعتبرت أن ماتيس اضطلع بدور رئيسي «للحفاظ على الحلف قوياً ومستعداً لخوض التحديات الأمنية التي نواجهها (...) إنه شخصية محترمة إلى حد بعيد، جندياً ودبلوماسياً».
جاءت هذه التصريحات بعدما أكدت مصادر أفغانية وأميركية أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب وجّه بسحب نصف الجنود الأميركيين المنتشرين في أفغانستان، بعد يوم على اتخاذه قراراً مشابهاً بسحب جميع الجنود الأميركيين من سوريا.
وفاجأ هذا الإعلان الذي يأتي في وقت أجريت فيه «محادثات مصالحة» بين الولايات المتحدة وحركة طالبان هذا الأسبوع، مسؤولين كباراً ودبلوماسيين في كابل، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي أول رد فعل رسمي أفغاني، صرّح متحدث باسم الرئيس أشرف غني، هارون شاه انصوري، على مواقع التواصل الاجتماعي: «إذا انسحبوا من أفغانستان، فذلك لن يكون له تأثير في الأمن لأن منذ 4 سنوات ونصف السنة، يمارس الأفغان فعلياً السيطرة الكاملة على الأمن». وأضافت الرئاسة الأفغانية أن سحب نحو 100 ألف جندي أجنبي في عام 2014 أثار مخاوف من رؤية «أفغانستان تنهار»، لكن «قواتنا الأمنية الأفغانية الباسلة أثبتت بفضل تضحياتها خطأ هذا التحليل وصانت سلامة أرضنا وشعبنا».
وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» نقلت عن مسؤولين كبار في إدارة ترمب قولهم إنه يدرس الخيارات لإيجاد طرق لإنهاء الأزمة الأفغانية بشكل كامل. ولم تحدد وسائل الإعلام الأميركية التي نقلت الخبر، جدولاً زمنياً لسحب نصف القوات الأميركية من أفغانستان.
وبحسب صحيفة «ميليتاري تايمز»، فإن سحب القوات الأميركية من أفغانستان ستتم الاستعاضة عنه بقوات أمنية من شركة «بلاك ووتر» الأميركية، التي أعلنت عن ذلك في العدد الأخير من مجلة «ريكول»، مفيدة بأن أعمالها في أفغانستان ستعود في عام 2019، وذلك على لسان إريك برنس رئيس الشركة والمعروف بقربه من الرئيس ترمب.
وتنشر الولايات المتحدة حالياً نحو 14 ألف جندي في أفغانستان يعملون إما مع مهمة قوات حلف شمال الأطلسي لدعم القوات الأفغانية، أو ينفذون عمليات خاصة لمكافحة الإرهاب. ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن أكثر من 7 آلاف جندي أميركي سيعودون من أفغانستان.
وقال مواطنون أفغان لوكالة الصحافة الفرنسية إنهم يخشون حالياً فشل محادثات السلام وعودة حركة طالبان إلى الحكم واندلاع حرب أهلية جديدة. وأشار فضلي أحمد، وهو يعمل في غسيل السيارات في مدينة قندهار الجنوبية إلى: «إننا خائفون من إمكانية تكرار التاريخ». فيما قالت شيمة دابير، وهي ربة منزل في الأربعينات من عمرها في منطقة مزار شريف (شمال): «أفغانستان ستسقط مجدداً تحت أيدي طالبان».
بدوره، اعتبر دبلوماسي أجنبي كبير، اشترط عدم الكشف عن اسمه، في تصريحات للوكالة الفرنسية، أن القرار الأميركي انتصار لطالبان. وتساءل: «هل ستفكرون في وقف إطلاق نار إذا سحب خصمكم الرئيسي للتو نصف قواته؟».
وفي الشهر الماضي خلال جلسة ترشيح لتوليه القيادة المركزية الأميركية، قال اللفتنانت جنرال كينيث ماكنزي، إن الجماعات الإرهابية في البلاد لا تزال تمثل تهديداً حقيقياً لبلاده، مشيراً إلى أنه على الرغم من سنوات التدريب لقوات التحالف، فإن قوات الأمن المحلية لا تزال تفتقد القدرة على الدفاع عن الحكومة الأفغانية دون مساعدة الأميركيين. وأضاف: «إذا غادرنا بسرعة الآن، فلن يكون بمقدورهم الدفاع بنجاح عن بلدهم».
بدوره، يشير المحلل مايكل كوغلمان من مركز «ويلسن» في واشنطن، إلى أن طالبان «حصلت على الانسحاب الذي لطالما أرادته من دون تقديم تنازلات، وحتى من دون التوصل إلى اتفاق» سلام. وأضاف: «الآن، لديهم أفضلية كبيرة في ساحة القتال، التي تعطيهم فرصة لتكثيف إلى حد كبير نضالهم المسلح».
ويأتي القرار الأميركي بعد عام ونصف العام من إعلان الرئيس ترمب في أغسطس (آب) 2017 استراتيجيته الجديدة لأفغانستان، حيث أرسل مزيداً من القوات، معطياً إياها صلاحيات لمزيد من القصف الجوي والمساندة للقوات الأفغانية. وقال الناطق باسم حلف شمال الأطلسي، أونا لونغيسكو، في رده على سؤال حول القرار الأميركي، إن «الجيش الأفغاني والشرطة هما المسؤولان عن الأمن في أفغانستان منذ ما يقرب من 4 أعوام»، وإن هذه القوات أصبحت قادرة وتمكّنت من تأمين عملية الانتخابات البرلمانية الأفغانية في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وكان الرئيس الأميركي ترمب انتقد قبل انتخابه وجود القوات الأميركية في أفغانستان أكثر من مرة، متسائلاً عن جدوى دفع الولايات المتحدة سنوياً ما يقرب من 45 مليار دولار لدعم الحكومة الأفغانية والإبقاء على قواتها في أفغانستان، وأن الأولى أن يتم «بناء أميركا» بدلاً من إعادة بناء أفغانستان، حسب قوله. ولقي أكثر من 2400 جندي أميركي مصرعهم في الحرب الدائرة منذ 17 عاماً في أفغانستان، وحذر مسؤولون بالبنتاغون مراراً من أن أي خروج مفاجئ من شأنه أن يتيح للمتشددين رسم مخططات جديدة تنال من الولايات المتحدة مثلما حدث في 11 سبتمبر (أيلول) 2001 حين زجت الهجمات وقتها بواشنطن في حروب مفتوحة، كما نقلت وكالة «رويترز».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.