بعد 30 عاماً على «لوكربي» ليبيون يرون أن براءة بلادهم باتت قريبة

TT

بعد 30 عاماً على «لوكربي» ليبيون يرون أن براءة بلادهم باتت قريبة

مات الرئيس الليبي معمر القذافي، وترك وراءه ملفات عدة مفتوحة، أخطرها قضية «طائرة لوكربي»، التي شغلت الرأي العام العالمي والمحلي، إذ يرى ليبيون بعد 30 عاماً أن «بلادهم ظُلمت، وأن البراءة قريبة»، في وقت قال مصدر قريب من حكومة «الوفاق الوطني» إن «الأجهزة القضائية في البلاد ستسمح لجهات التحقيق الأسكوتلندية المعنية بالقضية بمقابلة عبد الله السنوسي، رئيس جهاز الاستخبارات الليبية السابق، وأبو عقيلة مسعود، المسجونين في طرابلس». ومرت، أمس، الذكرى الثلاثون على القضية، التي أدين فيها ضابط المخابرات الليبي السابق عبد الباسط المقرحي، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة عام 2001 بتهمة تفجير طائرة «بوينغ 747 - 121» فوق قرية لوكربي الأسكوتلندية في 21 ديسمبر (كانون الأول) 1988، بعد إقلاعها من مطار هيثرو في لندن باتجاه نيويورك. وأسفر الحادث عن مقتل 259 شخصاً كانوا على متنها، بالإضافة إلى 11 آخرين كانوا على الأرض لحظة سقوط حطامها.
غير أن المصدر المقرب من حكومة «الوفاق»، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «السلطات الليبية تريد أن تخلي ساحتها في (قضية لوكربي)، لذا سترحب بمساعدة جهات التحقيق في القضية لمقابلة السنوسي ومسعود، إذا طلبت ذلك».
ورغم أن نظام القذافي اعترف بالمسؤولية عن الحادث بعد نفيه طيلة 15 عاماً، إلا أن البلاد عانت كثيراً بسبب تداعيات القضية.
ووقع نظام معمر القذافي اتفاقاً في 14 من أغسطس (آب) 2003 مع ممثلي ضحايا «حادث لوكربي» لتعويض العائلات المتضررة، نصّ على اعتراف ليبيا بمسؤوليتها عن تفجير الطائرة، وتم تحويل مبلغ التعويضات، وقيمته 2.7 مليار دولار من البنك الوطني الليبي، إلى حساب في بنك التسويات الدولية، ومقره سويسرا، وذلك بواقع أربعة ملايين دولار لكل أسرة، بمجرد رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها.
وأُطلق سراح المقرحي لأسباب إنسانية، بعد إصابته بالسرطان، قبل وفاته في 2012. لكن قضية المقرحي عادت لتهيمن على الساحة السياسية في البلاد مرة ثانية، بعد نشر صحيفة «الديلي ميل» البريطانية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أجزاء من كتاب جديد للمؤلف الأميركي دوغلاس بويد، فنّد فيه فرضية وقوف ليبيا وراء تفجير «طائرة لوكربي» عام 1988، والتأكيد على أن «إيران هي التي أسقطتها». ورأت ابنة المقرحي، المحامية غادة عبد الباسط، أن والدها بريء، مؤكدة أنها «ستطالب باسم عائلتها بالتعويض عن كل ساعة قضاها في السجون البريطانية بعيداً عنهم، حيث تركهم صغاراً، وعاد إليهم بعد طول انتظار. لكن الموت لم يمهله».
ويُعتقد أن عبد الله السنوسي هو العقل المدبر لـ«تفجير لوكربي»، وأن أبو عقيلة مسعود هو من صنع المتفجرات التي استخدمت، وكلاهما محتجز في أحد السجون الليبية بالعاصمة طرابلس. وقد حُكم على مسعود بالسجن 12 عاماً بسبب مخالفات لا علاقة لها بالقنابل، وتم التعرف عليه بأنه كان بصحبة المقرحي في مالطا، في اليوم نفسه، الذي تم فيه زرع القنبلة على متن الطائرة الأميركية المتجهة إلى فرانكفورت.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».