«الأصوليون الأسرى» لدى الأكراد كابوس يؤرق الغرب

من الصعب إبقاء الأسرى بمنطقة محددة في حال حصول هجوم تركي

TT

«الأصوليون الأسرى» لدى الأكراد كابوس يؤرق الغرب

إقدام أكراد سوريا على الإفراج عن ألف أصولي متطرف مسجونين لديهم يعد كابوسا بالنسبة إلى أجهزة الأمن الأوروبية بعد إعلان الرئيس دونالد ترمب سحب القوات الأميركية من سوريا. ويحتجز الأكراد السوريون الذين يتلقون دعما وتمويلا وتسليحا وحماية من واشنطن، في سجون شمال البلاد نحو ألف مقاتل متطرف من ثلاثين جنسية أسروا لدى استعادة التحالف الدولي الأراضي التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش في العراق وسوريا. كما يحتجز ألفان من أفراد أسرهم بينهم كثير من الأطفال في مخيمات لاجئين في المنطقة نفسها. وإعلان البيت الأبيض أول من أمس، سحب ألفي عنصر من القوات الأميركية الخاصة ينشطون إلى جانب القوات الكردية في سوريا، قد يترك الأكراد تحت رحمة الجيش التركي الذي أعلن في الأيام الأخيرة عن شن هجوم وشيك ضد معاقلهم في شمال سوريا. وأعلنت إلهام أحمد المسؤولة السياسية في قوات سوريا الديمقراطية في باريس بعد استقبالها في قصر الإليزيه أول من أمس «نخشى من فقدان السيطرة على الوضع وأن يصبح من الصعب علينا إبقاء الأسرى في منطقة محددة» في حال حصول هجوم تركي. وقوات سوريا الديمقراطية تحالف كردي - عربي مدعوم من التحالف الدولي بقيادة أميركية. وقالت: «في حال حصل ذلك، فإنه سيؤدي إلى تشتتهم في كل مكان». وأكدت أن الأكراد لن يبادروا للإفراج عنهم لكن في حال وقوع هجوم تركي أو عودة تنظيم داعش بقوة، فقد يضطرون لاستخدام كل قواتهم للتصدي للجيش التركي أو عناصر «داعش» وبالتالي سيعجزون عن ضمان بقاء المتطرفين الأسرى في السجون. وأعلن مصطفى بالي أحد المتحدثين باسم قوات سوريا الديمقراطية أول من أمس لوكالة الصحافة الفرنسية أنه «إذا تعرضنا لأي هجوم تركي بطبيعة الحال، فسنتفرّغ للدفاع عن أرضنا». وقال إن «القرار الأميركي لم يؤثر على الأرض حتى الآن لكنه بالعموم سيؤثر سلباً على مجمل عملية مكافحة الإرهاب في شمال سوريا وإيجاباً على التنظيم الإرهابي». وأضاف أن «تركيا قد تستهدف حتى سجوننا للإفراج عن هؤلاء الإرهابيين». وقال مصدر في الرئاسة الفرنسية طلب عدم كشف هويته الخميس لوكالة الصحافة الفرنسية إن ملف الأصوليين الأسرى «بالغ الأهمية» بالنسبة لفرنسا. وأضاف: «قد يكون ذلك إحدى النتائج السلبية لانسحاب سريع وهذا الأمر موضع نقاشات معمقة في إطار التحالف». وقال جان شارل بريزار رئيس مركز تحليل الإرهاب ومقره باريس لوكالة الصحافة الفرنسية «يطرح المتطرفون الأسرى تهديدا محتملا لفرنسا وأوروبا حتى وإن لم يكونوا جميعا بالخطورة نفسها». وقال: «بين الأسرى متطرفون من كل المستويات لكن بينهم أفراد هددوا في الماضي فرنسا وقد يعودون إلى أوروبا لارتكاب اعتداءات». وأضاف: «هناك دائما خطر السماح بمغادرة أفراد كانوا على صلة بمنظمات إرهابية. وسيكون الأمر كذلك». وتابع: «طالما قال أكراد سوريا إن المتطرفين الدوليين الأسرى لديهم لا يشكلون أولوية بالنسبة لهم». وأضاف: «في نهاية المطاف ما نحتاج إليه هو إعادة هؤلاء الأشخاص إلى فرنسا وأوروبا لمحاكمتهم. في حين أنه على الأرض لا شيء مؤكدا نظرا إلى انعدام الاستقرار في المنطقة».


مقالات ذات صلة

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من المعارضة السورية المسلحة في حمص يحتفل بدخول العاصمة دمشق (إ.ب.أ)

الأردن ومخاوف من خلط أوراق المنطقة والخشية من فوضى سوريا

يبدي أمنيون أردنيون مخاوفهم من عودة الفوضى لمناطق سورية بعد الخروج المفاجئ للأسد إلى موسكو، وان احتمالات الفوضى ربما تكون واردة جراء التنازع المحتمل على السلطة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
المشرق العربي تمثل سوريا في حقبة ما بعد سقوط الأسد فرصة لتنظيم «داعش» (أ.ف.ب)

«داعش» سيسعى لاستغلال حالة الفوضى في سوريا

تمثل سوريا في حقبة ما بعد سقوط الرئيس السوري بشار الأسد فرصة لمسلحي تنظيم «داعش» المتطرف الذين قد يحاولون استغلال أي حالة من الفوضى.

«الشرق الأوسط» (باريس)

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.