تونس: نقابة المحامين تنظم «يوم غضب» احتجاجاً على قانون المالية الجديد

وزير الصحة: أكثر من 600 طبيب متخصص غادروا البلاد خلال عامين

TT

تونس: نقابة المحامين تنظم «يوم غضب» احتجاجاً على قانون المالية الجديد

نفذت نقابة المحامين في تونس، أمس، «يوم غضب»، ونظمت إضرابا عن العمل في كافة محاكم البلاد، حيث وضع المحامون الشارة الحمراء فوق بدلاتهم السوداء، احتجاجا على قرارات الحكومة التي تهم السر المهني. كما نظمت الهيئة ذاتها اعتصامات داخل مقرات الفروع الجهوية للمحامين، مع تعليق نيابة المحامين في قضايا الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية، احتجاجا على قانون المالية الجديد، الذي طالب بضرورة الكشف عن السر المهني عند التعاطي مع الحرفاء وإلزام المحامين بإعلام السلطات في حال وجود شبهة إرهابية أو تبييض أموال. وفي غضون ذلك، كشف وزير الصحة عبد الرؤوف الشريف، أمس، أن أكثر من 600 طبيب متخصص غادروا المؤسسات
الصحية العمومية الوطنية للهجرة والعمل خارج البلاد. وقال إن 300 طبيب متخصص أنهوا تعاملهم مع وزارة الصحة في 2017 مقابل 320 طبيبا متخصصا في 2018، وذلك بسبب تدهور الخدمات والبنية التحتية، والنقص في عدد الأطباء المتخصصين، وأطباء التخدير والولادة في المستشفيات العمومية في الجهات، في وقت تواجه فيه الدولة صعوبات اقتصادية كبرى ترافقت مع فترة الانتقال السياسي منذ 2011، وتعمقت الأزمة أكثر مع هجرة الآلاف من الكوادر والجامعيين التونسيين إلى الخارج للبحث عن فرص عمل ومرتبات أفضل.
وأضاف الوزير الشريف أنه توصل إلى اتفاق مع 92 طبيبا جامعيا، و110 أطباء بوزارة الصحة للعدول عن مغادرة البلاد في 2019 بسبب الوضع الصعب لقطاع الصحة العمومية.
من جهته قال عامر المحرزي، عميد المحامين، إن قطاع المحاماة يرفض الإجراءات الواردة بالفصل 36 من قانون المالية لسنة 2019، والتي «تمس السر المهني للمحامي، وعلاقة الأمان القائمة بينه وبين الموكلين» على حد قوله.
وأكد المحرزي خلال وقفة احتجاجية، نظمت بقصر العدالة وسط العاصمة التونسية أمس أن الكشف عن السر المهني «مخالف لمبدأ سرية المراسلات وحماية المعطيات الشخصية، وهو بذلك يمثل خطرا على الاستقرار الاجتماعي». مبرزا أن أهل المهنة سيمضون في أشكال تصعيدية، وسينفذون بداية من اليوم (الجمعة) اعتصامات داخل مقراتهم الجهوية، كما سيعملون خلال الفترة المقبلة على مقاطعة الإنابات العدلية، علاوة على تعليق مشاركة المحامين في الهياكل الدستورية والمجالس الوطنية، والتوجه نحو التحركات الاجتماعية الرافضة لقانون المالية الجديدة، في إشارة إلى حركة السترات الحمراء التي تهدد بتنظيم احتجاجات بداية السنة المقبلة.
ويتهم قطاع المحاماة الدولة بتضييق الخناق على العدالة، فيما تعتبر الحكومة أن عددا من المحامين يتهربون من أداء واجبهم الضريبي، ويتسترون عن جرائم تبييض الأموال من خلال التغاضي عن إعلام السلطات الرسمية في حال حدوثها، وهو ما تبرر به ضرورة الكشف عن السر المهني وكافة المعطيات المثيرة للشكوك بخصوص الشبهات المالية أو الإرهابية.
من جهة أخرى، أثار اعتزام عدد من علماء جامعة الزيتونة إصدار فتوى تحرم انتخاب أي نائب برلماني يصوت لصالح مبادرة المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، الكثير من الجدل، وطرح مجموعة من التساؤلات حول تحول الحوار بين الفرقاء السياسيين من صراع حول الحقوق والحريات، إلى معركة سياسية قد تتخذ طابعا دينيا، وتقسم التونسيين من جديد إلى «كفار ومؤمنين» على حد تعبير مؤيدي المبادرة الرئاسية.
ويأتي هذا الجدل الحاد إثر تصريح أدلى به إلياس دردور، أستاذ الفقه والمقاصد بجامعة الزيتونة، حول إمكانية إصدار فتوى تحرّم انتخاب أي نائب برلماني يصادق على مشروع قانون المساواة في الإرث خلال الانتخابات المقررة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وقال دردور إن «كل تونسي يمس قانون الميراث يحرم شرعا انتخابه في مجلس بلدي أو برلمان، أو في أي مسؤولية مستقبلا، سواء كان ذلك في قائمة فرية أو حزبية، ومهما كان اسمه»، داعيا إلى ضرورة إقناع النواب بعدم التصويت لصالح مشروع قانون المساواة في الميراث.
غير أن جامعة الزيتونة سارعت أمس إلى إعلان توضيح حول هذه القضية، وقالت إن هذا التصريح صدر عن أحد أساتذة الفقه خلال يوم دراسي، نظم في مدينة سوسة (وسط شرقي)، مشددة أنه «لا سلطان للجامعة التونسية على أفكار أساتذتها، احتراما لمبدأ احترام الحريات الأكاديمية». وأنها لا تتبنى هذا الطرح، خاصة أنها بينت الموقف الشرعي من مسألة المساواة في الميراث، دون أن يرقى موقفها إلى حد إصدار فتوى في الموضوع.
في سياق ذلك، أكد عدد من علماء الزيتونة أنه «في حالة أصبح مشروع المساواة في الميراث قانونا، فإنه سيقوّض كيان الأسرة التونسية، ويمزق العلاقات الاجتماعية، ويهدّد السلم والأمن الاجتماعيين»، وهو ما اعتبر معارضة صريحة للمقترح الذي تقدم به الرئيس التونسي إلى البرلمان. وفي هذا الشأن انتقدت بشرى بلحاج حميدة، رئيسة لجنة الحريات الفردية والمساواة، تدخل مشايخ الزيتونة في الشأن السياسي، واتهمتهم بـ«استغلال قضايا حقوقية لخدمة أهداف انتخابية لصالح أطراف سياسية»، في إشارة إلى حركة النهضة التي لم تحسم موقفها تجاه هذا الملف.



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».