الصيغة الحكومية في لبنان أُنجزت... والاهتمام مركّز على البيان الوزاري

قاعة اجتماعات الحكومة اللبنانية العتيدة في الانتظار («الشرق الأوسط»)
قاعة اجتماعات الحكومة اللبنانية العتيدة في الانتظار («الشرق الأوسط»)
TT

الصيغة الحكومية في لبنان أُنجزت... والاهتمام مركّز على البيان الوزاري

قاعة اجتماعات الحكومة اللبنانية العتيدة في الانتظار («الشرق الأوسط»)
قاعة اجتماعات الحكومة اللبنانية العتيدة في الانتظار («الشرق الأوسط»)

تخطت القوى السياسية اللبنانية كلّ عُقَد تشكيل الحكومة المتوقّع ولادتها مساء اليوم (الجمعة) أو غداً (السبت) على أبعد تقدير، وانتقلت من مناقشة عملية التأليف التي باتت ناجزة، إلى البحث في الخطوط العريضة للبيان الوزاري، الذي سيتضمّن بنوداً خلافية يصعب تأمين التوافق السياسي حولها، لا سيما في ما يتعلّق بسلاح «حزب الله» والعلاقة مع النظام السوري، في وقت يتقدّم طرح رئيس مجلس النواب نبيه برّي، الذي نصح الجميع ببيان وزاري مقتضب، في إشارة ضمنية إلى تجاوز أو تحييد البنود الخلافية، وعدم الإسراف في وعود تبقى حبراً على ورق.
وعشية إعلان مراسيم ولادة الحكومة من مقرّ الرئاسة الأولى في بعبدا، جددت مصادر القصر الجمهوري تأكيدها أن «الساعات المقبلة ستزفّ إلى اللبنانيين بشائر ولادة الحكومة التي طال انتظارها». وشددت لـ«الشرق الأوسط»، على أن «الأمور أكثر من جيدة، وخطوط الاتصال مفتوحة بين جميع الأطراف وبإيجابية تامة، خصوصاً مع نواب (اللقاء التشاوري)، الذين أجمعوا على القبول بالاسم الذي اختاره الرئيس (الجمهورية) عون وهو جواد عدرة». وأشارت مصادر القصر الجمهوري، إلى أن «كل التوقعات تفيد بإمكان صدور مراسيم التأليف مساء الجمعة (اليوم)، إلا إذا اقتضت الضرورة تأجيلها إلى السبت».
يبدو أن الانقسام الذي ساد صفوف نواب سُنة الثامن من آذار، ممن انضووا تحت اسم «اللقاء التشاوري»، حول الاسم المقترح كممثل لهم في الحكومة، جرى ضبطه بإيقاع «حزب الله»، بعد لقاء مسؤولين من الحزب مع النواب المذكورين. وبينما رفض عضو «اللقاء التشاوري» النائب قاسم هاشم، الخوض في تفاصيل اجتماعه وزملائه مع قيادات في «حزب الله»، أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «التباين بين أعضاء اللقاء، والذي نشأ حول الاسم المقترح للتوزير، انتهى، وجرى تبنّي جواد عدرة ممثلاً للقاء في الحكومة». لكنه أشار إلى أن «مسألة الحقيبة التي سيتولاها عدرة ما زالت مدار نقاش بين أعضاء اللقاء من جهة ورئيس الجمهورية من جهة أخرى».
وعن موعد اجتماعهم المرتقب برئيس الجمهورية والرئيس المكلّف سعد الحريري في القصر الجمهوري، لفت النائب هاشم إلى أن «الموعد لم يُحدَّد توقيته بعد، لكنه سيعقد خلال ساعات قليلة»، مؤكداً أن «جميع العراقيل أُزيلت من أمام تشكيل الحكومة، وهي ستولد غداً (اليوم) أو بعد غدٍ (غداً) على أبعد تقدير».
وفي مؤشر على إنجاز كل إجراءات التأليف، أكد وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل، بعد لقائه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، أن «ولادة الحكومة قريبة جداً، وأقرب من لمح البصر»، كاشفاً أن «البيان الوزاري سيكون على قاعدة البيان الوزاري السابق مع بعض الإضافات التي لها علاقة بمؤتمر سيدر».
ورغم أن عراقيل الحكومة باتت من الماضي، يسود استياء بين نواب سُنة الثامن من آذار، بسبب رفض الحريري استقبالهم مرّات عدّة. وقال عضو اللقاء النائب جهاد الصمد: «طلبنا موعداً للقاء الحريري، وهو كشخص في سدّة المسؤولية، كان يجب أن يتصرّف بمسؤولية، وأن يستقبل أياً كان». وأضاف أن «عدم قبوله استقبالنا يعدّ سابقة غير مقبولة، وكل المسؤولين الكبار أجمعوا على أنّ هذا التصرّف خاطئ».
ويبدو أن الرئيس عون أخذ على عاتقه حلّ هذه الإشكالية بإخراج متقن، لا يحرج الحريري ويحفظ للنواب الستّة حضورهم، وكشفت مصادر مواكبة للمشاورات الحكومية، أن لقاءً سيُعقد بعد ظهر اليوم بين الرئيس عون ونواب «اللقاء التشاوري»، ينضمّ إليه بعد وقت قصير الرئيس المكلّف سعد الحريري، ويزول الالتباس القائم بين الطرفين، وعندها يتحقق مطلب النواب لقاء رئيس الحكومة. وأشارت المصادر إلى أنه «بعد مغادرة النواب الستّة قصر بعبدا، يحضر رئيس مجلس النواب نبيه برّي، الذي يطلع على التشكيلة الحكومية بصيغتها النهائية، ثم يُستدعى الأمين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل، الذي يذيع مراسيم تأليف الحكومة». ولفتت إلى أنه «في حال طرأ ما يستوجب التأخير تُرجأ كلّ هذه الإجراءات إلى ظهر يوم السبت».
إلى ذلك، أعلن عضو المكتب السياسي لتيار «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش، أن «كل المعطيات تقول: إن التشكيلة الحكومية نضجت، ولكن المفاجآت قد تأتي في أي لحظة وعلينا انتظار التفاصيل الأخيرة»، موضحاً أن «هناك بعض تفاصيل الطوائف التي لم تحل بعد». وقال علوش: «الأمور في المسائل الأساسية في البيان الوزاري هي محل أخذ ورد»، مشيراً إلى أن «أسماء معظم الوزراء أصبحت جاهزة تقريباً».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.