لندن وبرلين: «داعش» لم يُهزم في سوريا بعد

TT

لندن وبرلين: «داعش» لم يُهزم في سوريا بعد

اعتبرت الحكومة البريطانية أن تنظيم «داعش» لم يُهزم بعد في سوريا خلافاً لما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أول من أمس (الأربعاء)، لدى إعلانه انسحاباً أحادي الجانب للقوات الأميركية المنتشرة في البلاد.
وقال الناطق باسم رئيسة الوزراء تيريزا ماي، أمس (الخميس)، إن «التحالف الدولي ضد (داعش) أحرز تقدماً كبيراً لكن لا يزال هناك كثير من العمل، ويجب ألا نغفل عن التهديد الذي يشكله. حتى دون (السيطرة على) أرض، لا يزال (داعش) يشكل تهديداً».
وأضاف: «ما زلنا ملتزمين في التحالف الدولي وحملته لحرمان (داعش) من التوسع والتحقق من هزيمته نهائياً، من خلال العمل إلى جانب حلفائنا الإقليميين الأساسيين في سوريا وخارجها». وتشارك بريطانيا في الضربات الجوية التي ينفذها التحالف.
وأكد الناطق أن لندن ستستمر في «القيام بما عليها لحماية البريطانيين والحلفاء والشركاء». وفي قرار مفاجئ، قال ترمب أول من أمس (الأربعاء) إنه حان الوقت لإعادة الجنود الأميركيين المنتشرين في سوريا للتصدي للجهاديين، إلى ديارهم.
وينتشر نحو ألفي جندي أميركي حالياً في شمال سوريا، هم قوات خاصة تنتشر لقتال المسلحين المتطرفين، ولتدريب قوات كردية محلية في الأماكن المحررة من المتطرفين. وقال ترمب في فيديو بثه البيت الأبيض: «الآن وقد انتصرنا، حان موعد العودة إلى الديار».
في المقابل، عبَّر وزير الدفاع البريطاني توبياس الوود عن معارضته للقرار. وقال: «لا أتفق إطلاقاً مع ذلك. الأمر تحول إلى أشكال أخرى من التطرف والتهديد لا تزال ماثلة بقوة». ونفى المتحدث باسم ماي معلومات نشرتها صحيفة «تايمز»، أمس (الخميس)، مفادها أن لندن لم تُبلغ مسبقاً بقرار ترمب. وقال: «نبحث ذلك مع شركائنا الأميركيين منذ أيام». وتشاور وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، مساء أول من أمس في هذا الشأن مع نظيره الأميركي مايك بومبيو.
من جهته، قال وزير الخارجية الألمانية هايكو ماس إنه فوجئ بإعلان الولايات المتحدة انسحابها من سوريا، منتقداً قرار الرئيس الأميركي بهذا الشأن. وحذر ماس من أن «تضر عواقب هذا القرار بالحرب على تنظيم (داعش)، وتهدد النجاح الذي تحقق في هذه الحرب». أضاف ماس، العضو بالحزب الاشتراكي الديمقراطي: «لقد انحسر التنظيم لكن التهديد لم ينتهِ». وقال ماس إنه لا تزال هياكل سرية، وإن الإرهابيين ينشطون في شرق سوريا.
يشار إلى أن تنظيم «داعش» سيطر في وقت من الأوقات على مناطق واسعة في سوريا والعراق، وأقام هناك حكماً إرهابياً، ولكنه خسر الآن معظم المناطق التي كان يسيطر عليها.
وقالت الخارجية الألمانية إن ألمانيا على تواصل وثيق مع الولايات المتحدة، وإنه لا تزال لدى ألمانيا كثير من التساؤلات بشأن الانسحاب الأميركي «وسنضطر في الأيام والأسابيع المقبلة للتشاور بشأن العواقب التي ينطوي عليها هذا القرار بالنسبة للاستراتيجية التي يتبناها التحالف ضد (داعش)».
وتشارك ألمانيا في الحرب الدولية على «داعش» بالعراق وسوريا بطائرات استطلاع وطائرة تزويد بالوقود، كما أن جنوداً ألمانيين يشاركون في تدريب القوات المسلحة في العراق.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».