النيابة الإسرائيلية توصي مبدئياً بمحاكمة نتنياهو في ملف الفساد

TT

النيابة الإسرائيلية توصي مبدئياً بمحاكمة نتنياهو في ملف الفساد

في أول محطة للنيابة الإسرائيلية الباحثة في ملفات الفساد ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تمت التوصية بتوجيه لائحة اتهام موحدة إلى رئيس الحكومة، وبقيت هناك محطتان ينبغي عبورهما لكي تتم محاكمته. وحسب مصادر داخلية في وزارة القضاء، فإن الموعد المعقول لاتخاذ القرار النهائي هو فبراير (شباط) القادم.
وقد أعلن وزير المالية في حكومة نتنياهو، موشيه كحلون، رفضه بقاء نتنياهو بمنصبه في حال توجيه لائحة اتهام رسمية له، وسيطالبه بالاستقالة أو على الأقل تجميد عمله وتعيين قائم بأعمال رئيس الحكومة.
وكانت المدعية العامة في منطقة القدس، ليئات بن آري، التي رافقت تحقيقات الشرطة من بدايتها وعن كثب، قد انتهت من دراسة توصية دائرة التحقيق البوليسية في شؤون جرائم الفساد، وصادقت عليها. وقالت في توصية رفعتها إلى المدعي العام شاي نتسان، إنه في «الملف 4000»، توجد أدلة قاطعة تكفي لتوجيه لائحة اتهام ضد نتنياهو بارتكاب مخالفات شديدة في مجال تلقي الرشى وخيانة الأمانة والاحتيال.
وحسب هذه الأدلة، طلب نتنياهو بشكل صريح وتلقى تغطية إخبارية إيجابية من موقع «واللا» الإخباري، الذي يملكه صديقه رجل الأعمال شاؤول ألوفيتش، وبالمقابل حصل ألوفيتش من نتنياهو على تسهيلات وعقود عمل لشركة الاتصالات الهاتفية الأرضية التي يملكها وتدعى «بيزك» تقدر بمئات ملايين الدولارات. ويوجد لدى الشرطة شاهدان ملكيان من أقرب المقربين من نتنياهو. وأما الملفان الباقيان، «ملف 1000» و«ملف 2000»، فإن الأدلة فيهما غير كافية لإدانته بالرشى لكنها كافية لإدانته بخيانة الأمانة والاحتيال.
ووضعت توصيات النيابة في تقرير مؤلف من 800 صفحة، وأحيلت إلى النائب العام شاي نتسان، الذي أحالها بدوره إلى المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، حتى يبت فيها بشكل نهائي. فإذا قرر قبول التوصيات، فإنه سيحيل نتنياهو إلى المحطة الأخيرة قبل المحاكمة، وهي «الاستماع»، حيث تتم دعوة محاميه لمناقشتهم حول الاتهامات.
وقال مندلبليت، في مداخلة قدمها في مؤتمر صحيفة «غلوبس» أمس الخميس: «سنفعل كل شيء كي ننجز عملنا بشكل سريع، لكن ليس على حساب جودة القرارات. وليس سراً أننا على وشك اتخاذ قرارات بشأن ملفات رئيس الحكومة. وصرح المدعي العام هنا أمس، بموافقتي، أنه ستبدأ قريبا مداولات سأتخذ في نهايتها قرارات بهذه الملفات. والتحقيق جرى بحزم ومهنية. وهذا الطاقم سيجتمع في أوقات متقاربة في مكتبي منذ الآن. والطاقم كله متركز في مهمة معاينة الأدلة التي جُمعت من أجل اتخاذ القرارات المطلوبة وفق القانون».
وكان المدعي العام، نتسان، قد تطرق في مداخلته في المؤتمر نفسه، مساء أول من أمس، إلى ملفات نتنياهو وتقرير النيابة بالتوصية بتقديم لوائح اتهام ضده. وقال إنه «بعد أن تلقينا مسودة التحقيقات ضد رئيس الحكومة، عقدت اجتماعات، استعرض فيها أمامي وأمام كبار المدعين العامين مواد واسعة وأدلة مختلفة. وجرى، بناء على طلبي، إعداد تقرير تضمن وجهة نظر قانونية، وفي الأيام القريبة ستبدأ المداولات لدى المستشار القضائي للحكومة». وقد رد نتنياهو على هذا النشر بالقول: «هنالك ضغوط محمومة على مؤسسات القانون لتوجيه لائحة اتهام ضدي في قضايا مختلقة لا أساس لها من الصحة، بهدف الإطاحة بحكمي والتشويش على الجهود الكبيرة التي أقوم بها لخدمة إسرائيل وأمنها ومصالحها الاستراتيجية».
لكن هذا لم يمنع حليف نتنياهو، الوزير كحلون، من أن يعلن أنه في حال توجيه لائحة اتهام رسمية ضد نتنياهو فإنه لن يستطيع الاستمرار في عمله كرئيس حكومة وسيكون عليه أن يستقيل أو على الأقل أن يعين له قائما بالأعمال يتولى إدارة شؤون الدولة حتى تنتهي المحاكمة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.