تصفية 10 ليبيين في طرابلس تجدّد المطالب بضرورة جمع السلاح

TT

تصفية 10 ليبيين في طرابلس تجدّد المطالب بضرورة جمع السلاح

اتسعت رقعة التصفيات الثأرية بين المسلحين في العاصمة الليبية، مخلفة وراءها 10 قتلى على الأقل، بينهم أفراد من (السرية 55)، وذلك بعدما أطلق مجهولون النار عليهم داخل مقهى بضواحي غرب طرابلس، وهو ما أعاد مطالب المواطنين بضرورة جمع السلاح المنتشر في شوارع طرابلس، بالإضافة إلى سرعة التحقيق في الجريمة.
وفتح مسلحون مجهولون نيران أسلحتهم الرشاشة على عدد من عناصر (السرية 55) أثناء وجودهم بأحد مقاهي طرابلس، مساء أول من أمس، ما أدى إلى مقتل عشرة أشخاص، بينهم مدنيون على الأقل.
ومباشرة بعد الحادث أعربت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا عن قلقها البالغ للحادث الدموي، وطالبت النائب العام بضرورة فتح تحقيق فوري وعاجل لإطلاع الرأي العام على ملابسات الجريمة.
لكن هذا الحادث المأساوي لا يعد حالة معزولة، لأن التصفيات الجسدية في العاصمة الليبية لم تتوقف منذ إسقاط النظام السابق في عام 2011. إلا أنها زادت بشكل ملحوظ خلال الأشهر الماضية، في عملية ثأرية بين الميليشيات المسلحة في العاصمة، قضى فيها أكثر من 9 مسلحين، كان آخرهم خيري أبو بكر الككلي، أحد قادة كتيبة «ثوار طرابلس» المعروف بـ«الحنكورة»، ما يطرح تساؤلات عدة عن جدوى الترتيبات الأمنية، التي رعتها الأمم المتحدة لدى ليبيا في طرابلس.
ودعت المنظمة في بيان، أمس، إلى «وضع ضوابط لاستخدام الأسلحة الخفيفة والصغيرة أثناء التعامل في الأماكن المكتظة بالمدنيين»، مشيرة إلى ضرورة إجراء تحقيق في جميع حالات القتل خارج إطار القانون، أو بشكل تعسفي أو دون محاكمة، «ويجب أن تفضي التحقيقات في انتهاك حق الحياة، إلى محاكمة الأشخاص المتورطين بطريقة مباشرة، وعلى كل مستويات المسؤولية». من جهته، قال الدكتور محمد عامر العباني، عضو مجلس النواب، إن «استخدام السلاح خارج السلطة القانونية جعل الفرصة مهيأة لانتشار الجماعات المسلحة في العاصمة ومحيطها». مضيفا في حديث إلى «الشرق الأوسط» أن هذه المجموعات «امتهنت جرائم القتل والخطف والتعذيب، وتجارة الممنوعات من أجل التمويل الذاتي، وتنمية حجم ما اغتصبته من أموال باستخدام القوة المدعومة بالسلاح». كما أوضح أن «القضاء على الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون يحتاج إلى قوة شرعية منظمة، تتمثل في الجيش والشرطة، لتفكيك السلاح وتنظيم استخدامه».
واستدرك العباني قائلا «لكن هذا لا يتأتى إلا بدعم الجهود العسكرية، التي يقوم بها الجيش الوطني، ورفع حظر التسليح عنه، والتحاق كافة العسكريين بمختلف درجاتهم العسكرية به... ودون ذلك سيستمر العنف والإفساد باستخدام السلاح، وستزداد حدة الجريمة والقتل».
في السياق ذاته قال ضو المنصوري، عضو الهيئة التأسيسية لمشروع الدستور، «إنه مهما كانت الدوافع والخلفيات، التي تكبر كل يوم مثل كرة الثلج، فإن جريمة القتل الجماعي التي حدثت في المقهى اهتزت لها المشاعر، وأثبتت أننا قادمون على مرحلة تصفية الحسابات»، لافتاً إلى أن «مثل هذه الجريمة سيكون ضحيتها الأبرياء العزل من السلاح».
وأضاف المنصوري عبر صفحته على «فيسبوك» أمس، أن «كل هذه الحوادث تضع مسؤولية الدولة في حماية مواطنيها على المحك، وتتحمل ما يترتب عن إهمالها وتصرفاتها التي أوصلتنا إلى هذه المرحلة».
وينتشر السلاح بكل أنواعه بشكل ملحوظ في العاصمة الليبية، وسبق أن قدره الدكتور غسان سلامة، المبعوث الأممي لدى ليبيا، بأرقام متفاوتة، آخرها 15 مليون قطعة سلاح.
وأمام تصاعد حالة الفزع بين المواطنين في العاصمة، ناشدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان وزير الدفاع في حكومة الوفاق الوطني بإصدار تعليماته المشددة للأفراد، التابعين للوزارة بضرورة «الالتزام بضبط النفس عند التعامل مع المواطنين في مثل هذه الأمور، ومحاسبة كل من يخرق هذه القواعد حرصاً على حق المواطنين في الحياة والحرية والأمن الشخصي».
وذكّرت المنظمة «بمدونة قواعد سلوك المُكلفين بإنفاذ القوانين»، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 17 من ديسمبر (كانون الأول) عام 1979. على أنه «لا يجوز للموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين استعمال القوة إلا في حالة الضرورة القصوى وفي الحدود اللازمة لأداء واجبهم».
ومنح فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، نفسه مهمة الإشراف على وزارة الدفاع، بعد شهر من إعفاء الوزير السابق، العقيد المهدي البرغثي، وبالتزامن مع أحداث عنف سابقة اندلعت في العاصمة.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.