لا أحد هناك
> إخراج: أحمد مجدي
> تمثيل: هايدي قوسي، شذى محرم، سلمى حسن، عمرو حسني
> دراما (2018)
> تقييم: (5*) تحفة
يدخل أحمد (عمرو حسني) المستشفى بعد منتصف الليل وفي رأسه جرح يحتاج إلى مداواة. لا أحد في الاستقبال، ولا أحد في الغرف ولا أحد مطلقاً في الأروقة. بكلمات ثلاث تؤلف عنوان الفيلم وتعبّر عنه «لا أحد هناك». لكن المعنى ليس حصراً بالمساحة الخالية من البشر، لاحقاً يجد ممرضاً واحداً يخبره حكاية بينما يقطب له جرحه من دون تخدير. المعنى الحقيقي هو أن لا أحد هناك في الحياة المحيطة بتلك الشلة من الأصدقاء وأصدقاء الأصدقاء الذين يعيشون ليلاً تحت ستار ظلام هو بدوره لا بد أن يكون رمزاً بدلالاته.
يحكي الفيلم قصّته من زوايا تبتعد به عن السرد التقليدي، ملخصها هو أن هناك ثلاث بنات يعشن في شقة واحدة. إحداهن حامل وتحتاج لجراح يقوم بعملية إجهاض في تلك الليلة بالذات. الجراح يطلب مالاً. صديقتها ليلى (هايدي قوسي) تخبره بأنها ستدفع له أجره حال انتهاء العملية. صديقها أحمد وبعض أصدقائه يحاولون جمع المال. أحدهم يتوجه إلى شريك عمل سابق لمطالبته بجزء من مال كان ذاك استدانه لإنشاء مشروع مشترك. يخوض الأصدقاء معركة ضد الشريك ورجليه ويعود أحمد بالمال وينقذ الوضع في آخر لحظة.
إذ لا تحتوي الحكاية الأساسية على أي من الأحداث المنفلتة صوب وقائع أخرى تحيل العمل إلى دراما شاسعة، تكتنز الكثير من الحكايات الأخرى الأصغر حجماً والأكبر أهمية. يبدأ الفيلم بحكاية حول ظرافتين واحدة في الجيزة والثانية في الإسكندرية ومحاولة المسؤولين نقل الذكر في الإسكندرية وضمه للأنثى في الجيزة. على الطريق، وعلى عهدة الراوي، يقع حادث وينفق الذكر. هذا لا يمنع، في استطراد لاحق للحكاية، من أن تنجب الأنثى ظرافة صغيرة.
في الواقع يكتب ويصوّر ويخرج الشاب أحمد مجدي فيلمه بحكايات عدة كل منها تحمل رموزها المختلفة. حتى الطبيب الذي يقطب جبهة عمرو النازفة لديه حكاية يسردها حول السبب الذي خلا فيه المستشفى من البشر. البنات يتناوبن سرد الحكايات كذلك. كل حكاية تبدو فانتازية لكنها مشدودة بأوتاد لواقع. كون الأحداث تدور في ليلة واحدة وكون الإنتاج محدود الميزانية يتيح لهذا الفيلم تكاملاً نادراً في السينما المصرية ومع دراية المخرج في تنفيذ مشاهده ضمن وحدة سردية لا تحمل الخطأ، يوفر عملاً مختلفاً ولو أن الاختلاف وحده يمثل جزءاً محدوداً من القيمة الفنية الكاملة. لقطة لقطة، مشهداً مشهداً يسرد أحمد مجدي فيلمه بلا هفوة. وما لا يسرده كحكاية مسموعة بكلام يقترب من الهمس يسرده صورة، كمشهد مساعد الجراح وقد حمل الجنين الهلامي إلى مرتفع فوق القاهرة لينظر إلى المدينة البعيدة ثم يرمي الكيس من على ذلك المرتفع.
يصوّر المخرج مشهده هذا قرب النهاية وفي النهار وللمشاهد أن يستنتج ما يريد من رمزياته، كما من رمزيات مشاهده وحكاياته الأخرى. سينمائياً الفيلم بارع ورائع وتعليقه بصري لأن حكاياته ليست للشكوى والنقد والتقييم. بل للاستماع فقط.
(1*) لا يستحق
(2*) وسط
(3*) جيد
(4*) ممتاز
(5*) تحفة