جامي لورانس... من غياهب السجون إلى ملاعب الدوري الإنجليزي

الجناح الأيمن الجامايكي السابق يتحدث عن لحظة مشاركته مع سندرلاند بعد أيام كان فيها حبيساً

يدرك لورانس جيداً أن هناك خيطاً رفيعاً بين الصواب والخطأ
يدرك لورانس جيداً أن هناك خيطاً رفيعاً بين الصواب والخطأ
TT

جامي لورانس... من غياهب السجون إلى ملاعب الدوري الإنجليزي

يدرك لورانس جيداً أن هناك خيطاً رفيعاً بين الصواب والخطأ
يدرك لورانس جيداً أن هناك خيطاً رفيعاً بين الصواب والخطأ

كان اللاعب الجامايكي السابق جامي لورانس سجيناً بسجن بريكستون في العاصمة البريطانية لندن عندما كان مراهقاً، وما زال يتذكر رقمه في السجن، وكيف كان يعيش آنذاك، والظروف التي جعلت الجريمة تبدو وكأنها الخيار الأسهل بالنسبة له. والآن، يعود لورانس، وهو في الثامنة والأربعين من عمره، مرة أخرى إلى السجن، لكن هذه المرة من أجل مساعدة السجناء. ومهما كانت الأحاديث وورش العمل التي تقدم للسجناء، فإنهم لن يجدوا كثيرين يتعاملون معهم بالطريقة نفسها التي يعاملهم بها لورانس؛ لأنه سبق وأن كان في مثل وضعهم.
يبتسم لورانس وهو يشير إلى أنه يخضع للتفتيش من قبل الأمن هذه الأيام، قائلاً: «أخضع لتفتيش دقيق قبل دخولي إلى السجن. مررت من البوابة بشكل سلس، ثم تم تقديمي إلى الأولاد، وكنت أشعر بتوتر شديد. كان هناك 12 سجيناً في غرفة صغيرة. وبدأت أقص عليهم حكايتي، بدءاً من دخولي إلى السجن وصولاً إلى خروجي منه وتغير حياتي بالكامل، واللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز، واللعب أيضاً مع منتخب بلادي. وطلبت منهم أن يفكروا في بعض الأشياء التي يريدون أن يقوموا بها عند خروجهم من السجن».
وأضاف: «لقد انتابتني مشاعر رائعة وأن أتحدث إلى هؤلاء السجناء، ومعظمهم يريد التغيير. لكن الحقيقة هي أنهم سيواجهون صعوبات كبيرة؛ لأنه عندما تذهب إلى أي عمل فإن أول سؤال يوجه إليك هو: هل لديك سجل إجرامي؟ وعندما تقول لهم نعم، فإنهم لن يقبلوك في الوظيفة. وحتى لو قلت لا، فإنهم سوف يكتشفون الحقيقة بعد شهر واحد ويطردونك من العمل. إنه شيء فظيع، وسوف تبتلعهم الشوارع».
ويتابع: «يقول الناس إنك جزء من عائلاتهم، وفي اللحظة التالية سيقودونك إلى تناول المخدرات والقيام بهذا الأمر أو ذاك. قد تحاول كسب 20 ألف جنيه إسترليني، لكنك قد تدفع ثمن ذلك غالياً، وتُسجن لمدة ست سنوات. لكن يمكنك بدلاً من ذلك، أن تكسب المزيد من الأموال عن طريق العمل خلال تلك الفترة في (ماكدونالدز)، وستكون حراً وتتمكن من رعاية أطفالك. كل هذه السنوات التي يقضيها الشخص في السجن هي سنوات ضائعة، وما هو مقابل ذلك؟ إنها تذهب هباءً من أجل لا شيء. إننا نحاول إنشاء شبكة لتوجيه الناس عندما يخرجون من السجن ومساعدتهم في العثور على عمل تجاري أو أي عمل مناسب».
ويعرف لورانس جيداً ما يعنيه الخروج من السجن ثم العودة إليه مرة أخرى، كما يعرف أيضاً ما يعنيه الخروج ومواجهة الظروف الصعبة في الحياة. لقد وجد لورانس الخلاص في موهبته في كرة القدم. فعندما كان لورانس يقضي فترة عقوبته الثانية - أربع سنوات لإدانته بالسرقة والعنف - لفتت موهبته في مجال كرة القدم أنظار حراس السجن، وهو ممتن للغاية للثقة التي وضعوها فيه ولإيمانهم بقدراته. لقد ساعدوه على الانضمام إلى نادي كاوز، وهو فريق محلي شبه محترف، خلال فترة تواجده في السجن.
يقول لورانس عن ذلك: «لقد كنت محظوظاً بسبب وجود شخص داخل السجن يؤمن بقدراتي، والذي فعل كل ما يستطيع القيام به حتى أخرج من السجن وأستغل موهبتي. هل تعرف ماذا يعنيه الأمر بالنسبة لضابط بالسجن عندما يسمح بخروجي في نهاية كل أسبوع من أجل لعب كرة القدم؟ كان من الممكن أن يُنظر إلى هذا الإجراء على أنه غير صحيح، وكان من الممكن أن يفقد وظيفته بسبب ذلك. لكن قيامهم بذلك، جعلني أفعل أي شيء ممكن حتى لا أتسبب لهم في أي ضرر».
لقد كانت المغامرة كبيرة، ويقول لورانس عن ذلك: «لم يكن هناك حراس من الأمن يذهبون معي. وفي يوم السبت من كل أسبوع كانوا يقلونني إلى مكان المباراة. وإذا كنا نلعب خارج العاصمة، فإنهم يخرجونني عند الساعة العاشرة، وأذهب وألعب المباراة، ثم يأتون لإعادتي إلى السجن مرة أخرى. وعندما يكون عندي زيارة خارج السجن لمدة ست ساعات يوم الأحد، فإن زملائي في الفريق كانوا يأتون ويتحدثون معي ويزودوني بإرشادات حول كيفية التعامل مع الآخرين خارج السجن، وكان هذا الأمر يعني الكثير بالنسبة لي؛ لأنك تعرف حينها أنك مقبول من الآخرين».
وأضاف: «ما زلت لا أصدق حتى الآن أنني قضيت أربع سنوات في سجن (كامب هيل) الذي كان يعد أسوأ سجن أقضي به فترة عقوبتي في ذلك الوقت، فقد كان مليئاً بالعنف والمخدرات. لقد اعتقدت أن هذه ستكون حياتي إلى الأبد. ثم خرجت من السجن ووقّعت على أول عقد احتراف لي مع نادي سندرلاند. ولعبت أول مباراة لي مع الفريق في يوم الأحد وكانت مذاعة على الهواء مباشرة، وكنا نواجه نادي ميدلسبره. لقد كان الجميع يشاهدني وأنا ألعب كرة القدم. لقد كنت في لحظة في سجن كامب هيل، وفي اللحظة التالية كنت ألعب في مباراة تنقل على الهواء مباشرة».
وواصل لورانس مسيرته الكروية بنجاح وانتقل بعد ذلك للعب مع ليستر سيتي وبرادفورد في الدوري الإنجليزي الممتاز، كما لعب مع منتخب جامايكا. ومع ذلك، يدرك لورانس جيداً أن هناك خيطاً رفيعاً بين الصواب والخطأ، وبالتالي يتعين عليه أن يكون قوياً للغاية من الناحية الذهنية؛ حتى يتجنب الوقوع في العادات السيئة مرة أخرى. يقول لورانس: «عندما لا تفعل أي شيء جيد، فإنك تشعر بأنه كان يتعين عليك أن تتصرف بطريقة مختلفة. لقد كنت محظوظاً؛ لأن كرة القدم قد أبعدتني 300 ميلاً عن العادات السيئة».
وأضاف: «عندما اعتزلت كرة القدم كنت قريباً من العودة إلى الجريمة مرة أخرى؛ لأن هذا هو الشيء الوحيد الذي أعرفه. لقد شعرت بقدر كبير من الاكتئاب بعد أن اعتزلت كرة القدم. أعرف أنني كنت أمرّ بمرحلة اكتئاب لأنني كنت لا أتوقف عن تناول الكحوليات لكي أنسى أنني اعتزلت. كان لا يزال يتعين عليّ أن أدفع بعض الفواتير الأخرى، لكنني أصبحت فجأة غير قادر على السداد، وكنت على وشك الانحراف نحو الطريق الخطأ مرة أخرى. كل زملائي كان سلوكهم سيئاً، وكان من الممكن أن أعود للعادات السيئة مرة أخرى. لقد جلس أحد أعز أصدقائي، والذي يقضي الآن فترة عقوبة طويلة في السجن، وقال لي: هل تريد أن تكون في الزنزانة المجاورة لي؟ دبّر أمورك وحلّ مشكلاتك».
وفي الوقت الحالي، يركز لورانس على أشياء إيجابية بفضل الرياضة، فبالإضافة إلى مشروعه الجديد المتمثل في الحديث إلى السجناء، فإنه يعمل مساعد مدير فني لنادي كينغستونيان، ومدرباً متخصصاً في الملاكمة وكرة القدم. وقد عمل مع عدد من اللاعبين في تشيلسي، بما في ذلك روبن لوفتوس - تشيك. وبالتالي، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: لماذا يذهب مثل هؤلاء اللاعبين إلى مدرب متخصص في الخارج عندما تكون لديهم أفضل الإمكانات في ناد مثل تشيلسي؟
يقول لورانس: «أنا أدخل إلى عقل اللاعب وأختبره بأشياء لم يُختبر بها من قبل. لقد أرسل روبن مقطع فيديو لي يقول خلاله إنني جعلته يشعر بالراحة ويفرغ شحنة التوتر والقلق التي كانت لديه. وبمجرد أن تنجح في ذلك، يتعين عليك أن ترفع سقف الأشياء التي تسعى لتحقيقها، وهذا هو ما أقوم به مع اللاعبين الشباب طوال الوقت». وأضاف: «أنا لست من محبي أكاديميات الناشئين؛ لأنها تقود اللاعبين الشباب نحو الفشل وتبيع لهم الوهم. إنها لا تعمل بشكل جاد بما فيه الكفاية، ولا تتحمل أي مسؤوليات على الإطلاق. الكثير من هؤلاء اللاعبين الشباب يأتون إلى وأضطر إلى توضيح الحقيقة أمامهم لكي يروا الصورة كاملة، ثم أعيد بناءهم وأغير نظرتهم الكاملة للحياة. تخيل أنك تحصل على 20 ألف جنيه إسترليني في الأسبوع وأنت في السابعة عشرة من عمرك، فلماذا تفكر في التحسن والتطور؟». وتابع: «المال لا يجعلك غنياً، لكن ما يجعلك غنياً هو الأشياء الموجودة بداخلك. وأنا غني الآن بفضل مساعدتي للناس».


مقالات ذات صلة

آرسنال يستعيد ذاكرة الانتصارات... وتشيلسي «ثالثاً» بثنائية في ليستر

رياضة عالمية  توماس بارتي لاعب أرسنال محتفلا بهدفه في مرمى نوتنغهام فورست (رويترز)

آرسنال يستعيد ذاكرة الانتصارات... وتشيلسي «ثالثاً» بثنائية في ليستر

بعد تعثره بتعادلين أمام تشيلسي وليفربول وخسارتين أمام بورنموث ونيوكاسل يونايتد في الجولات الأربع الماضية، وضع فريق آرسنال حداً لنتائجه السلبية في الدوري

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية بيدرو لاعب توتنهام محتفلاً بهدفه في السيتي (رويترز)

الدوري الإنجليزي: رباعية توتنهام تحطم سلسلة مان سيتي القياسية على أرضه

استمرت معاناة مانشستر سيتي بخسارة مفاجئة 4 - صفر أمام ضيفه توتنهام هوتسبير في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم اليوم السبت.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

أصبحت جملة «محمد صلاح هو الوحيد الذي...» شائعةً للغاية خلال السنوات الأخيرة عند الحديث عن أي بيانات أو إحصاءات هجومية في عالم كرة القدم. ويقدم النجم المصري

ديفيد سيغال (لندن)
رياضة عالمية بوستيكوغلو مدرب توتنهام (رويترز)

بوستيكوغلو: غوارديولا في طريقه لأن يصبح أحد عظماء التدريب

قال أنجي بوستيكوغلو مدرب توتنهام هوتسبير إن بيب غوارديولا رفع سقف المنافسة مع مدربي الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوارديولا (أ.ف.ب)

غوارديولا بعد تجديد عقده: لم يحن وقت الرحيل

قال المدرب الإسباني بيب غوارديولا الخميس عقب تمديد عقده مع مانشستر سيتي بطل إنجلترا لعامين اضافيين حتى العام 2027 إنّه «لم يستطع الرحيل الآن».

«الشرق الأوسط» (مانشستر)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.