سويسرا تقترب من مبادرة لفتح قناة مالية على طهران

موازية للقناة الأوروبية وتنتظر الموافقة الأميركية... خرازي يهدد بالانسحاب من «النووي» ما لم تفعل القناة

إيراني يشتري الفاكهة استعداداً للاحتفال بأطول ليالي السنة في بداية فصل الشتاء وفق تقليد شعبي بإيران (وكالة مهر)
إيراني يشتري الفاكهة استعداداً للاحتفال بأطول ليالي السنة في بداية فصل الشتاء وفق تقليد شعبي بإيران (وكالة مهر)
TT

سويسرا تقترب من مبادرة لفتح قناة مالية على طهران

إيراني يشتري الفاكهة استعداداً للاحتفال بأطول ليالي السنة في بداية فصل الشتاء وفق تقليد شعبي بإيران (وكالة مهر)
إيراني يشتري الفاكهة استعداداً للاحتفال بأطول ليالي السنة في بداية فصل الشتاء وفق تقليد شعبي بإيران (وكالة مهر)

تسعى سويسرا وراء موافقة أميركية لإطلاق أول مبادرة بعد إعادة فرض العقوبات، تسمح للشركات ببيع الطعام والدواء إلى إيران باستخدام قناة للمدفوعات، في وقت تطالب فيه طهران بالتعجيل بالقناة المالية المقترحة من الاتحاد الأوروبي.
وتُجري الحكومة السويسرية «محادثات حساسة» حول خطة للإمدادات الإنسانية مع الحكومتين الأميركية والإيرانية، بحسب ما نقلت صحيفة «فايننشال تايمز» عن مصادر مطلعة أمس.
في بداية نوفمبر (تشرين الثاني)، نفى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو اتهامات إيرانية بشأن فرض العقوبات على السلع الإنسانية، بما فيها الأدوية والغذاء. ورأت صحيفة «فايننشال تايمز» أن خطة برن «تتماشى مع إصرار واشنطن على أنها ستواصل السماح بتجارة المساعدات الإنسانية مع طهران».
ونقلت الصحيفة عن جهات حكومية سويسرية، أنها «تسعى جاهدة» إلى إنشاء قناة الدفع للسلع الإنسانية «في أقرب وقت ممكن»، غير أنها رفضت تحديد الموعد الزمني. وقال مسؤول إن الحكومة «تواصل المباحثات مع السلطات الأميركية وإيران والشركات السويسرية».
بدورها، أعربت الخارجية الأميركية عن «ارتياحها» من القناة السويسرية. وقالت في هذا الصدد: «نحن ندرك أهمية النشاط؛ لأنه يساعد الشعب الإيراني» مضيفاً أن سياسة الولايات المتحدة «لن تستهدف تجارة الأدوية والأغذية مع إيران».
من جانبه، قال المبعوث الأميركي الخاص بإيران، برايان هوك، في حوار مع قناة «صوت أميركا» عبر خدمتها الفارسية إن «النقص الذي تشهده إيران في الأدوية لم يكن مصدره العقوبات، إنما الحرس الثوري»، متهماً الجهاز العسكري الإيراني بانتحال أسماء شركات لأغراض إنسانية للتحايل على العقوبات الأميركية.
وجدد هوك تأكيداً أميركياً على أن العقوبات التي تفرضها الخزانة الأميركية لا تشمل السلع الإنسانية. ودعا في الوقت ذاته المسؤولين الإيرانيين إلى توفير حاجات الإيرانيين من الأدوية والأغذية بدلاً من الإنفاق على الحروب.
وكان هوك قد حذّر الشهر الماضي من أن طهران ستضطر إلى «إنشاء قطاع مالي مفتوح وشفاف» لتسهيل الواردات الإنسانية وضمان عدم تحويلها إلى «نخب النظام».
يأتي هذا في وقت تصرّ إيران على تفعيل القناة المالية الأوروبية بأسرع فرصة ممكنة. وكان المتحدث باسم الخارجية بهرام قاسمي نفى أن تكون الآلية الأوروبية المقترحة مخصصة للأودية والسلع الغذائية فقط.
من جهته، قال رئيس المجلس الاستراتيجي للسياسات الخارجية الإيرانية، كمال خرازي، أمس في تصريح لوكالة «إيسنا» الحكومية إن «عدم تفعيل القناة المالية الأوروبية لا يعني خروج إيران من الاتفاق النووي».
وتابع خرازي أنه في حال لم تتوصل القناة المالية الأوروبية إلى نتائج ملموسة «سنواصل عملنا»، مشيراً إلى أنه «لا يعني ذلك أننا سننسحب من الاتفاق النووي». ورهن خرازي مستقبل بقاء إيران في الاتفاق النووي «إذا ما نقض الأوروبيون تعهداتهم في الاتفاق بقرار كبار المسؤولين في الأوضاع الخاصة».
قبل ذلك بيومين، قال خرازي على هامش مؤتمر في طهران إن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف تلقى وعوداً أوروبية بتفعيل الآلية المالية قبل نهاية السنة.
وتعدّ تصريحات المسؤول الإيراني تراجعاً عن تهديدات وردت سابقاً على لسان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، وكبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي، بشأن انسحاب إيران من الاتفاق النووي في حال تأخر تفعيل الآلية المالية الأوروبية.
وصُممت الآلية الأوروبية (إس بي في) لمواجهة العقوبات الأميركية ورفع القيود البنكية والتبادل التجاري بعد إعادة فرض العقوبات الأميركية على إثر الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي.
ويواجه التكتل الأوروبي ولا سيما الدول الثلاثة (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) صعوبات في العثور على البلد الذي يستضيف القناة المالية، بعدما رفضت بلجيكا والنمسا ولوكسمبورغ مقترحات لتشغيل القناة خشية التعرض للعقوبات الأميركية.
وتمكنت خطط الحكومة الإيرانية من وقف انخفاض سعر الريال الإيراني، بعدما بلغ نحو 180 ألف ريال مقابل الدولار الواحد، قبل أن يتراجع هذا الأسبوع إلى حدود 90 ألف ريال، لكن تقارير وسائل الإعلام الإيرانية تشير إلى أن أسعار السلع ما زالت تراوح مستويات بلغتها على خلفية انخفاض الريال الإيراني.
وكانت حكومة حسن روحاني تعهدت بتوفير السلع الأساسية والأدوية للإيرانيين عقب دخول المرحلة الثانية من العقوبات الأميركية حيز التنفيذ في 8 نوفمبر الماضي.
وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني، أول من أمس، عقب انتهاء اجتماع وزراء خارجية الاتحاد، إنها تأمل في تفعيل القناة المالية غير الدولار لمواصلة التجارة مع طهران قبل نهاية هذا الشهر، مشيرة إلى «تحقق تقدم» في مساعي دخول الآلية حيز التنفيذ.
ورجّح دبلوماسيون أوروبيون أن تستضيف باريس القناة المالية الأوروبية، ورجحت مصادر غربية أن تتقاسم فرنسا وألمانيا أعباء استضافة القناة التي تواجه تحذيرات من الإدارة الأميركية.



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.