«داعش» إلى الانضواء تحت «القاعدة» أو تكوين خلايا جديدة

مؤشر للفتوى بمصر: بن لادن والقرضاوي أسسا للعنف في الغرب

تحول {داعش} إلى حروب «المطاريد والعصابات» بعد فقده الكثير عناصره
تحول {داعش} إلى حروب «المطاريد والعصابات» بعد فقده الكثير عناصره
TT

«داعش» إلى الانضواء تحت «القاعدة» أو تكوين خلايا جديدة

تحول {داعش} إلى حروب «المطاريد والعصابات» بعد فقده الكثير عناصره
تحول {داعش} إلى حروب «المطاريد والعصابات» بعد فقده الكثير عناصره

قالت دراسة مصرية، أمس، إن تنظيم داعش تحول إلى جماعات وأفراد تدير حروب العصابات، ومستقبل التنظيم بدا أكثر دراماتيكية، إذ من المتوقع ازدياد أعداد الفارين والمنشقين عنه، في ظل غياب استراتيجية واضحة له بعد فشل مشروعه. وأوردت الدراسة أن «بقايا التنظيم سيكون عليها الاختيار بين الانضواء تحت تنظيم القاعدة ومبايعته، أو تكوين جماعات وخلايا جديدة منفصلة ومتعددة تحمل المنهج نفسه».
يأتي ذلك في وقت أكد فيه مؤشر للفتوى في مصر، أن فتاوى أسامة بن لادن زعيم «القاعدة» السابق، ويوسف القرضاوي، رئيس «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» السابق (الأب الروحي لـ«إخوان» مصر) مثلت مرجعاً لرواد التواصل الاجتماعي الأجانب، وأسست للعنف داخل مجتمعاتهم. حيث إن بن لادن أفتى بوجوب محاربة الأجانب حول العالم عام 1994، والقرضاوي أجاز عام 2004 اختطاف الأميركيين في العراق وقتلهم.
ورجح مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء بمصر، في الدراسة التي أصدرها أمس، نهاية آيديولوجية التنظيم، مشيراً إلى أن إصداراته الإعلامية عبرت عن وضعه الميداني: الأولى من 2014 وحتى 2016، وشهدت زخماً وكثافة في حجم الإصدارات المرئية والمقروءة والسمعية، وركزت على قضايا الجهاد والتوسع والانتشار والتمدد، والثانية من 2017 وحتى 2018، وفيها شهد التنظيم تراجع حجم إصداراته الإعلامية، متبوعاً بتراجعه الميداني وخسائره للأرض، وسعى إلى تصدير خطاب الصبر على الابتلاءات والفتن، والثبات، وعدم الفرار من الميدان.
وذكرت الدراسة أن المرحلة الأولى للتنظيم عبرت أيضاً عن حالة من الصدمة التي كان يعيشها؛ حيث أدرك عدم امتلاكه لمشروع اجتماعي في المناطق التي سيطر عليها، فتحولت مفاهيمه من وسائل إلى غايات، وعمل على اختزال مفهوم «الجهاد» في القتال الدائم ضد الجميع، فغلبت الصورة الدامية على خطابه، وغاب عنه النص، وغلبت الفتوى على المشروع والفكر والاستراتيجية.
وأشارت الدراسة إلى أن المرحلة الثانية عبرت فيها خطابات التنظيم ونصوصه عن تحوله من موضع الهجوم والقوة إلى موضع الدفاع والتخاذل، فغابت نصوص أحكام إقامة «الخلافة المزعومة» وتطبيق الشريعة، وحلت بدلاً منها خطابات التحذير من القعود عن القتال، وتحريم الهروب منه أو الانشقاق عن صفوفه، وطغت عليه خطابات التحريض ضد الحكومات، وظهر صراع حول أحقية البيعة لأبو بكر البغدادي وتجديدها.
الدراسة المصرية أكدت أن عام 2018 كشف بوضوح تراجع نشاط التنظيم الإعلامي، وانحساره على كافة الأصعدة، وخاصة على مستوى الكتابات والإصدارات المقروءة، وعمل التنظيم على إعادة نشر الكتابات والمطويات القديمة، في سياق يدل على فقدانه لكوادره وموارده. كذلك عبرت الإصدارات المرئية له عن محاولته الحفاظ على تماسكه الذي بدا أكثر تفككاً وتخبطاً. وعن محاولات «داعش» إعادة صفوفه في العراق واستعادة نشاطه أخيراً، ذكرت الدراسة أن التنظيم تحول إلى حروب «المطاريد والعصابات»؛ خاصة بعد أن فقد عناصره، سواء كان نتيجة أعمال القتال، أو بسبب الفرار والانشقاقات، نتيجة لضعف قدرات التنظيم الإعلامية في تجنيد عناصر جديدة، واستفاقة وعي الشباب المسلم بضلالة منهج التنظيم ومخالفته لمبادئ الإسلام.
بينما أرجع المؤشر العالمي للفتوى التابع لدار الإفتاء بمصر أسباب انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا وتمددها في الغرب؛ لاستدعاء بعض الفتاوى القديمة التي تتسم بالتشدد والتطرف، وتدعو لتكفير الغير، ونشر الأفكار والمعتقدات الدينية الخاطئة، لافتاً إلى أن «فتاوى الجهاد» شكلت 39 في المائة من جملة موضوعات الفتاوى المعاد نشرها بالغرب أخيراً، وتمثلت غالبيتها في الدعوة لنشر العنف والفكر المتطرف، ومعاداة الدول، والدعوة للتخريب، موضحاً أن الهند تصدرت الدول الأكثر إعادة للفتاوى القديمة، بنسبة 30 في المائة، تلتها بريطانيا بـ26 في المائة، ثم الولايات المتحدة بـ20 في المائة، وباكستان وإيران.
ولفت المؤشر إلى أن إعادة نشر هذه الفتاوى من خلال مواقع التواصل الاجتماعي الغربية، لا يهدف لتنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا فقط؛ لكن وراءه عدداً من الأسباب الأخرى، أهمها الخوف من ازدياد عدد المسلمين في الدول الغربية وتشويه صورتهم، وتضخيم الخوف منهم، ونشر الفتاوى المتشددة الصادرة عن بعضهم لتصويرهم كعدو خطير.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.