ليل أجمل من الظلام

ليل أجمل من الظلام
TT

ليل أجمل من الظلام

ليل أجمل من الظلام
رفيف الظل

«رفيف الظل» زاوية جديدة، تنشر أسبوعيا في مثل هذا اليوم. وتختلف هذه الزاوية عن غيرها من الزوايا السابقة كونها، أولا، نصا مفتوحا يحمل هواجس إنساننا المعاصر وانشغالاته، وكونها، ثانيا، نتاجا مشتركا لثلاثة شعراء عرب يمثلون أجيالا مختلفة، ويعيشون في بلدان مختلفة، وهم الشاعر البحريني قاسم حداد، والشاعر السعودي سعد الدوسري، والشاعر الإماراتي عادل خزام.
 

ليل أجمل من الظلام

هذا صباح شبيه بسابقه من الأيام، لا أحد، لا حضور ولا غياب، ثمة شيء من الهوس المضطرب في رائحة الانتظار،
وأنت كما الطرقات تحرق الإسفلت بعيون ملتهبة.
كأن الفراشات نحو النار.
ليس للفراشة مناص،
سوى أن تغوي الليل،
وتتذوق ملاءة الصحو.
والنار شهوة السماء.
الكتاب آلة الزمن، والحبر زيتها.
القلم آلة الحياة، والكلمة بيتها.
ويبقى أن أشعَّ ببوصلة الصمت،
ثم أهطل شرق المليحة.
لولا أن حدود الخرائط ممحوة بفعل الحب، لتيسر للسماء أن يعيد صياغتها ثانية.
انظرْ إلى الموت، لا مفر منه ولا نجاة. قم إذن، وتعال مكتظا بالحياة.
التفتْ للشجر،
تهدك آياتها،
وتوسوس لك نداها.
نعم،
الشجرة سيدة الغابة ومليكة الزرقة
في الليل.
كلما الليل أجمل من الظلام.



«سأقتل كل عصافير الدوري» للكاتبة العُمانيّة هدى حمد

هدى حمد
هدى حمد
TT

«سأقتل كل عصافير الدوري» للكاتبة العُمانيّة هدى حمد

هدى حمد
هدى حمد

صدرت حديثاً عن «منشورات تكوين» في الكويت متوالية قصصية بعنوان «سأقتل كل عصافير الدوري» للكاتبة العُمانيّة هدى حمد. وتأتي هذه المتوالية بعد عدد من الروايات والمجموعات القصصية، منها: «نميمة مالحة» (قصص)، و«ليس بالضبط كما أريد» (قصص)، و«الأشياء ليست في أماكنها» (رواية)، و«الإشارة برتقاليّة الآن» (قصص)، «التي تعدّ السلالم» (رواية)، «سندريلات في مسقط» (رواية)، «أسامينا» (رواية)، و«لا يُذكَرون في مَجاز» (رواية).

في أجواء المجموعة نقرأ:

لم يكن ثمّة ما يُبهجُ قلبي أكثر من الذهاب إلى المصنع المهجور الذي يتوسطُ حلّتنا. هنالك حيث يمكن للخِرق البالية أن تكون حشوة للدُّمى، ولقطع القماش التي خلّفها الخياط «أريان» أن تكون فساتين، وللفتية المُتسخين بالطين أن يكونوا أمراء.

في المصنع المهجور، ينعدمُ إحساسنا بالزمن تماماً، نذوب، إلا أنّ وصول أسرابٍ من عصافير الدوري بشكلٍ متواترٍ لشجر الغاف المحيط بنا، كان علامة جديرة بالانتباه، إذ سرعان ما يعقبُ عودتها صوتُ جدي وهو يرفع آذان المغرب. تلك العصافير الضئيلة، التي يختلطُ لونها بين البني والأبيض والرمادي، تملأ السماء بشقشقاتها الجنائزية، فتعلنُ انتهاء اليوم من دون مفاوضة، أو مساومة، هكذا تتمكن تلك الأجنحة بالغة الرهافة من جلب الظُلمة البائسة دافعة الشمس إلى أفولٍ حزين.

في أيامٍ كثيرة لم أعد أحصيها، تحتدُّ أمّي ويعلو صوتها الغاضب عندما أتأخر: «الغروبُ علامة كافية للعودة إلى البيت»، فأحبسُ نشيجي تحت بطانيتي البنية وأفكر: «ينبغي قتل كلّ عصافير الدوري بدمٍ بارد».

وهدى حمد كاتبة وروائيّة عُمانيّة، وتعمل حالياً رئيسة تحرير مجلة «نزوى» الثقافية.