الجمعية العامة للأمم المتحدة تدين انتهاكات إيران لحقوق الإنسان

عبر قرار ينتقد الاعتقالات التعسفية واضطهاد القوميات والأقليات الدينية وقمع الاحتجاجات العمالية

اجتماع الجمعية العامة في نيويورك أول من أمس (موقع الأمم المتحدة)
اجتماع الجمعية العامة في نيويورك أول من أمس (موقع الأمم المتحدة)
TT

الجمعية العامة للأمم المتحدة تدين انتهاكات إيران لحقوق الإنسان

اجتماع الجمعية العامة في نيويورك أول من أمس (موقع الأمم المتحدة)
اجتماع الجمعية العامة في نيويورك أول من أمس (موقع الأمم المتحدة)

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة ليلة الاثنين الماضي قراراً يدين انتهاكات إيران لحقوق الإنسان، بموافقة 84 دولة، وسط امتناع 67، ورفض 30، من بين 193 دولة من أعضاء الجمعية العامة.
ويستند القرار على تقارير المقرر الأممي لحالة حقوق الإنسان في إيران جاويد رحمان وأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشأن أوضاع حقوق الإنسان في إيران.
وصوتت روسيا والصين والعراق ولبنان وأفغانستان وباكستان والهند ضد القرار، فيما امتنعت مصر والمغرب والجزائر والكويت وقطر عن التصويت.
وقبل التصويت في الجمعية العامة تبنت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة منتصف الشهر الماضي القرار بعد موافقة 85 دولة، مقابل امتناع 68 عن التصويت، فيما عارضته 30 دولة.
وحث قرار لجنة حقوق الإنسان حينها السلطات الإيرانية على وقف استخدامها الاحتجاز التعسفي على نطاق واسع، معربة عن قلقها من استخدام «عقوبة الإعدام» بشكل مفرط. كما يدعو القرار «بشدة» إلى وقف التمييز ضد المرأة في القانون والممارسة، ويعرب عن «قلق بالغ إزاء القيود الصارمة المستمرة على الحق في حرية الفكر والوجدان والدين أو المعتقد».
وكانت وزارة الخارجية الإيرانية على لسان المتحدث باسمها رفضت قبل نحو شهر تقرير لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، واتهمت اللجنة بـ«تجاهل واقع إيران» و«الانتقائية» و«التسييس».
ومنذ عام 2011 وحتى الآن أقرت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تعيين مقرر خاص بحالة حقوق الإنسان في إيران.
وتعد هذه الفترة الرابعة التي تتابع فيها الأمم المتحدة حالة حقوق الإنسان في إيران على مدى 40 عاما، لكنها أطول من الفترات الثلاث السابقة.
وفي بداية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وجّه المقرر جاويد رحمان، في آخر تقرير عن حالة حقوق الإنسان في إيران، انتقادات لاذعة للمسؤولين الإيرانيين بسبب الانتهاكات.
وترفض إيران طلبات المقرر الأممي الخاص بحقوق الإنسان لزيارة إيران والتحقيق في القضايا المتعلقة بالانتهاكات.
وتستند تقارير الأمم المتحدة إلى شهادات ضحايا ومنظمات متنوعة تراقب حالة حقوق الإنسان في البلاد.
ويوجه قرار الجمعية العامة اتهامات إلى إيران بانتهاكات جدية لحقوق الإنسان، وتجاهل المعايير الدولية، بما فيها منع المواطنين من حرية التعبير والتجمع والاحتجاج، عبر اللجوء إلى العنف والقمع. كما يتوقف القرار عند القيود التي تفرضها السلطات الإيرانية على وسائل الإعلام وشبكة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.
ويشير القرار إلى القمع الذي تمارسه السلطات الإيرانية ضد الحراك المدني والاحتجاجات العمالية عبر تجريم التظاهر والتجمعات السلمية، لافتا إلى ملاحقة الإيرانيين بسبب التعبير عن معارضتهم سياسات الدولة.
كما سلط الضوء على قمع القوميات، مثل الأتراك الأذريين، والأحوازيين العرب، والبلوش، والكرد، إضافة إلى انتهاك حقوق الأقليات الدينية في ممارسة طقوسها؛ بمن فيهم أهل السنة، والمسيحيون، والبهائيون، والطائفة اليارسانية.
وينتقد قرار الأمم المتحدة عدم امتثال القضاء في إيران للمعايير الدولية، مطالبا طهران بالوفاء بتعهداتها بوصفها عضوا في الأمم المتحدة. كما يشير إلى أن إيران الأكثر تنفيذا لأحكام الإعدام في العالم، مقارنة بتعدادها السكاني. ويلفت القرار الأممي إلى أن القضاء الإيراني يصدر أحكاما بالإعدام في جرائم لا تصنف على أنها جدية، وفي جرائم تحت عناوين مبهمة، فضلا عن أحكام تطال القاصرين.
ولاقى القرار ترحيبا واسعا في أوساط الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، بما فيها «مجموعة مقرري حقوق الإنسان» التي تتخذ من جنيف مقرا لها، والتي رحبت في بيان لها بزيادة عدد الدول التي انضمت إلى قائمة المؤيدين لقرار إدانة إيران، مقارنة بالعام الماضي.
قبل ساعات من القرار كانت فرنسا قد دعت السلطات الإيرانية إلى توضيح ملابسات مقتل معتقل إيراني في ظروف مثيرة للجدل.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية؛ نقلا عن بيان للخارجية الفرنسية: «علمت فرنسا بقلق بوفاة وحيد صيادي نصيري في المعتقل»، وقدمت المتوفى على أنه «مدون وناشط»، مضيفا: «فرنسا تدعو السلطات الإيرانية إلى تسليط كامل الضوء على ملابسات الوفاة» التي «تأتي في ظرف تضييق متزايد على الحقوقيين في إيران».
وكانت السلطات الإيرانية أعلنت وفاة نصيري الأحد الماضي، وقالت إنه توفي في المستشفى إثر تدهور حالته الصحية، نافية اتهامات من مجموعات إيرانية معارضة في الخارج قالت إنه توفي بالسجن في 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي إثر إضراب عن الطعام احتجاجا على ظروف اعتقاله.
وتضاربت المعلومات في وسائل الإعلام الإيرانية بشأن سبب اعتقال المتوفى.
وقالت وكالة «إيرنا» الرسمية نقلا عن مهدي كاهي، المدعي العام في قم الواقعة على بعد مائة كيلومتر جنوب طهران، إن «وحيد صيادي نصيري الذي كان يمضي فترة عقوبة بالسجن بتهمة التجديف في محافظة قم توفي نتيجة مرض بالكبد بعد 7 أيام من إيداعه المستشفى».
وقالت وكالة «إيسنا» من جهتها إن الإيراني كان تم توقيفه في مارس (آذار) 2015 وحكم عليه بالسجن 5 سنوات بتهمة «الإرهاب» بسبب انتمائه لمجموعة ملكية محظورة في إيران.
وحسب الوكالة؛ فقد صدر عفو عن نصيري بعد عام ونصف، لكن تم توقيفه مجددا نهاية يوليو (تموز) بعد أن «عاد للعمل مع هذه المجموعة» التي كان يحضّر معها لـ«عمليات تفجير».
وعدّت فرنسا أن نصيري «كان في إضراب عن الطعام منذ 13 أكتوبر الماضي للاحتجاج على ظروف اعتقاله وعدم احترام حقوقه».



قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
TT

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)

قال قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران» و«ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ«دفع ثمن باهظ»، وذلك في ثالث خطاب له منذ سقوط بشار الأسد وانسحاب قواته من سوريا.

ودعا سلامي إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا؛ في إشارة إلى الإطاحة بنظام الأسد على يد قوى المعارضة، وكذلك القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له سوريا، وقال: «سوريا درس مرير لنا، ويجب أن نأخذ العبرة».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

ودافع سلامي مرة أخرى، عن تدخل قواته في سوريا. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله، في هذا الصدد، «رأى الجميع أنه عندما كنا هناك، كان الشعب السوري يعيش بكرامة؛ لأننا كنا نسعى لرفع عزتهم».

وصرح سلامي في مراسم تقديم جائزة قاسم سليماني: «لم نذهب لضم جزء من أراضي سوريا إلى أراضينا، ولم نذهب لنجعلها ميداناً لتحقيق مصالحنا الطموحة».

وتطرق إلى الهجمات الإسرائيلية التي طالت مواقع الجيش السوري في الأيام الأخيرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقال: «حين سقط النظام السوري، رأينا ما يحدث من أحداث مؤسفة. الصهاينة أصبحوا قادرين على رؤية ما بداخل بيوت أهل دمشق من دون الحاجة إلى أسلحة؛ وهذا أمر لا يمكن تحمله».

وقال: «الآن ندرك أنه إذا لم يصمد الجيش ولم تقاوم القوات المسلحة، فإن البلاد بأكملها قد تُحتل في لحظة»، وأعرب عن اعتقاده بأن «الناس في دمشق يفهمون قيمة رجال المقاومة، ويدركون كم هم أعزاء عندما يكونون موجودين، وكيف ستكون الكارثة إذا غابوا».

وأشار سلامي إلى تصريحات المرشد علي خامنئي بشأن سوريا قبل أيام، وقال: «كما قال قائدنا، فإن سوريا ستحرر على يد شبابها الأبطال، وستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً، وستدفن في هذه الأرض».

ورأى أن هذا الأمر «يتطلب وقتاً وصموداً عظيماً وعزماً راسخاً وإيماناً جميلاً»، عاداً ذلك من صفات من وصفهم بـ«الشباب المجاهدين في العالم الإسلامي».

وقال سلامي: «نحن ندافع بحزم عن أمننا واستقلالنا ونظامنا ومصالحنا وتاريخنا وديننا. هذه الأرض ليست أرضاً يمكن للغرباء أن ينظروا إليها بنظرة غير لائقة».

وتحدث سلامي الأسبوع الماضي مرتين إلى نواب البرلمان وقادة قواته. وكان أول ظهور لسلامي الثلاثاء أمام المشرعين الإيرانيين في جلسة مغلقة، لم يحضرها إسماعيل قاآني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، ونقل نواب إيرانيون قوله إن إيران «لم تضعف» إقليمياً.

أما الخميس، فقد تحدث سلامي أمام مجموعة من قادة قواته، وقال: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».

وتباينت رواية سلامي مع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي تحدث بدوره الخميس، عن «الاختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، رغم أنه توقع أن يتمكن «حزب الله» من التكيف مع الظروف الجديدة.

جاءت تصريحات سلامي، الأحد، في وقت ركزت وسائل إعلام «الحرس الثوري» على حملتها في تبرير الوجود الإيراني خلال الحرب الداخلية السورية، وكذلك سقوط نظام بشار الأسد وتداعياته على إيران وأذرعها الإقليمية.

بعد صمت دام أكثر من 48 ساعة من قبل الإعلام الإيراني إزاء الاحتفالات التي عمت سوريا، وخصوصاً دمشق، بسقوط النظام، كما لم تنشر أي من الصحف الإيرانية صوراً على صفحاتها الأولى من الاحتفالات، أبرزت عدد من الصحف في المقابل آثار القصف الإسرائيلي على مواقع عسكرية سورية، وصوراً من كبار المسؤولين في تركيا، والمعارضة السورية.

على المستوى الرسمي ألقت إيران منذ أولى لحظات سقوط الأسد، اللوم على الجيش السوري، وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل في سقوط حليفها.

قاآني خلال تشييع الجنرال عباس نيلفروشان في طهران 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

خالي الوفاض

قال النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الملف العسكري في لجنة الأمن القومي، إن «بشار الأسد كان خالي الوفاض ولم يتمكن من كسب رضا الجيش».

وصرح كوثري، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، بأن بشار الأسد «فشل في كسب دعم الجيش بسبب افتقاره للموارد وضعف الدعم، ما أدى إلى انهيار الجيش». وأكد أن الاتصال مع إيران استمر حتى اللحظة الأخيرة، لكن بعض المحيطين بالأسد، مثل رئيس الوزراء وبعض قادة الجيش، عرقلوا هذا التواصل.

وأوضح كوثري أن سوريا كانت نقطة عبور وطريقاً مهماً لدعم «حزب الله»، ولكن بعد رفض الحكومة السورية السماح بالدخول، لم تتمكن إيران من التدخل بالقوة. وأضاف أنه خلال فترة «داعش»، دخلت إيران سوريا بناءً على طلب رسمي وساهمت في القضاء على التنظيم، ما حال دون تمدده نحو الحدود الإيرانية.

وتحدث عن الوضع الحالي، مشيراً إلى أن سوريا ما زالت تحت سيطرة «الكيان الصهيوني وأميركا وعملائهم». وبشأن المستقبل، توقع ظهور خلافات «بين القوى التي اجتمعت بأموال أميركية»، مما سيدفع الشعب السوري إلى إدراك الخداع والبحث عن جهات قادرة على تحقيق الأمن وتحسين الاقتصاد.

ملصقات تحمل صورة زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي خلال مجلس عزاء في السفارة الإيرانية بدمشق أبريل الماضي (أ.ف.ب)

خسائر «الحرس الثوري»

في سياق متصل، قال الجنرال مهدي فرجي، الذي شارك في الحرب السورية، في حديث لوكالة «فارس»، إن إيران بدأت في إرسال القوات «الاستشارية» منذ 2011، مشدداً على ضرورة «تفسير الأوضاع التي كانت في سوريا حينذاك».

وبرر فرجي وجود إيران بظهور تنظيم «داعش» ومنع وصولها إلى حدود إيران. وأشار إلى دور مسؤول العمليات الخارجية السابق قاسم سليماني، الذي قضى في ضربة أميركية مطلع 2020، وقال: «تنسيق الجيش السوري كان عملاً ذا قيمة كبيرة، حينها لم يكن الجيش السوري ملوثاً إلى هذا الحد، ولكن خلال هذه السنوات العشر، أصبح تأثير العدو على الجيش السوري كاملاً».

كما أشار فرجي إلى الدعم الذي قدمه الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد إلى طهران، في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات قرن الماضي. وقال: «لقد أرسلت ذخائر بناء على أمر حافظ الأسد»، ونقل عن بشار الأسد قوله: «حافظ الأسد أوصى ابنه بشار قائلاً: طالما أنكم مع إيران، فأنتم موجودون».

وقال فرجي إن الشباب تحت الـ30 شكلوا 90 في المائة من القوات الإيرانية، ونحو 10 في المائة من المحاربين القدامى في حرب الثمانينات؛ في إشارة إلى قادة «الحرس».

وقال إن «الشباب شكلوا أكثر من 90 في المائة من 540 قتيلاً في الدفاع عن الأضرحة».

وهذه أول مرة قيادي من «الحرس الثوري» يشير إلى مقتل أكثر 500 إيراني في الحرب السورية. وهي نسبة أقل بكثير مما أعلنه نائب إيراني الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من ستة آلاف.

وقال النائب محمد منان رئيسي، وهو مندوب مدينة قم، إن إيران خسرت 6000 من قواتها في الحرب الداخلية السورية. وهي أعلى إحصائية يكشف عنها مسؤول إيراني لعدد قتلى القوات التي أطلق عليها مسؤولون إيرانيون اسم «المدافعين عن الأضرحة».

وتعود أعلى إحصائية إلى 2017، عندما أعلن رئيس منظمة «الشهيد» الإيرانية محمد علي شهيدي، مقتل 2100 عنصر من القوات الإيرانية في سوريا والعراق.

ويرفض «الحرس الثوري» تقديم إحصائيات واضحة عن خسائره البشرية والمادية.