قمة أوروبية ـ أفريقية تؤكد تعزيز الشراكة لمواجهة «الهجرة غير الشرعية»

عقد قادة وكبار مسؤولي حكومات أكثر من 50 دولة عضواً في الاتحادين الأوروبي والأفريقي، اجتماعاً بالعاصمة النمساوية فيينا أمس، لبحث سبل تعزيز التعاون بين القارتين. وخلال الجلسة الافتتاحية أكد المشاركون أهمية تعزيز الشراكة بين القارتين؛ لتشجيع الابتكار، ونقل التكنولوجيا، وزيادة الاستثمارات، لتوفير مزيد من الوظائف في أفريقيا، ومواجهة الهجرة غير الشرعية، مشددين على أن مستقبل أفريقيا وأوروبا يكمن في تعزيز التعاون.
ترأس القمة المستشار النمساوي سيباستيان كورتس الذي تتولى بلاده حالياً الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، والرئيس الرواندي بول كاغامي الذي يرأس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي. وركز الاجتماع على التقنيات الرقمية؛ بما في ذلك العروض التقديمية التي تقدمها الشركات الناشئة في أفريقيا. تأتي هذه القمة بعد نحو نصف عام من اتفاق قادة الاتحاد الأوروبي على أن معالجة مشكلة الهجرة غير الشرعية تحتاج إلى إحداث تغييرات اجتماعية واقتصادية في الدول الأفريقية بصفتها من أكبر مصادر المهاجرين إلى القارة الأوروبية.
وقبل انطلاق القمة، كتب رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاجاني على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «فقط؛ بزيادة الاستثمارات في أفريقيا وخلق فرص أمام الأفارقة في بلادهم، يمكننا تقليل تدفق الهجرة إلى أوروبا». ووفقاً للإحصاءات الأوروبية، فإن أفريقيا ثالث أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي بعد الصين واليابان.
يشارك في القمة رؤساء دول وحكومات؛ مصر وإثيوبيا وغانا وغينيا وكينيا ومورشيوس، إلى جانب عدد من رؤساء حكومات دول الاتحاد الأوروبي. في حين اكتفت القوى الاقتصادية الأوروبية الكبرى؛ وهي ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، بالمشاركة بمسؤولين أقل من المستوى الوزاري.
وقال المستشار النمساوي سيباستيان كورتس إن «الاتحاد الأوروبي عازم على مواصلة التعاون الاقتصادي مع أفريقيا لدعم التنمية المستدامة التي تستهدف تحسين مستويات المعيشة في أفريقيا»، مشيراً إلى أن التحديات المشتركة تستلزم تعزيز التعاون بين الجانبين لمواجهتها. وأضاف كورتس: «أفريقيا ستظل عاملاً مهماً في استقرار أوروبا»، لافتاً إلى أن المنتدى سوف يسهم في تغيير نظرة بلاده تجاه العلاقات الأفريقية - الأوروبية.
وأوضح أن الاستثمارات الأوروبية توفر فرصاً مهمة للتشغيل بالقارة الأفريقية، واصفاً أفريقيا بأنها أرض الفرص، ومطالباً الأوروبيين بإعطاء مزيد من الاهتمام لقارة أفريقيا. وأشار إلى أن المنتدى يعد مساهمة صغيرة على طريق التعاون الإيجابي بين أفريقيا وأوروبا؛ لتغيير الواقع الاقتصادي في القارتين.
من جانبه، قال الرئيس الرواندي بول كاغامي إن المنتدى الأفريقي - الأوروبي يستهدف تعزيز العلاقات الأوروبية - الأفريقية، ويعد امتداداً للتعاون بين الجانبين في مجال التنمية المستدامة وبناء الشراكة، مشيراً إلى أن التعاون بين الجانبين يحقق مكاسب مشتركة. وأضاف: «الدول الأفريقية تسعى إلى دعم التكنولوجيا والابتكار وتوفير فرص العمل للشباب وتطوير اقتصاداتهم»، مشيراً إلى أن نجاح التعاون الأوروبي - الأفريقي لا يقتصر فقط على مواجهة الهجرة غير الشرعية. بدوره، أكد رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر أن أفريقيا وأوروبا تربطهما مصالح وعلاقات طويلة الأمد، مشيراً إلى أن التعاون بين الجانبين يجب عدم اختزاله في مكافحة الهجرة غير الشرعية، وشدد على أهمية دعم التعاون في مجالات الاستثمار والتجارة بين الجانبين.
من جانبه، قال رئيس المفوضية الأفريقية موسى فقي محمد إن «المفوضية تدعم الشراكة بين القارة الأفريقية والاتحاد الأوروبي»، وأضاف: «عدد كبير من الشباب الأفارقة اضطروا إلى الهجرة بشكل غير شرعي إلى خارج القارة أملاً في إيجاد حياة أفضل وفرص للعمل»، موضحاً أن دول أفريقيا تحتاج إلى «تحسين مستويات المعيشة، وزيادة النمو الاقتصادي، وتوفير فرص التشغيل، لاحتواء الهجرة غير الشرعية».
وفي كلمته، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن القارة الأفريقية حققت على مدار السنوات العشر الماضية معدلات نمو إيجابية مستدامة؛ غير أن هذا الأداء الاقتصادي الذي تمكن من الصمود رغم التقلبات الاقتصادية العالمية لم يحقق المستهدف منه بعد؛ لصعوبة الأوضاع الاقتصادية في كثير من بلدان القارة، وشروط التجارة والاستثمار الدولي غير المواتية، وتحديات الأمن والاستقرار التي تحول دون ترجمة هذا النمو إلى تحسن ملموس في حياة الأفراد، فضلاً عن ازدياد مخاطر النزاعات المسلحة والأنشطة الإرهابية والإجرامية العابرة للحدود، واستمرار التدخلات الخارجية التي تؤثر على استقرار المجتمعات والدول. ونوه السيسي، في كلمته أمام المنتدى الذي يُعقد تحت شعار «التعاون في العصر الرقمي»، بأن القارة الأفريقية مؤهلة أكثر من غيرها للتعامل مع الأدوات المستحدثة في القرن الحادي والعشرين.