انتخابات شمال سيناء... العمل السياسي يتحدى الإرهاب

9 مرشحين يتنافسون على مقعد واحد والتصويت يبدأ اليوم

جانب من فعالية انتخابية لأحد المرشحين لعضوية البرلمان عن دائرة العريش في شمال سيناء
جانب من فعالية انتخابية لأحد المرشحين لعضوية البرلمان عن دائرة العريش في شمال سيناء
TT

انتخابات شمال سيناء... العمل السياسي يتحدى الإرهاب

جانب من فعالية انتخابية لأحد المرشحين لعضوية البرلمان عن دائرة العريش في شمال سيناء
جانب من فعالية انتخابية لأحد المرشحين لعضوية البرلمان عن دائرة العريش في شمال سيناء

أمام لافتات عدة تقاطعت مع مسار شارع 26 يوليو (تموز)، أحد أكبر شوارع مدينة العريش بشمال سيناء، وقف الستيني أحمد الكاشف متأملاً المشهد وهو يعيد قراءة عبارات مختلفة تحملها دعاية 9 مرشحين لشغل مقعد بمجلس النواب المصري عن دائرة العريش، الذي خلا بوفاة النائب الراحل الدكتور حسام الرفاعي في سبتمبر (أيلول) من العام الحالي.
وقال الكاشف، وهو أحد أبناء عمومة البرلماني الراحل، لـ«الشرق الأوسط»: إن شتان ما بين مجريات انتخابات مجلس النواب في دورتها السابقة التي جرت في مطلع ديسمبر (كانون الأول) عام 2015 وما نشاهده راهناً، وأوضح أنه كان «شريكاً في الدعاية لانتخاب ابن عمه البرلماني الراحل، بينما اتسمت تلك الفترة بعدم قدرة جميع المتنافسين من المرشحين على الإعلان عن أنفسهم بلافتات وملصقات ومؤتمرات جماهيرية؛ خشية استهدافهم من الإرهابيين».
وتابع الكاشف: «الحال تغير الآن وعاد الوضع إلى مرحلة ما قبل انتشار الإرهاب في سيناء؛ إذ يشتد الصراع بين المتنافسين على المقعد البرلماني، وكل مرشح يحشد من خلفه أبناء قبيلته وعائلته، معززاً ذلك بلافتات ومؤتمرات، وهو ما تشهده شوارع العريش، ويؤكد أن الأمان عاد للمدينة، في مقابل تراجع المخاوف من الإرهاب».
وبحسب ما قررت الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر، فإن التصويت على انتخاب نائب لتمثيل دائرة العريش ودائرتين أخريين في محافظتي الفيوم والغربية، تبدأ اليوم (الأربعاء) وتستمر حتى غدٍ (الخميس).
ويخوض الانتخابات على المقعد الشاغر في مدينة العريش 9 مرشحين، بينهم 7 مستقلين، وهم: حسن الحلواني، وممدوح أيوب، وأمين جودة، وعادل محسن، وعلاء الدين محمد، ومحمد السيد علي، وأحمد سعد يعقوب، و2 من المرشحين الحزبيين وهم جمال البنديري، عن حزب حماة الوطن، وأحمد العايق المطري، عن حزب مصر المستقبل.
وقال المرشح أمين جودة، لـ«الشرق الأوسط»، إنه نفذ دعايته الانتخابية بشكل طبيعي واعتيادي من خلال مؤتمرات عقدها في مقرات تتبع قبيلته الفواخرية، ولم يتعرض لهم أحد أو يتلقوا أي تهديدات. الموقف نفسه أيده المرشح محمد السيد، الذي أفاد بأنه عقد مؤتمرات انتخابية وسط عائلات منطقته أبو صقل، وقال: «رفعت لافتاتي في كل الشوارع دون أي مخاوف».
وتشنّ قوات الجيش والشرطة في مصر عملية موسعة في محافظات عدة، وترتكز بمناطق شمال ووسط سيناء، منذ فبراير (شباط) الماضي، لتطهير المنطقة من متشددين موالين لـ«داعش»، وتُعرف العملية باسم «عملية المجابهة الشاملة سيناء 2018»، وتراجعت على نحو واضح معدلات «العمليات الإرهابية» في أعقاب تحركات الأجهزة الأمنية الأخيرة.
وتجرى الانتخابات في دائرة العريش بشمال سيناء في 16 مركزاً انتخابياً يضم 37 لجنة فرعية، ويبلغ عدد الناخبين 115 ألفاً و383 ناخباً يحق لهم التصويت، وذلك بحسب البيانات الرسمية للمحافظة.
وأخلت قوات الشرطة في مدينة العريش في وقت مبكر من يوم أمس (الثلاثاء) الشوارع المحيطة بالمراكز الانتخابية، وأحاطتها بكردون أمني مُحكم معزز بعناصر من قوات أمنية، وبدأ أعضاء اللجنة المشرفة على الانتخابات من القضاة والمستشارين في الوصول لمدينة العريش تحت حراسات مشددة، إلى مقار إقامتهم في أماكن لم يعلن عنها، وانتشرت في شوارع المدينة دوريات شرطة ثابتة ومتحركة بشكل لافت.
وقال مصدر أمنى بمديرية أمن شمال سيناء، فضّل عدم الكشف عن اسمه؛ لأنه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام: إن «المراكز الانتخابية تم تأمينها بشكل تام من خلال عمل كردونات لمسافات من 50 إلى 150 متراً حول كل مركز انتخابي، والسماح بالدخول إليها عبر ممرات آمنة وبوابات كشف عن المفرقعات». وفي سياق آخر، أعلن اللواء عبد الفضيل شوشة، محافظ شمال سيناء، أول من أمس، عن خطة تطوير متكاملة لمدينة العريش، وهو مشروع سيتم تنفيذه بدعم من الرئاسة المصرية.
وقال شوشة، خلال لقاء ضم مهندسين ومسؤولين عن التعمير بسيناء في ديوان عام المحافظة: إن المشروع «متكامل خدمياً ويراعي الطابع الجمالي لمدينة العريش، ويهدف إلى تطوير الميادين بخدمات متعددة تجارية واقتصادية».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».