انقسام لبناني حول دعوة النظام السوري إلى القمة الاقتصادية في بيروت

قوى سياسية تحذّر من تبعات الخروج على الشرعية العربية

TT

انقسام لبناني حول دعوة النظام السوري إلى القمة الاقتصادية في بيروت

يسود الساحة اللبنانية انقسام سياسي كبير حول دعوة النظام السوري لحضور القمة الاقتصادية العربية المقرر عقدها ببيروت في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وتمارس الأحزاب الموالية لهذا النظام؛ بما فيها «حزب الله»، ضغوطاً على المرجعيات السياسية لإقناعها بدعوة نظام الأسد للقمة، في وقت تحذّر فيه قوى محسوبة على فريق «14 آذار» من تداعيات الدعوة من دون الأخذ برأي جامعة الدول العربية؛ من بينها أنها تجعل لبنان ملحقاً بإيران، وخارجاً عن الشرعية العربية والدولية.
ويولي لبنان هذه القمة الاقتصادية أهمية قصوى لما لها من تأثير إيجابي على استعادة ثقة الدول العربية به، خصوصا أنها المرة الأولى التي يستضيف فيها حدثا بهذه الأهمية منذ القمة العربية في بيروت عام 2002، ويسعى لعدم تضييع هذه الفرصة. ولذلك قلّل الدكتور نديم المنلا، مستشار رئيس الحكومة المكلّف، من خطورة انعكاسات عدم دعوة سوريا إلى هذه القمّة، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «لبنان بلد مضيف للقمة ورئيس دورتها الحالية، وبالتالي ليس هو من يقرر من ستتم دعوته للحضور»، مؤكداً أن هذا القرار «تتخذه جامعة الدول العربية، وبالتالي هذا الموضوع عربي وليس لبنانياً. ولبنان يلتزم بقرارات الجامعة العربية ولا يخرج عنها».
وفي حين تردد أن «حزب الله» يرهن قراره بتسهيل ولادة الحكومة العتيدة، بتوجيه الدعوة للنظام السوري لحضور القمة الاقتصادية، مما يضفي على هذا النظام شرعية عربية، نفى نديم المنلا وجود هذا الشرط، وقال: «(حزب الله) لديه موقف سياسي بهذا الشأن، وهو عبّر عن رغبته في دعوة النظام السوري للمشاركة في القمة، لكنه لم يضعها شرطاً مقابل تأليف الحكومة»، مشيراً إلى أن «الدولة اللبنانية تسلمت من الجامعة العربية قائمة بأسماء الدول العربية التي ستوجه إليها الدعوات للمشاركة، وحتى الآن لم تطلب الجامعة دعوة النظام السوري، ولذلك، لبنان ملتزم بقرارات الجامعة ولا يمكنه الخروج عن الإجماع العربي».
وفي مقاربة مختلفة لهذا الواقع، تمنى عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب ياسين جابر، لو أن لبنان «تجنّب استضافة هذه القمّة، لأنه بغنى عن المشكلات». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نحاول أن ننأى بأنفسنا عن الخلافات العربية، ولا ننأى بأنفسنا عن العلاقات الجيدة مع جميع الدول العربية»، آملاً في «تجاوز هذه الحساسية، وأن تسوّى الأمور بحكمة، لأن الواقع الجغرافي للبنان والتصاقه بسوريا يفرض نفسه»، عادّاً أن لبنان «له مصلحة استراتيجية بأن تكون علاقاته جيدة مع سوريا، بصفتها دولة جارة وشقيقة، وله مصلحة كبرى في أفضل العلاقات مع دول الخليج العربي، حيث إن هناك آلاف اللبنانيين الذين يعملون في هذه الدول، التي تبقى الداعم الأساسي للبنان في كل الأزمات».
ويعلّق الاقتصاديون أهمية قصوى على انعقاد القمة الاقتصادية في بيروت، ونجاحها، سيما أنها تأتي عشية البدء في تنفيذ مشروعات مؤتمر «سيدر»، الذي يمنح فرصة للشركات العربية بالاستثمار في هذه المشروعات، لكنّ ذلك لا يلغي الحذر من أي مجازفة سياسية قد تبدّد الآمال بهذه القمة ونتائجه، وهو ما أشار إليه منسّق «التجمّع من أجل السيادة» نوفل ضوّ (عضو الأمانة العامة لقوى «14 آذار») سابقاً، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «ضمانة لبنان هي في الشرعية العربية والدولية»، عادّاً أن «كل محاولة لإخراج لبنان بوصفه نظاما حرّا ومؤمنا بحقوق الإنسان وبالقانون الدولي، من الطبيعة العربية والدولية، تجعل منه دولة لقيطة». وقال: «ما نعيشه اليوم هو نتيجة إصرار بعض القوى على إبعاد لبنان عن الإجماع العربي، ومحاولة لتغيير هويته وربطه بنظام بشار الأسد والنظام الإيراني». وشدد نوفل ضوّ على أن «الحلّ لكل مشكلات لبنان، يمرّ حكماً بالإجماع العربي والشرعية العربية، وأي خروج عنها سيزيد من خسائر لبنان، ويكون مساهمة في تغيير هويته، وتفريطا في (اتفاق الطائف) والبحث عن صيغة جديدة».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».