إردوغان يرى ترمب أكثر تفهماً من البنتاغون لـ«التوغل» شرق الفرات

جيفري يلمح إلى «هدوء الأوضاع» وماكغورك بحث مع بارزاني وضع أكراد سوريا

TT

إردوغان يرى ترمب أكثر تفهماً من البنتاغون لـ«التوغل» شرق الفرات

عبّر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن اعتقاده بأن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أكثر تفهماً من وزارة الدفاع (بنتاغون) بشأن العملية العسكرية التي تخطط تركيا لإطلاقها في شرق الفرات.
وكان إردوغان، قال في خطاب ألقاه أول من أمس في ولاية كونيا (وسط البلاد): «أعلنا رسمياً أننا سنبدأ عملية عسكرية في شرق الفرات... ناقشنا ذلك مع ترمب (في اتصال هاتفي الجمعة) وكان رده إيجابياً». ولم يعلق البيت الأبيض على ما ذكره إردوغان.
في السياق ذاته، قال السفير جيمس جيفري، المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا: إنه في ظل التهديدات التركية بالتحرك للتعامل مع هذه المشكلة بأنفسهم تواصلت الولايات المتحدة على كل المستويات مع الأتراك، وعبّر عن اعتقاده بأن الوضع «هدأ إلى حد ما». وأضاف جيفري، أمام منتدى {أتلانتيك كاونسل} للأبحاث في واشنطن، ليل الاثنين - الثلاثاء: «أعتقد أننا على استعداد للعمل مع الأتراك ومع الناس على الأرض لإيجاد سبيل للتحرك قُدماً».
وقال إردوغان الأسبوع الماضي: إن تركيا ستشن عملية جديدة خلال أيام ضد وحدات حماية الشعب الكردية، لكنه لم يحدد بعد موعداً لشنّها. وقد تواجه الحملة الجديدة تعقيدات بسبب وجود جنود أميركيين في شمال سوريا، حيث أنشأت تلك القوات مراكز مراقبة على امتداد الحدود التركية - السورية في محاولة لتهدئة المخاوف الأمنية التركية، لم يكتب لها النجاح.
وقال مسؤولون لـ«رويترز»، أمس: إن واشنطن أبلغت أنقرة بمواقع مراكز المراقبة تلك، وحذرت من أن القوات الأميركية ستدافع عن نفسها إذا تعرضت للهجوم. ونفى البنتاغون تقارير أشارت إلى أنه أرسل تعزيزات إلى تلك الحدود.
وقال المتحدث باسم البنتاغون الكولونيل روب مانينج: «لم نجرِ تحركات عسكرية كبرى صوب حدود شمال شرقي سوريا... ليس سوى المطلوب لمواصلة مهمتنا عند مواقع المراقبة تلك».
ولم يوضح إردوغان رد ترمب، لكنه قال: إن تركيا ستهتم بتجنب وقوع قتلى أو مصابين في صفوف القوات الأميركية، وإن عملية شرق الفرات تستهدف فقط وحدات حماية الشعب الكردية.
وقال مصدر مطلع على الشأن السوري لـ«رويترز»: إن الإدارة الأميركية حثت إردوغان على عدم التوغل عسكرياً داخل مدينة منبج الواقعة غرب الفرات، لكن إردوغان قال: إن القوات التركية ستدخل إلى منبج إذا لم تسحب الولايات المتحدة عناصر وحدات حماية الشعب من هناك، وستستهدف أيضاً المنطقة الواقعة إلى الشرق من النهر، حيث تسيطر الوحدات على منطقة تفوق مساحتها 400 كيلومتر على امتداد الحدود مع العراق.
وتقع منبج قرب منطقة بدأت فيها قوات تركية وأميركية، مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي دوريات مشتركة، وصار هذا التعاون أيضاً معقداً بعدما قصفت تركيا مقاتلين أكراداً في شرق الفرات؛ دفع الولايات المتحدة إلى إقامة نقاط المراقبة على الحدود بين شمال سوريا، الخاضع لسيطرة الأكراد، وتركيا.
وتوافقت تصريحات إردوغان مع تصريحات لوزير الداخلية التركي سليمان صويلو، أدلى بها في إسلام آباد أول من أمس، اتهم فيها واشنطن بمحاولة إعاقة الجهود التركية ضد وحدات حماية الشعب الكردية في العامين الماضيين... «والآن سيحاولون منعنا في شرق الفرات. لم ولن تسمح تركيا بذلك».
وقال الرائد يوسف حمود، المتحدث باسم جماعة الجيش الوطني المعارضة المدعومة من تركيا، إنها ستتجاهل طلباً أميركياً بعدم المشاركة في الحملة شرق الفرات، وإنها قررت الوقوف إلى جانب تركيا.
وبالتزامن، تواصل تركيا توجيه ضربات جوية متكررة لمواقع حزب العمال الكردستاني في مناطق جبلية بشمال العراق على تخوم شرق الفرات.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في بيان أمس: إن الطائرات حلّقت في سماء المنطقة، ودخلت للعمق السوري ضمن منطقة شرق الفرات، وترافق ذلك مع استنفار كبير لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).
وأضاف: إن عمليات الاستطلاع هذه تأتي بالتزامن مع التهديدات التركية المستمرة منذ أيام بشنّ عملية عسكرية في منطقة شرق الفرات، على طول الشريط الحدودي بين نهري دجلة والفرات.
وأعلنت الجبهة الوطنية للتحرير السورية المعارضة، دعمها ومشاركتها في العملية العسكرية المحتملة لتركيا في شرق الفرات التي ستنفذها بالتعاون مع فصائل المعارضة السورية الموالية لها ضد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).
واعتبرت في بيان، أن العملية ضد «مواقع الميليشيات الكردية ستكون ضمن معركتها الأساسية مع النظام السوري فاقد الشرعية وميليشياته؛ لإعادة المهجرين وتحقيق الاستقرار».
في سياق متصل، بحث الرئيس رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، مع المبعوث الأميركي للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي، بريت ماكغورك، مستقبل الأكراد في سوريا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.