حكومات الظل في مصر... تجارب محدودة التأثير

حزب الوفد قال إنه يُشكل واحدة لدعم الوزارات القائمة

TT

حكومات الظل في مصر... تجارب محدودة التأثير

بإعلان حزب «الوفد» المصري، أخيراً، عمله على تشكيل «حكومة ظل» من قياداته لتقديم «الدعم والمشورة» للحكومة الحالية، عادت فكرة الكيانات غير الرسمية الموازية لمؤسسات الدولة إلى واجهة الحياة السياسية في البلاد. ورغم تكرار إعلان الأحزاب - وخصوصاً «الوفد» - في السنوات الثماني الأخيرة، تشكيل حكومات ظل، فإنها بدت «محدودة التأثير»، بحسب ما يُقدّر خبراء ومحللون سياسيون استندوا إلى «عدم تحول برامجها إلى خطط تنفيذية تلتفت لها الحكومة الرسمية».
وقبل أيام قليلة، أعلن رئيس «الوفد» ورئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب، بهاء أبو شقة، أن حزبه يختار بين عدد من الشخصيات السياسية، لاختيار أكثرها كفاءة، وتشكيل «حكومة ظل مساندة للحكومة الحالية برئاسة مصطفى مدبولي».
وشدد رئيس «الوفد» الذي يحتفل بمئوية تأسيسه العام المقبل، على أن «تشكيل حكومة ظل لا يعني مناهضة الكيان الرسمي القائم». مبدأ المساندة الذي أعلنه أبو شقة أكده كذلك المتحدث الرسمي للحزب، الدكتور ياسر الهضيبي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «تشكيل حكومة الظل يستهدف تقديم الدعم والمشورة للوزراء الفعليين».
وأفاد الهضيبي بأنه سيتم الإعلان خلال أيام عن تشكيل حكومة الظل بكامل وزرائها، عدا وزيري الدفاع والداخلية، وأوضح أن الترشيح لا يقتصر على أعضاء الحزب، وأنه «من الممكن أن يختار (الوفد) من خارج تشكيلاته، بحسب كفاءة المرشح وتخصصه في طبيعة عمل الوزارة».
محاولات تشكيل الأحزاب المصرية لحكومات ظل، اتخذت مساحتها على الساحة السياسية في خضم الحراك الذي سبق «ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011»، وفي الفترة من يوليو (تموز) وحتى أغسطس (آب) 2010، أعلن حزبا «الوفد»، و«الغد» تشكيل حكومتي ظل. وفي واحدة من المرات النادرة نال بعض أعضاء حكومة ظل «الوفد» في نسختها لعام 2010 نصيباً في التشكيل الوزاري، الذي أعقب إزاحة الرئيس الأسبق حسني مبارك من السلطة في 2011. وكان من بين هؤلاء الدكتور علي السلمي الذي شغل موقع نائب رئيس الوزراء في يوليو 2011، ومنير فخري عبد النور، وتولى وزارتي «السياحة» (2011 - 2012)، و«التجارة والصناعة» (2013 - 2015)، في تشكيلين مختلفين. وحاولت «جبهة الإنقاذ الوطني» المناوئة لحكم «جماعة الإخوان»، تشكيل حكومة ظل، تمهيداً لسحب الثقة من الجماعة في عام 2013. وكان ذلك قبل شهر واحد من أحداث «ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013». وبعد عامين من خروج «الإخوان» من المشهد، أعاد حزب «الوفد» الكَرَّة في عام 2015، وأعلن تشكيل «حكومة ظل»، ولم تختلف قواعد إدارتها عن طريقة عمل المقترح الجديد المنتظر في نسخة 2018، إذ أكد رئيسها صلاح حافظ أن عملها سيقوم على «دعم الدولة». وشهد العام الجاري، في شهر أغسطس الماضي، إعلان 7 أحزاب، منها: «الوفد، والحركة الوطنية، والحرية، ومصر الحديثة» تشكيل حكومة ظل «شبابية» لتقديم المساعدة للحكومة الحالية برئاسة مدبولي، وتضمنت أسماء 15 وزيراً.
وبشأن قدرة «حكومات الظل» على إحداث تأثير ملموس في المشهد السياسي المصري، يقول الهضيبي، إن الفكرة «مجرد محاولة لتقديم الدعم من قبل الجهات التي ترى أن لديها ما يساعد في دفع العمل بالوزارات المختلفة»، واستكمل: «إن بتعاطي الوزير الفعلي مع مقترح نظيره في حكومة الظل، وتعامله مع أفكاره ومبادراته باعتبارها إضافة وليس خصماً من عمله، يكون هو المستفيد، وإن لم يفعل فسيكون غير ناجح، ومفتقداً لرأي استشاري مستقل جدير بالثقة».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.