مصر تحاول إعادة إحياء فنادقها التاريخية بطرحها للاستثمار

130 مليون دولار لتطوير فندق «شبرد»... وخطة استثمارية لـ«كونتننتال»

فندق «كوزموبوليتان» التاريخي وسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج) - فندق {شبرد} المطل على نيل القاهرة
فندق «كوزموبوليتان» التاريخي وسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج) - فندق {شبرد} المطل على نيل القاهرة
TT

مصر تحاول إعادة إحياء فنادقها التاريخية بطرحها للاستثمار

فندق «كوزموبوليتان» التاريخي وسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج) - فندق {شبرد} المطل على نيل القاهرة
فندق «كوزموبوليتان» التاريخي وسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج) - فندق {شبرد} المطل على نيل القاهرة

بدأت مصر اتخاذ خطوات لإعادة الحياة للفنادق التاريخية الموجودة بالقاهرة، عبر طرحها للشراكة الاستثمارية، وذلك بعد فشل محاولات الشركة المالكة لهذه الفنادق في استكمال عمليات تطويرها؛ نظراً لارتفاع الكلفة، في أعقاب قرارات تعويم الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية، وتتلخص خطة التطوير الجديدة في تكوين شركات جديدة لتطوير وإدارة هذه الفنادق تمنح المستثمر 51 في المائة من رأس مال الشركة.
وأعلنت الشركة القابضة للسياحة والفنادق، ممثلة في شركة «إيجوث»، والمالكة مجموعة من الفنادق التاريخية، عن طرح فندق «شبرد» للشراكة الاستثمارية، وذلك بعد 10 سنوات من الإعلان عن نية تطوير الفندق، تحديداً في عام 2008، التي انتهت عام 2013 بإغلاقه، لصعوبة تنفيذ علميات التطوير وسوء حالة الجدران.
ميرفت حطبة، رئيسة الشركة القابضة للسياحة والفنادق، أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن «الفندق مغلق للتطوير، حيث يتم حالياً عملية تنفيذ التطوير الإنشائي، عبر فك جميع الأجزاء الداخلية للفندق، وإعادته على شكل جدران على الطوب الأحمر، على غرار ما تم من قبل في فندق ريتز كارلتون»، مشيرة إلى أن «عملية التطوير الإنشائي من المنتظر أن تنتهي في منتصف العام المقبل».
وقالت حطبة: إنه «نظراً لارتفاع تكلفة تطوير الفندق، فقد تم الإعلان عن إمكانية إنشاء شركات مشتركة لإدارة الفندق وتطويره، بحيث يتحمل المستثمر التكلفة المالية لعملية التطوير، بينما تدخل شركة (إيجوث) المالكة للفندق كشريك بمبنى الفندق».
ووفقاً للإعلان، فإن المستثمر سيمتلك 51 في المائة من إجمالي رأس مال الشركة، الذي يقدر بنحو 100 مليون دولار، بينما تشارك «إيجوث» بالفندق، وتبلغ القيمة الاستثمارية التقديرية لمشروع التطوير نحو 130 مليون دولار، بما في ذلك القيمة العينية للفندق، ووفقاً لدراسات جدوى المشروع، فإن عائد الاستثمار في الفندق يصل إلى 27 في المائة.
وأوضحت حطبة، أن «هناك 6 شركات أبدت اهتماماً بفكرة المشاركة في شركة استثمارية لإدارة فندق شبرد، تم قبول 3 منهم فنياً، وحصلوا على كراسة الشروط الخاصة بالمشروع، ومن المنتظر أن يقدموا عروضهم المالية خلال ديسمبر (كانون الأول) الحالي»، مشيرة إلى أن عملية تطوير الفندق «سوف تستغرق 3 سنوات».
ويعود تاريخ فندق شبرد إلى عام 1841، وأسسه صموئيل شبرد، على بحيرة الأزبكية بالقاهرة، وكان يعرف باسم «الفندق الإنجليزي الجديد»، واستمر بهذا الاسم حتى عام 1945، حيث أطلق عليه اسم «شبرد»، ويقال: إن صموئيل شبرد، وصل إلى مصر عام 1942 وهو لا يملك سوى 10 جنيهات، وعمل في مبنى متواضع كان يعرف باسم الفندق الإنجليزي، الذي كان يملكه شخص يدعى هيل، ثم ادخر بعض المال واشترى الفندق، الذي كان يستخدم استراحةً للسياح القادمين إلى مصر في طريقهم إلى الهند، ووضع عليه اسمه، وفي عام 1952 تم تدمير الفندق بالكامل في حريق القاهرة الشهير، والفندق الحالي تم إنشاؤه على بعد نصف ميل من الفندق القديم، عام 1957 بحي جاردن سيتي، وانتقلت ملكيته إلى الشركة القابضة للسياحة والفنادق، كانت تديره شركة فنادق هلنان الدولية حتى عام 2009، حيث انتقلت الإدارة إلى شركة «روكو فورتي».
وكان الفندق القديم مقراً لإقامة ضيوف حفل افتتاح قناة السويس عام 1869، وعلى رأسهم الإمبراطورة أوجيني، واستضاف الفندق ملوك العراق وبلغاريا، وأمير الدنمارك، وونستون تشرشل، وأغاخان، وثيودور روزفلت، وكان الفندق مسرحاً لتصوير عدد من المشاهد في فيلم «المريض الإنجليزي» عام 1996.
ولا تقتصر خطط تطوير الفنادق التاريخية على فندق «شبرد»، حيث انتهت الشركة القابضة للسياحة والفنادق من مشروع تطوير فندق «كوزموبوليتان» في وسط القاهرة، الذي يعود تاريخه إلى عام 1923، حيث تم إنشاؤه على يد المعماري البريطاني ألفونسو ساسوو، وتكلفت عملية تطوير واجهة الفندق 6 ملايين جنيه، كما تستمر أعمال تطوير فندق الـ«كونتننتال» الذي تم إنشاؤه عام 1908، والتي أثارت عملية تطويره جدلاً كبيراً خوفاً من هدم المبنى التاريخي، لكن القائمين على عملية التطوير أكدوا أنهم سيحافظون على واجهته التاريخية، وذلك في إطار مشروع تطوير القاهرة التاريخية، وهناك خطة لطرح الفندق للاستثمار على الطريقة نفسها التي تم بها طرح فندق شبرد، عبر تكوين شركة جديدة تكون مسؤولة عن تطوير وإدارة الفندق.
وقالت حطبة: إنه «سيتم طرح فندق كونتيننتال للاستثمار، بعد سداد مستحقات المستأجرين للمحال المحيطة بالفندق، في إطار مشروع تجديده وتطويره بموافقة مجلس الوزراء». وبدأ مشروع تطوير فندق كونتننتال في فبراير (شباط) الماضي، بعد موافقة مجلس الوزراء على هدم الفندق الآيل للسقوط، مع الحفاظ على واجهته التاريخية.
وتأتي خطة الحكومة المصرية لإعادة إحياء الفنادق التاريخية كجزء من برنامج لإعادة استغلال الأصول المملوكة للدولة، ومن بينها الفنادق المملوكة لشركة «إيجوث»، وهي فنادق «مينا هاوس، وشبرد»، و«ماريوت» بحي الزمالك، و«فلسطين» بالإسكندرية، و«وينتر بالاس» بالأقصر، و«سفير» بدهب بجنوب سيناء، و«رومانس» و«بورسعيد»، والتي دخل معظمها في مشروعات تطوير لزيادة عائداتها، ونفذت الشركة بعضها بنظام الشراكات الاستثمارية، وهو ما يشيد به خبراء الاقتصاد؛ لأنه سيحافظ على جودة هذه الفنادق.
وبدأت الحكومة المصرية الاهتمام بالفنادق التاريخية عام 2006، وتم تطوير فندق ماريوت الزمالك بتكلفة 151 مليون جنيه، شملت تطوير حمام السباحة، ومنطقة المطابخ، وقاعة شتوية مغطاة بسقف متحرك، وإنشاء نادٍ صحي، كما شهد فندق «مينا هاوس» عمليات تطوير كلفت 140 مليون جنيه، ووفقاً لتصريحات صحافية لشريف بنداري، رئيس مجلس إدارة شركة «إيجوث»، فإن «الشركة دخلت في مفاوضات مع البنك الأهلي لتمويل مشروعي تطوير فندق مينا هاوس، وفندق «وينتر بالاس»، خلال العالم المالي 2018 - 2019»، ووفقاً لتصريحات صحافية لشريف بنداري، رئيس شركة إيجوث، فإن «الشركة، التي تمتلك 14 فندقاً في مختلف أنحاء مصر، لديها خطة لتطوير عدد من الفنادق التابعة لها، باستثمارات تصل إلى نصف مليار جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 17.8 جنيه مصري)».
ووقّعت الشركة القابضة مؤخراً عقد تطوير فندق «شهرزاد» التاريخي، وقالت حطبة إن «الشركة وقعت مع شركة (هوريزون) عقداً لتطوير فندق شهرزاد وإدارته، بتكلفة استثمارية تصل إلى 70 مليون جنيه، للوصول بالفندق إلى مستوى نجمتين، بعد انخفاض مستواه إلى نجمتين»، متوقعة أن «يحقق الفندق عائدات مالية تصل إلى 3 ملايين جنيه سنوياً بعد التطوير».


مقالات ذات صلة

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

الاقتصاد منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

وقّعت مصر وشركة «إيميا باور» الإماراتية اتفاقين باستثمارات 600 مليون دولار، لتنفيذ مشروع محطة رياح، بقدرة 500 ميغاواط في خليج السويس.

الاقتصاد اجتماع وزير البترول  والثروة المعدنية المصري كريم بدوي بمسؤولي شركة «إكسون موبيل» (وزارة البترول والثروة المعدنية)

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

ستبدأ شركة «إكسون موبيل» المتخصصة في أعمال التنقيب عن البترول وصناعة البتروكيماويات يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل بأنشطة الحفر البحري للتنقيب عن الغاز.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مصريون يلجأون للمعارض لشراء احتياجاتهم مع ارتفاع الأسعار (الغرفة التجارية المصرية بالإسكندرية)

الغلاء يُخلخل الطبقة الوسطى في مصر... رغم «التنازلات»

دخلت الطبقة الوسطى في مصر مرحلة إعادة ترتيب الأولويات، بعدما لم يعد تقليص الرفاهيات كافياً لاستيعاب الزيادات المستمرة في الأسعار، فتبدلت معيشتها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»