في ظل شغور منصب الرئيس.. الجيش اللبناني يحتفل بعيده بلا سيوف

قهوجي أكد الالتزام بمواجهة الأخطار.. والحريري دعا لتجنب أخطاء المشاركة في حروب الآخرين

الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان خلال لقائه مع وفد من قيادات الجيش أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان خلال لقائه مع وفد من قيادات الجيش أمس (دالاتي ونهرا)
TT

في ظل شغور منصب الرئيس.. الجيش اللبناني يحتفل بعيده بلا سيوف

الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان خلال لقائه مع وفد من قيادات الجيش أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان خلال لقائه مع وفد من قيادات الجيش أمس (دالاتي ونهرا)

احتفل الجيش اللبناني أمس بعيده الـ69 وحيدا، بعد إلغاء الاحتفال المركزي التقليدي الذي كان المسؤولون في الدولة يشاركون به سنويا يتقدمهم رئيس الجمهورية الذي يقلد الضباط المتخرجين السيوف التي ترمز إلى انتهاء تدريبهم وبدء عملهم في الخدمة العسكرية.
وجرى الإلغاء على خلفية شغور موقع الرئاسة منذ 25 مايو (أيار) الماضي بعد أن عجزت القوى السياسية عن الاتفاق على خلف للرئيس السابق ميشال سليمان، فيما شددت المواقف السياسية على ضرورة إنهاء هذا الشغور في أقرب فرصة.
وغاب قائد الجيش العماد جان قهوجي عن حفل تخرج أقيم أمس في الكلية الحربية، لتلامذة ضباط دورة «الرائد الشهيد روجه حرفوش»، جرى خلاله تسليم البيرق للسنة الثانية، وأداء قسم اليمين. وقد زار قائد الجيش العماد جان قهوجي على رأس وفد من كبار ضباط القيادة، الكلية الحربية بحضور قادة الأجهزة الأمنية، حيث التقى ضباط الكلية والملازمين المتخرجين، وهنأهم بتخرجهم وبعيد الجيش. وأقيم احتفال عسكري رمزي في باحة وزارة الدفاع الوطني في اليرزة، جرى خلاله تلاوة أمر اليوم الذي وجهه قائد الجيش إلى العسكريين بالمناسبة، وعرض التحية من قبل الوحدات المتمركزة في مبنى القيادة، كما جرى وضع إكليل من الزهر باسم العماد قائد الجيش على النصب التذكاري لشهداء الجيش. كذلك أقيمت احتفالات مماثلة في قيادات المناطق العسكرية والقوات الجوية والبحرية، جرى خلالها وضع إكليل من الزهر على نصب الشهداء في كل منطقة.وأكد قهوجي في أمر اليوم الذي توجه به إلى الضباط والعسكريين، البقاء على العهد في المحافظة على لبنان بوجه الأخطار الداخلية والخارجية التي تهدده، مشيرا إلى أن المؤسسة العسكرية عصت على كل محاولات العبث بعيشها المشترك. وشدد رئيس مجلس النواب نبيه بري على «ضرورة توفير الدعم للجيش بزيادة عديده وتحديث سلاحه»، فيما جدد رئيس الحكومة تمام سلام الدعوة إلى جميع القوى السياسية لوضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، والإقبال على انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن.
كما دعا رئيس تيار المستقبل (رئيس الحكومة السابق) النائب سعد الحريري إلى الالتفاف حول الجيش بوصفه المؤسسة الضامنة للاستقرار الوطني، وتجنب كل ما تحمله أخطاء المشاركة في حروب الآخرين خارج الحدود، وتبعاتها، واستدعاء شرارات تلك الحروب إلى الأراضي اللبنانية.
وفي المناسبة، قال قهوجي: «إن الظروف الصعبة التي نمر بها، وشغور موقع رئاسة الجمهورية فرض علينا أن نتخذ قرارا بإلغاء الاحتفال المركزي بمناسبة عيد الجيش وتقليد السيوف للضباط المتخرجين، فرئيس الجمهورية وحده يرعى هذا الاحتفال».
وأضاف في كلمته: «لكننا اليوم نريد للأول من شهر أغسطس (آب) أن يبقى في ذاكرة كل جندي ومواطن لبناني. فعيد الجيش باق، ونحن مصرون على أن نحتفل به، لأن الجيش هو الحق وأمل الناس». وقال قهوجي: «إلا أن قسمنا اليوم، ونحن نستذكر التجارب المريرة التي عاشها لبنان، ونشهد على تلك التي تعيشها الدول المحيطة بنا، أن يكون جيشنا عنوانا للوحدة الوطنية وللتنوع والعيش المشترك الذي يمثل أبرز القيم اللبنانية الحضارية».
وتابع: «في بلد يواجه الإرهاب والتهديدات الإسرائيلية وحروب متنوعة خارجية وداخلية، عصت المؤسسة العسكرية على جميع محاولات العبث بعيشها المشترك. ونحن في الأول من آب (أغسطس) نفخر بأن يكون الجيش رمزا لهذه التجربة، لأن بها وحدها خلاص لبنان». مع العلم أنه جرت العادة أن ينظم احتفال مركزي بمناسبة عيد الجيش يحضره رئيس الجمهورية ورئيسا الحكومة ومجلس النواب والوزراء والنواب وشخصيات سياسية، ويقوم خلاله رئيس الجمهورية بتسليم الضباط المتخرجين سيوفا، بوصفه وفق الدستور، القائد الأعلى للقوات المسلحة. لكن، وفي ظل الشغور الرئاسي المستمر منذ 25 مايو (أيار) الماضي، ألغي الاحتفال المركزي، وسلم قائد الجيش الضباط شهادات، بدلا من السيوف.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.