لبنان: لا خطة رسمية لمواجهة نزوح مسيحيي العراق

مصادر تكشف عن مباحثات دولية لتوزيعهم في أوروبا وأميركا

مجلس الوزراء اللبناني
مجلس الوزراء اللبناني
TT

لبنان: لا خطة رسمية لمواجهة نزوح مسيحيي العراق

مجلس الوزراء اللبناني
مجلس الوزراء اللبناني

من المتوقّع أن تضاف هجرة العراقيين المسيحيين من الموصل إلى لبنان إلى أزمة اللاجئين السوريين الذين فاق عددهم المليون ومائة ألف، فيما تندّد المواقف اللبنانية، ولا سيّما المسيحية منها، بما يقوم به تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، والمطالبة باتخاذ خطوات عملية لإبقاء مسيحيي الشرق في أرضهم. وهذا العنوان سيكون محورا لمؤتمر يعقد في لبنان ابتداء من 7 أغسطس (آب) الجاري بمشاركة بطاركة المشرق لاتخاذ مبادرات تصب في خانة الحد من تهجير المسيحيين في الموصل بشكل خاص والشرق بشكل عام، كما كشفت مصادر مسيحية مقرّبة من البطريركية المارونية لـ«الشرق الأوسط» أنّ مباحثات تجري بين عدد من الدول منها الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا وكندا برعاية الأمم المتحدة لكيفية توزيع المسيحيين المهجرين من الشرق الأوسط.
وفي ظل غياب الأرقام الرسمية الدقيقة عن عدد العراقيين المسيحيين الذين نزحوا إلى لبنان بعد حملة «داعش» الأخيرة، إلا أن هناك أرقاما متناقضة، بعضها يشير إلى عدم تجاوزها العشرات والبعض الآخر يقول: إنها تجاوزت الآلاف الذين وصلوا إلى لبنان عن طريق تركيا.
وفي هذا الإطار أوضحت ميرا قصارجي، مسؤولة الإعلام في المطرانية الكلدانية في لبنان والتي تستقطب العدد الأكبر من العراقيين المسيحيين، أنّه ومنذ بدء حملة «داعش» ضدّ مسيحيي الموصل قبل أسبوعين، سجّل وصول 50 عائلة إلى لبنان، مشيرة في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ الرقم المتداول حول أنّ عدد هؤلاء تجاوز الـ8 آلاف، المقصود منه عدد العراقيين المسيحيين الذي لجأوا إلى لبنان منذ بداية حرب العراق. ولفتت قصارجي إلى أنّه كان لافتا وصول عدد كبير من العائلات في اليومين الأخيرين، مشيرة إلى أنّ معظمهم يلجأون إلى منطقة برج حمود في الضاحية الشرقية لبيروت، حيث يستأجرون بيوتا لستة أشهر قادمة. وأضافت: «غير أنّ الأوضاع المادية للنازحين الجدد تبدو أفضل من مواطنيهم الذين سبقوهم في السنوات الماضية».
وفي الإطار نفسه، قال رئيس طائفة الكلدان المطران ميشال قصارجي في حديث تلفزيوني، إلى أن «هناك مساعدات غذائية تؤمن للعائلات العراقية المسيحية وسيتم تسجيل نحو 500 تلميذ في المدارس»، وأوضح أنّ المشكلة هي في تأمين الطبابة لهؤلاء اللاجئين، داعيا القيادات المسيحية والإسلامية «بألا يترددوا في التعاون معنا».
وفيما من المتوقّع أن تشهد الأسابيع المقبلة موجة نزوح إضافية من مسيحيي الموصل، أشار رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ العراقيين الهاربين إلى لبنان يتوزّعون في بعض المناطق اللبنانية ولا سيّما في عدد من الأديرة في كسروان وجبيل في جبل لبنان الشمالي.
كذلك، أكّد مطران جبل لبنان وطرابلس للسريان الأرثوذكس جورج صليبا، أنّه لا معلومات رسمية دقيقة حول عدد النازحين العراقيين إلى لبنان، وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» بأنّه عرف بعائلة مسيحية واحدة وصلت من الموصل في الأسبوع الأخير. وأضاف: «الدولة اللبنانية لم تعطنا الضوء الأخضر لاستقبال المسيحيين المهجّرين لغاية الآن، مشككّا في الوقت عينه بنوايا الدولة الفرنسية التي أبدت استعدادها لاستقبالهم»، قائلا: «فرنسا كأميركا وعدد من الدول هي التي تقف وراء ما يحصل بمسيحيي الشرق».
وعما إذا كان هناك خطوات قد تقوم به الدولة اللبنانية بشأن لاجئي الموصل، قال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، في حديث لـ«الشرق الأوسط» ليس هناك من إجراءات استثنائية فيما يتعلّق بالنازحين المسيحيين من العراق، على اعتبار أنّ وضعهم يختلف عن اللاجئين السوريين، لكن الموضوع سيطرح يوم الأربعاء المقبل على طاولة البحث في الاجتماع الذي سيجمع كل من وزراء الشؤون الاجتماعية والداخلية والصحة. ولفت درباس إلى أنّ هؤلاء النازحين يلقون المتابعة من قبل بعض الجمعيات الأهلية والكنائس، علما بأن مراجع دينية كنسية وسياسية تبذل جهودا على خط استيعاب هؤلاء المسيحيين وتقديم المساعدات لهم.
ومنذ بدء هجرة المسيحيين القسرية من الموصل على أيدي «داعش» قبل أسبوعين، ظهرت حملات في لبنان مناهضة لها، ولا سيّما على مواقع التواصل الاجتماعي وفي بعض وسائل الإعلام. وفي هذا الإطار، ينظّم ناشطون بعد ظهر اليوم السبت مسيرة نحو مقر الأمم المتحدة في وسط بيروت، وذلك في إطار حملة عالمية للمطالبة بحق الأقليات بالشرق الأوسط في الحصول على الأمان وتقرير المصير والحماية من القتل والتهجير.
وعقدت أمس الرابطات المسيحية في لبنان اجتماعا طارئا للبحث في هذه القضية، دانت خلاله الجرائم في غزة ودعت لتأمين عودة آمنة للمسيحيين إلى الموصل ونينوى عبر قرارات وضمانات دولية نافذة. وطالبت الرابطات في بيان لها، بالدعوة إلى قمة مسيحية – إسلامية.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.