وزير الخارجية الألماني في العراق لبحث ملفات أمنية واقتصادية

ماس: يجب الحيلولة دون تقوية شوكة «داعش»

وزير الخارجية العراقي محمد الحكيم لدى استقباله نظيره الألماني هايكو ماس أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية العراقي محمد الحكيم لدى استقباله نظيره الألماني هايكو ماس أمس (إ.ب.أ)
TT

وزير الخارجية الألماني في العراق لبحث ملفات أمنية واقتصادية

وزير الخارجية العراقي محمد الحكيم لدى استقباله نظيره الألماني هايكو ماس أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية العراقي محمد الحكيم لدى استقباله نظيره الألماني هايكو ماس أمس (إ.ب.أ)

بعد عام على الانتصار العسكري للقوات المسلحة العراقية على تنظيم داعش، تعهد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس للعراق بمزيد من المساعدة في إعادة الإعمار. وقال ماس عقب وصوله إلى العاصمة العراقية بغداد أمس إن ألمانيا ستواصل دعمها للمواطنين في العراق «بصفة أنها صديق وشريك موثوق به»، وأضاف: «تم كسر إرهاب (داعش). الآن يتعين الحيلولة دون تقوية شوكته في الخفاء مجددا تحت أي ظروف، لتجنب مخاطر الإرهاب في العراق والمنطقة وأوروبا أيضا».
ووصل الوزير ظهر أمس إلى بغداد على متن طائرة عسكرية تابعة للجيش الألماني. ومن المقرر أن يجري ماس محادثات في العاصمة بغداد مع الحكومة العراقية الجديدة، التي تولت مهام منصبها في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
تجدر الإشارة إلى أن ألمانيا دعمت مكافحة تنظيم داعش عبر توريد أسلحة وتدريبات عسكرية وطلعات جوية بطائرات استطلاع. وتعتزم الحكومة الألمانية الآن المساعدة في إعادة إعمار العراق. يذكر أن تنظيم داعش سيطر عام 2014على مناطق واسعة من العراق، من بينها مدينة الموصل شمالي البلاد.
ودعمت ألمانيا على وجه الخصوص قوات البيشمركة الكردية في مكافحة التنظيم، كما تشارك حتى اليوم في التحالف الدولي ضد «داعش». ويشارك جنود ألمان في مهمة مكافحة تنظيم داعش عبر طائرات استطلاع من طراز «تورنادو» وطائرة تزود بالوقود انطلاقا من قاعدة الأزرق الجوية في الأردن. وفي معسكر التاجي القريب من بغداد، يقوم الجيش الألماني بتدريب جنود عراقيين.
وكان رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي أعلن في 10 ديسمبر (كانون الأول) عام 2017 الانتصار عسكريا على «داعش»، إلا أن خلايا التنظيم لا تزال نشطة في شمالي وشرقي البلاد، حيث ينفذ التنظيم هجمات على نحو متكرر.
وقدمت ألمانيا مساعدات للعراق بقيمة 5.‏1 مليار يورو خلال السنوات الأربع الماضية، لتعتبر بذلك ثاني أكبر مساهم في دعم تطوير واستقرار وإعادة إعمار العراق عقب الولايات المتحدة. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن ماس قوله: «التطورات أظهرت: عندما يتكاتف المجتمع الدولي، فإن أصعب الأزمات لا تصبح عصية على الحل».
ولم يتم الإعلان عن زيارة ماس بشكل مسبق لأسباب أمنية. وكان ماس توجه عقب زيارته للكويت إلى العراق على متن طائرة عسكرية ألمانية من طراز «ترانسال»، وهي مزودة بأنظمة دفاع صاروخية وتُستخدم من أجل زيارات المسؤولين الألمان لمناطق الأزمات. ويعتزم ماس زيارة عاصمة إقليم كردستان العراق، أربيل، أيضا.
وبجانب مساعي تحقيق الاستقرار في العراق، تدور زيارة ماس التي ستستغرق عدة أيام حول مصالح اقتصادية أيضا، حيث تتنافس شركة «سيمنس» الألمانية للصناعات الهندسية والإلكترونية أمام شركة «جنرال إلكتريك» الأميركية على صفقة تقدر بالمليارات لتوسيع إنتاجية الكهرباء في العراق. ورغم أن العراق من أغنى دول العالم في النفط، يعاني الشعب العراقي من سوء إمدادات الكهرباء والماء أيضا. وشهدت منطقة جنوب العراق مصادمات بين متظاهرين وقوات الأمن خلال احتجاجات على هذه الأوضاع.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».