«اتحاد الشغل» التونسي يرفض دعم «السترات الحمراء»

TT

«اتحاد الشغل» التونسي يرفض دعم «السترات الحمراء»

رفض الأمين العام لـ«اتحاد الشغل» (نقابة العمال) في تونس نور الدين الطبوبي، دعم «حركة السترات الحمراء» في المظاهرات التي دعت إليها في عدد من المناطق؛ احتجاجاً على «الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة».
وقال الطبوبي في اجتماع نقابي أمام المئات من ممثلي الهياكل النقابية: إن الاتحاد يرفض المشاركة في الاحتجاجات الاجتماعية «إن كانت بفعل فاعل وبتعليمات معينة». واعتبرها «أمراً مرفوضاً»، مشيراً إلى إمكانية استغلالها من تيارات سياسية لإطاحة الحكومة وتحميل الاتحاد مسؤولية الفوضى التي يمكن أن تحصل.
ولاحظ مراقبون، أن نقابة العمال غيّرت موقفها تجاه حكومة رئيس الوزراء يوسف الشاهد بعد أن ظلت تطالب بإسقاطها لأشهر، وتحالفت مع قيادات حزب «نداء تونس» لبلوغ هذا الهدف.
واعتبر الطبوبي، أن «الحديث عن السترات مهما كان لونها لا يمنع اندلاع احتجاجات في تونس في أي لحظة، لكن العبرة ليست باندلاع الاحتجاجات، بل بالقدرة على تأطيرها ومدى نجاحها في تعديل البوصلة الاجتماعية والاقتصادية».
لكنه شدد في المقابل على ضرورة مصادقة الحكومة على زيادة في أجور موظفي القطاع العام «حتى لا يفرز الاحتقان الاجتماعي تحركات مماثلة لما يجري في فرنسا وعدد من الدول الأوروبية»، محذراً من «وصول تونس إلى ما لا يحمد عقباه». ووصف الوضع الاجتماعي في البلاد بـ«الخطير جداً». واعتبر أن «اتحاد الشغل منظمة مسؤولة وتحركاتها منظمة وتدافع عن كل الفئات».
يذكر، أن «حركة السترات الحمراء» التونسية حددت 22 مطلباً اجتماعياً واقتصادياً للحكومة لتفادي احتجاجات اجتماعية على مستوى مناطق البلاد وصولاً إلى العاصمة. وحجزت أجهزة الأمن نحو 52 ألف سترة حمراء وصفراء في مدينة صفاقس (وسط شرقي تونس) وقالت: إن تلك السترات كانت موجهة للمحتجين.
وتتضمن مطالب الحركة تحسين ظروف العيش، وإصلاحات عاجلة لقطاعات الصحة والتعليم والنقل، وتحسين الحد الأدنى للأجور، ورواتب التقاعد، وصيانة الطرقات والبنية التحتية، ومحاسبة الفاسدين في الإدارة.
وفي مقابل رفض «اتحاد الشغل» دعم «السترات الحمراء»، دعا رئيس «الحزب الجمهوري» المعارض عصام الشابي إلى النزول إلى الشارع «لتغيير موازين القوى بالاحتجاج والاستعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة».
وأكد الشابي في اجتماع قاده أمس أمام جمع من أنصاره في مدينة الحمامات (شمال شرقي تونس) على ضرورة تعديل المسار السياسي في البلاد «عن طريق النزول إلى الشارع والاحتجاجات والتظاهر والتعبير عن الغضب والرفض لهذه السياسات». وأضاف: إن «تونس اليوم في مفترق طرق، وفي أزمة حادة خارقة للعادة، ولا بد للشعب من الخروج لتعديل موازين القوى»، على أن تكون هذه الاحتجاجات «مؤطرة».
وتلتقي «السترات الحمراء» مع انتقادات أحزاب يسارية معارضة تؤكد استشراء الفساد في أجهزة الحكم، وتنامي سوء الإدارة، والفشل في إخراج البلاد من مشكلاتها الاجتماعية والاقتصادية، وغياب التنمية العادلة والفشل في تحقيق التوازن بين المناطق علاوة على ارتفاع نسب الفقر والتهميش الاجتماعي.
وكان «تحالف الجبهة الشعبية» اليساري المعارض الذي يقوده حمة الهمامي دعا إثر التصديق على قانون موازنة العام المقبل إلى الخروج إلى الشارع والاحتجاج على اختيارات الحكومة «ورضوخها لشروط الصناديق المالية المانحة، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم