فلسطيني يجرح جندياً إسرائيلياً ويخطف سلاحه... واحتدام المواجهات في الضفة وغزة

جنود الاحتلال يقتلون طفلاً ويصيبون ويعتقلون عشرات بينهم نائبان في «التشريعي» خلال هجومهم المتواصل

فلسطيني يفر من قنابل الغاز الاسرائيلية في حوارة جنوب الضفة خلال مواجهات امس (ا. ف. ب)
فلسطيني يفر من قنابل الغاز الاسرائيلية في حوارة جنوب الضفة خلال مواجهات امس (ا. ف. ب)
TT

فلسطيني يجرح جندياً إسرائيلياً ويخطف سلاحه... واحتدام المواجهات في الضفة وغزة

فلسطيني يفر من قنابل الغاز الاسرائيلية في حوارة جنوب الضفة خلال مواجهات امس (ا. ف. ب)
فلسطيني يفر من قنابل الغاز الاسرائيلية في حوارة جنوب الضفة خلال مواجهات امس (ا. ف. ب)

قتلت إسرائيل فلسطينياً في رام الله خلال مواجهات عنيفة اندلعت في المدينة التي واصل الجيش الإسرائيلي حصارها واقتحامها لليوم الثاني على التوالي، بحثاً عن منفذي عملية «غفعات آساف»، أول من أمس (الخميس)، وأدَّت إلى مقتل جنديين إسرائيليين قرب المدينة.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن مواطناً «استشهد متأثراً بإصابته في البطن أثناء مواجهات مع الاحتلال الإسرائيلي في مخيم الجلزون في المدينة».
واشتبك متظاهرون فلسطينيون مع قوات إسرائيلية كبيرة على مداخل رام الله ووسط المدينة، وفي أنحاء مختلفة في الضفة الغربية، بعد زجِّ إسرائيل بكتائب إضافية في الضفة. وكانت إسرائيل دفعت بكتائب إضافية بهدف منع وقوع أي هجمات، وحصَّنت مواقع نقاط الحافلات والطرق الاستيطانية ومحيط المستوطنات في الضفة، ونصبت مزيداً من الحواجز في الطرقات، وقالت إنها ستواصل العمل في الضفة حتى اعتقال منفذي عملية «غفعات آساف».
وذكر بيان للجيش أنه أضاف 120 وسيلة تحصين على شوارع الضفة، من بينها مكعبات إسمنتية وعوائق وغيرها، في محاولة لتوفير الحماية للمستوطنين. وجاءت العملية التي أودت بحياة 2 من الجنود في يوم دامٍ شهد قتل إسرائيل 5 فلسطينيين، في أسوأ تصعيد منذ عام 2014 حين خطف فلسطينيون 3 مستوطنين في الخليل.

مهاجمة جندي إسرائيلي
وارتفع التوتر، أمس، بعد هجوم فلسطيني جديد نفَّذه أحد الشبان ونجح خلاله بطعن وإصابة جندي إسرائيلي بجروح خطيرة. وقال الجيش الإسرائيلي إن فلسطينياً قام بضرب جندي إسرائيلي على رأسه بحجر بعد أن طعنه ما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة، في موقع عسكري خارج مستوطنة بيت إيل قرب رام الله، قبل أن يفر من المكان.
وبحسب بيان الجيش فإن «عراكاً اندلع بين الاثنين بعد أن قام الفلسطيني باقتحام الموقع العسكري بالقرب من مستوطنة بيت إيل، خارج رام الله، حيث تقوم القوات الإسرائيلية بعمليات بحث عن منفذي هجوم إطلاق النار يوم الخميس، وأسفر عن مقتل جنديين وإصابة جندي ثالث ومستوطنة بجروح».
وقال الجيش: «خلال العراك، قام الإرهابي بطعن وضرب الجندي بحجر من مسافة قريبة». وأُفِيد بأن الفلسطيني نجح في الاستيلاء على سلاح الجندي (21 عاماً) الذي نُقِل إلى مستشفى «هداسا عين كارم»، وهو في حالة خطيرة.
وأطلق الجيش الإسرائيلي عمليات إضافية بحثاً عن المهاجم الجديد، في خضم عمليات بحث عن منفذين محتملين لهجوم مستوطنة «عوفرا» الأحد الماضي، وهجوم «غفعات آساف»، أول من أمس (الخميس).
ووسعت إسرائيل عمليات البحث واعتقلت 46 فلسطينياً، فجر الجمعة، ليرتفع العدد في يومين إلى 100 معتقل. وقال الجيش الإسرائيلي إن 37 منهم هم نشطاء في حركة «حماس».

اعتقالات وحملات دهم
وقال نادي الأسير الفلسطيني إن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت، منذ فجر الخميس وحتى فجر الجمعة، أكثر من 100 مواطن، شملت غالبية محافظات الضفة، رافقها اعتداءات على المواطنين وترهيب للأطفال، وتفتيش للمنازل وتخريبها.
وشنَّت قوات الاحتلال الإسرائيلي، الليلة قبل الماضية وفجر أمس (الجمعة)، حملة اعتقالات واسعة في محافظات الضفة طالت 46 مواطناً على الأقل، بينهم سيدة ونائبان في المجلس التشريعي الفلسطيني وصحافي.
ولفت نادي الأسير إلى أن غالبية المعتقلين هم من الأسرى المحررين، منهم من قضى سنوات في معتقلات الاحتلال. وتعتقد إسرائيل أن منفذي هجومي «عوفرا» و«غفعات آساف» ينتمون لخلية واحدة تابعة لحركة «حماس». وقال مسؤول عسكري إن الجيش و«الشاباك» يسابقان الزمن للوصول إلى منفذي العمليات الأخيرة. وأضاف أنه «إلى جانب مساعي البحث عن المهاجمين، فهناك جهود عملياتية لمنع تنفيذ المزيد من العمليات». وواجه الفلسطينيون القوات الإسرائيلية المعززة في الضفة، بالحجارة والزجاجات الحارقة. واندلعت مواجهات عنيفة في رام الله بقرية المغير، وعلى مدخل مخيم الجلزون وفي البيرة، كما تفجرت مواجهات في نابلس والخليل وبيت لحم.

مقتل طفل
وقتل الجيش الإسرائيلي الطفل محمود يوسف محمود نخلة (16 عاماً) خلال مواجهات عند مدخل مخيم الجلزون شمال البيرة. وقالت وزارة الصحة إن الطفل وصل في حالة حرجة للغاية مصاباً برصاصٍ حي في البطن، إلى مجمع فلسطين الطبي برام الله قبل أن يعلَن عن استشهاده. وأطلق جنود الاحتلال النار على الفتى خلال المواجهات من مسافة قريبة جداً، حيث لاحقه الجنود ثم أطلق أحدهم النار عليه من مسافة لا تزيد عن 10 أمتار فقط.
وفي نابلس، أصيب 20 مواطناً بجروح مختلفة خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال في عدة مواقع بالمحافظة. وخلال المواجهات أصيب فتى (17 عاماً) برصاصة مطاطي في الوجه وذلك في قرية اللبن الشرقية جنوب نابلس.
كما شهد قطاع غزة مواجهات عنيفة على الحدود تضامناً مع الضفة الغربية. وقالت وزارة الصحة إن 60 مواطناً أُصيبوا، أمس (الجمعة)، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة. وأفادت وزارة الصحة بأنهم جميعاً أصيبوا بالرصاص، وبينهم مسعف وصحافي، خلال مواجهات مع الاحتلال على الحدود.
وكان متظاهرون وصلوا إلى الحدود تلبية لدعوة الفصائل لإحياء جمعة «المقاومة حق مشروع». ودعت «الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار» الجماهير الفلسطينية للمشاركة في الجمعة المقبل تحت عنوان «الوفاء لأبطال المقاومة في الضفة» تأكيداً على الالتفاف حول «أبطال الضفة وهم يتصدون لجرائم الاحتلال».
وفي ذروة التوتر، عاد مستوطنون وهاجموا فلسطينيين على طرق رئيسية في الضفة. وقال غسان دغلس مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية إن «المستوطنين أغلقوا الشارع الرئيسي لمنطقة دير شرف غرب نابلس، ورشقوا المركبات الفلسطينية بالحجارة».
واعتدى المستوطنون على الفلسطينيين لليوم الثاني للتوالي، وهم يرفعون صوراً للرئيس الفلسطيني يطالبون بإعدامه.
وفي واقعتين منفصلتين، هاجمت قوى الأمن الفلسطيني مظاهرتين في نابلس والخليل لمناصري حركة «حماس» الذين خرجوا في الذكرى 31 لتأسيسها. وأظهرت فيديوهات قوات الأمن تعتدي وتمنع مظاهرات من مواصلة الطريق بعد استفزازات متبادلة.
وأدانت حركة «حماس» ما وصفته بـ«السلوك الهمجي والاعتداء الوحشي» الذي نفذته الأجهزة الأمنية ضد الجماهير الفلسطينية والمتظاهرين في مدن وقرى الضفة الغربية ضد سياسات الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه وانتهاكاته وقتله المقاومين.
وقال فوزي برهوم الناطق باسم حركة «حماس» في بيان إن «هذا الاعتداء الوحشي دليل على الاستخفاف بدماء الشهداء وبعذابات أهالي الضفة الذين يعانون الأمرين من جنود الاحتلال والمستوطنين».
واعتبر برهوم أن «القمع والاعتداء مشاركة واضحة في الجريمة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق شباب الضفة وأهلها ومقاوميها، ويفسح المجال للاحتلال الإسرائيلي للاستفراد بأهالي الضفة وشبابها، وتشجيع رسمي وعلني له للاستمرار في القتل والإجرام بحق الشباب والنساء».
وتابع: «هذا يضع كل الفلسطينيين ومكونات شعبنا كافة أمام مسؤولياتهم تجاه هذه الانتهاكات الخطيرة من قبل السلطة وأجهزتها الأمنية وضرورة العمل على وضع حد لكل هذه الاعتداءات المزدوجة على المقاومة الباسلة وحاضنتها الشعبية والجماهيرية في الضفة».
أوضحت فصائل منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسسات وفعاليات محافظة نابلس أنها فوجئت بوصول مسيرة لحركة «حماس»، حاملين الرايات الخضراء فقط لا غير، فناشدتهم فصائل العمل الوطني الاندماج في المسيرة، تحت راية علم فلسطين فقط، فرفضت الحركة ذلك، واستمرَّت في اختراق المسيرة والانفراد بخطاب خاص بـ«حماس» وحدها، بعيداً عن الخطاب الوطني الموحد، والإمعان في اختراق المسيرة بطريقة استفزازية «مما أثار الاستفزاز في صفوف الجماهير المنضوية تحت رايات الوحدة في المسيرة، والاستمرار في السلوك التوتيري الفئوي، ونتج عن ذلك بعض المشاحنات التي تم السيطرة عليها سريعاً».
وأضاف البيان: «إننا في فصائل العمل الوطني ومؤسسات وفعاليات نابلس ندين هذا السلوك وهذا المشهد الذي لا يليق بهذه المرحلة، وحساسيتها وخصوصيتها، التي نحن بأمس الحاجة فيها للوحدة الوطنية الفلسطينية، للتصدي لعنجهية الاحتلال ومستوطنيه الذين يحاولون تركيع شعبنا الفلسطيني».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».