إردوغان يلوح مجدداً بدخول منبج وشرق الفرات

TT

إردوغان يلوح مجدداً بدخول منبج وشرق الفرات

لوَّح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مجدداً، بالتدخل العسكري في مدينة منبج السورية، لإخراج وحدات حماية الشعب الكردية منها، إذا لم تقم الولايات المتحدة بذلك، لافتاً إلى أن تركيا خسرت كثيراً من الوقت للتدخل في شرق الفرات، وأن الوضع لم يعد يحتمل التأخير ليوم واحد.
وقال إردوغان إنه إذا لم يُخرج الأميركيون من سماهم «إرهابيي الوحدات الكردية من منطقة منبج، فستُخرجهم تركيا منها». وأضاف إردوغان، في كلمة خلال المؤتمر القضائي الأول للمحاكم الدستورية والعليا للدول الأعضاء والمراقبة في منظمة التعاون الإسلامي، في إسطنبول، أمس (الجمعة)، أن تركيا عازمة على إحلال السلام في المنطقة الواقعة شرق نهر الفرات، وأنها «خسرت ما يكفي من الوقت حيال التدخل في (مستنقع الإرهاب) شرق الفرات، ولن نتحمل التأخير ليوم واحد».
واتهم إردوغان الولايات المتحدة بأنها تريد تشتيت انتباه تركيا عبر «حكاية منبج»، ويحاولون «تقويض عزيمتها».
ووقعت واشنطن وأنقرة في 4 يونيو (حزيران) الماضي، اتفاق خريطة الطريق في منبج، الذي يقضي بسحب مسلحي الوحدات الكردية من المدينة (خلال 90 يوماً) والإشراف المشترك على الأمن والاستقرار فيها، إلى حين تشكيل مجلس محلي من سكانها يتولى إدارتها. وبعد اتهامات متتالية من أنقرة لواشنطن بالتباطؤ في تنفيذ الاتفاق، بدأت القوات الأميركية والتركية في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تسيير دوريات مشتركة في محيط منبج؛ لكن لم يتم إخراج المسلحين الأكراد منها حتى الآن.
في سياق متصل، قال إردوغان، إن «الهجوم الغاشم على جنودنا في عفرين من تل رفعت شمالي سوريا، أظهر مدى صحة قرارنا».
وقُتل جندي تركي في عفرين، في هجوم نفذه مسلحون أكراد من منطقة تل رفعت بمحافظة حلب شمال سوريا، أول من أمس.
وفي السياق ذاته، قال إردوغان إن بلاده على علم بمن يدعم ويدرب عناصر تنظيم داعش الإرهابي في سوريا، بهدف استخدامهم عند الحاجة، مشدداً على أن خطر التنظيم لم يعد له وجود في سوريا، وأن بلاده تعلم أن هذه الذرائع مجرد أمور تكتيكية للمماطلة.
وأضاف إردوغان أن «داعش»» انتهى في سوريا، إلا أن المنطقة لا تزال تتعرض لـ«ظلم آخر» يتمثل في حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وذراعه العسكري (وحدات حماية الشعب الكردية)، قائلاً إن ذلك يحدث أمام أنظار الجنود الأميركيين، وربما بتوجيهات منهم، متهماً الولايات المتحدة بأنها تحمي «الإرهابيين» من عقاب تركيا.
وشدد على أن تركيا لن تتحمل استمرار هذا الأمر، وستستخدم حقها في الدفاع المشروع عن أمنها، قائلاً: «ولقد رأت الولايات المتحدة ذلك، وبدأت في نشر جنودها بين الإرهابيين. كما أن الرادارات ونقاط المراقبة التي تم إنشاؤها من أجل حماية تركيا من الإرهابيين، تستخدمها الولايات المتحدة لحماية الإرهابيين من تركيا. ليست هناك خصومة مع الإدارة الأميركية أو الجنود الأميركيين الذين يوجدون في الأراضي السورية. ونرى الولايات المتحدة شريكاً استراتيجياً مهماً نسعى للمضي معه، بشرط التقائنا على أرضية سليمة».
في الوقت ذاته، استمر حشد القوات التركية على الحدود مع سوريا، ودفع الجيش التركي، ليل الخميس - الجمعة، بقافلة تعزيزات عسكرية جديدة إلى قواته المنتشرة في ولاية هطاي جنوب البلاد والمحاذية للحدود السورية، بغرض التحضيرات لشن عملية مرتقبة في شرق الفرات. وضمت القافلة مركبات عسكرية، بينها ناقلات جند مدرعة ودبابات ووحدات مدفعية، كما توجه عدد كبير من الناقلات المدرعة من هطاي إلى ولاية كليس في المنطقة ذاتها.
وكثفت تركيا عمليات إرسال تعزيزات عسكرية لقواتها على الحدود مع سوريا، منذ أعلن إردوغان، الأربعاء، عن عزم تركيا شن عملية عسكرية في شرق الفرات، تستهدف مسلحي وحدات حماية الشعب الكردية، دون القوات الأميركية المنتشرة في المنطقة.
وفي الوقت ذاته، بدأت تحركات لـ«الجيش الوطني» المكون من فصائل موالية لتركيا، بالتزامن مع تحليق لطيران الاستطلاع والطيران الحربي التركي فوق منبج، ووصول وحدات من الكوماندوز إلى مواقع عدة على الحدود. كما تقوم الوحدات الكردية من جانبها باستعدادات وإقامة تحصينات وحفر أنفاق، بطول مناطق تمركزها قرب الحدود.
وبحسب مصادر في «الجيش السوري الحر»، بدأت فصائل «الجيش الوطني» رفع أسماء مقاتليها إلى تركيا، كخطوة تحضيرية للعملية العسكرية المرتقبة في شرق الفرات.
وقالت صحيفة «ديلي بيست» الأميركية، إن «تركيا تمتلك اليوم نفوذاً على 10 آلاف مقاتل من تنظيم (هيئة تحرير الشام)، تستعد لاستخدامهم في أغراض خاصة، لا سيما القتال ضد الأكراد في سوريا، وإن خطة إردوغان، بعد اتفاق سوتشي مع روسيا، تمثلت في نقل جميع قوات (هيئة تحرير الشام) أولاً إلى منطقة قريبة من الحدود التركية، ثم إلى مدينة عفرين السورية الواقعة تحت سيطرة القوات التركية، وبعد ذلك، توجيهها نحو قتال الأكراد في منطقة منبج».
وأضافت الصحيفة أن المخابرات التركية تمكنت من ضم 12 مجموعة أخرى تعمل تحت سيطرتها، من بينها «أحرار الشام» و«نور الدين زنكي»، فضلاً عن مجموعات أخرى تنتمي لـ«الإخوان المسلمين»، وتمكنت من تعزيز نفوذها بهذا الشكل في صفوف المجموعات المتشددة العاملة في سوريا، عبر توفير مساعدات إنسانية سخية لهم، شملت إمدادات طعام، ووجبات ساخنة، وأنواع أسلحة مختلفة، من خلال وكالات حكومية تركية ومنظمات غير حكومية.
ورأت مؤسسة «ستراتيجيك كلتشر» الأوروبية، أن سياسة إردوغان في عقد صفقات سرية، أدت إلى سيطرته على الجماعات المتشددة في سوريا، وقالت إن «قتاله للأكراد، عبر القوات التركية والعناصر الجهادية، ليس إلا جزءاً من مخطط أكبر، قائم على النظرة التوسعية».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.