ماي تغادر قمة بروكسل بلا ضمانات إضافية لـ«بريكست»

قالت إنها تلقت وعداً بمزيد من التشاور... ومشادة كلامية بينها وبين جان كلود يانكر

رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي (أ. ف. ب)
رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي (أ. ف. ب)
TT

ماي تغادر قمة بروكسل بلا ضمانات إضافية لـ«بريكست»

رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي (أ. ف. ب)
رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي (أ. ف. ب)

غادرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، أمس، قمة قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل وسط تباين في الآراء حول ما إذا كانت قد حققت أي تقدم ملموس، لكنها تعهدت بالقيام بمزيد من المباحثات للحصول على ضمانات من قادة الاتحاد لمساعدتها على إقناع أعضاء البرلمان البريطاني بقبول خطتها لتنفيذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهي الخطة التي قبلها جميع أعضاء الاتحاد، لكن البرلمان البريطاني لا يزال يعبّر عن اعتراضات عليها، الأمر الذي أجبر ماي على تأجيل التصويت على الخطة إلى حين ضمان غالبية مؤيدة دخل البرلمان.
وقالت ماي إن دول الاتحاد أكدت لها، في محادثات شخصية، الاستعداد لإضافة توضيحات في الخطة تتعلق بالحدود مع آيرلندا، وذلك رغم التصريحات الرسمية للاتحاد التي تؤكد عن عدم إمكانية التفاوض من جديد. وفي هذه الأثناء وصف جان كلود يانكر رئيس المفوضية الأوروبية موقف بريطانيا بـ«الضبابي، وغير الواضح»، الأمر الذي دفع ماي إلى توبيخه في لقاء صباح أمس التقطته الكاميرات، ووصفه الصحافيون بأنه كان متوتراً رغم أن الأصوات لم تُسمع. واعترفت ماي فيما بعد بأن النقاش كان حاداً، فيما قال جان كلود يانكر إنه كان يقصد بـ«الضبابية» الموقف البريطاني عموماً وليس كلام ماي شخصياً، مؤكداً أنها امرأة شجاعة وصديقة له.
وحضرت ماي إلى بروكسل بهدف الحصول على ضمانات إضافية من نظرائها الأوروبيين لتعزيز فرص التصويت على اتفاق خروج المملكة من الاتحاد، لكن قادة أوروبا لم يقتنعوا بحجج ماي، كما أبدوا انزعاجهم من المطالب «المبهمة» لرئيسة الوزراء البريطانية، رافضين إعادة التفاوض على بنود الاتفاق الخاصة بمسألة الحدود الآيرلندية المثيرة للجدل. وقال دبلوماسيون أوروبيون إنّ ماي لم تتمكن من شرح ما تريده بالتحديد، أو كيف ستضمن تأمين غالبية التصويت في البرلمان لصالح الاتفاق، علما بأن ماي ستعمل بعد عودتها إلى لندن على طرح الاتفاق مجددا أمام البرلمان، بعد خمسة أيام فقط من إرجائها تصويتاً بسبب المعارضة الكبيرة في صفوف حزبها نفسه. وقالت ماي خلال مؤتمر صحافي في بروكسل أمس إنه «لا يزال هناك عمل يجب إنجازه، وسنجري مباحثات خلال الأيام المقبلة حول كيفية الحصول على مزيد من الضمانات التي يحتاج إليها البرلمان البريطاني ليكون بوسعه تمرير الاتفاق».
ولم يتضح على الفور أي مباحثات إضافية كانت ماي تشير إليها، خصوصاً بعد أن أزال قادة الاتحاد عبارة من النسخة النهائية لمحضر الاجتماع، تشير إلى «ضمانات إضافية» بخصوص مسألة الحدود.
من جهته، قال رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك: «ليس لدي صلاحية لتنظيم أي مفاوضات إضافية... وعلينا استبعاد أي نوع من إعادة فتح التفاوض بخصوص اتفاق الانسحاب. لكننا سنبقى هنا في بروكسل، وأنا دائماً في خدمة رئيسة الوزراء ماي».
في غضون ذلك، قال مسؤولون أوروبيون إنّه لن تعقد قمم أوروبية قبل 21 من يناير (كانون الثاني) المقبل، وهو الموعد الذي حددته ماي كموعد نهائي لطرح الاتفاق للتصويت أمام البرلمان، كما لم تطلب ماي نفسها عقد قمة.
من جهته، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: «هناك اتفاق... الاتفاق الوحيد والأفضل الممكن... ولا يمكنني إعادة التفاوض بشأنه. لكن يمكن أن نوضح ونطمئن». بدوره، قال رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال أمس إنّ «المؤشرات» التي عبّرت عنها رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أول من أمس «ليست مطمئنة بشكلٍ كافٍ» حول قدرة لندن على «الوفاء بالتزاماتها» الواردة في اتفاق بريكست... وسنحضّر أنفسنا لكلّ الفرضيات»، وبينها احتمال خروج بريطانيا «من دون اتفاق».
ووصلت ماي إلى بروكسل متأثرة بتصويت لحجب الثقة عنها في حزب المحافظين، فازت به مساء الأربعاء، لكنه شهد تصويت 117 نائبا، أي أكثر من ثلث نواب حزبها، لمصلحة قرار إطاحتها. وتنصب معارضة اتفاق بريكست على مسألة اتفاق «شبكة الأمان»، الرامي لإبقاء الحدود بين بريطانيا وآيرلندا مفتوحة حتى توقيع اتفاق تجاري جديد بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي. وكانت ماي تسعى للحصول على «ضمانات قانونية وسياسية» بأنّ اتفاق «شبكة الأمان» بخصوص الحدود الآيرلندية لن يبقي لندن عالقة في الاتحاد الجمركي الأوروبي للأبد. وفيما تضمنت مسودة محضر الاجتماع عبارة أن الاتحاد الأوروبي «مستعد للنظر في أي ضمانات إضافية يمكن تقديمها» بخصوص «شبكة الأمان»، تمت إزالة العبارة من النسخة النهائية لمحضر الاجتماع.
وقالت مصادر أوروبية إنّ الأجواء كانت متوترة خلال الاجتماع، إذ قاطعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وقادة آخرون ماي لسؤالها عما تريد تحديدا، وكيف ستتمكن من تمرير الاتفاق. فيما قال مصدر آخر حضر الاجتماع لوكالة الصحافة الفرنسية أمس إنّ ماي ناقضت نفسها، وعجزت عن تحديد أي ضمانات بخصوص شبكة الأمان، يمكن أن تكون مفيدة، وهو ما أزعج قادة الاتحاد. لكن رئيس حكومة لوكسمبورغ، كزافيه بيتل، دافع عن ماي أمس بقوله، إنها «قامت بعمل رائع. وحصلت على أفضل اتفاق ممكن، رغم عدم قدرتها على إقناع نواب حزبها». وقال بيتل إنّ «المشكلة في أعضاء البرلمان في لندن».
وفي بلفاست، أكّدت رئيسة الحزب الوحدوي الديمقراطي الآيرلندي، أرلين فوستر، أنّ حزبها لن يدعم اتفاق بريكست الذي توصلت له ماي مع بروكسل. وقالت: «إن هذه صعوبات من صنع رئيسة الوزراء. لقد تم التوقيع على اتفاق كانت رئيس الوزراء تعلم أنه لم يحصل على دعم البرلمان».
والتقى رد فعل قادة أوروبا على طلب ماي، أمس، بالحصول على تطمينات أو تعهدات أوروبية، بالرفض والتمسك بموقفهم الذي ينص على أنه «لا عودة إلى التفاوض». إذ قال دونالد تاسك: «إن الاتحاد الأوروبي غير مستعد لإعادة التفاوض حول اتفاقية انسحاب بريطانيا من عضوية الاتحاد، ويتمسك بموقفه المعلن في 25 الشهر الماضي بشأن اعتماد هذا الاتفاق، وأيضاً الإعلان السياسي بشأن العلاقات المستقبلية، وإن الدول الأعضاء تنوي التصديق على هذا الاتفاق».
ولم يهتم القادة الأوروبيون بتوجيه رسالة طمأنة للبريطانيين، وإنما بمحاولة إيجاد طريق مشترك للمضي قدماً في تنفيذ الاتفاق بحسب ما أكدت الرئاسة الدورية النمساوية الحالية للاتحاد، رداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط» بهذا الخصوص، حيث قال المستشار النمساوي سباستيان كورتز: «ليس ضرورياً أن نوجه رسالة طمأنة للبريطانيين، بل الضروري أن نجد اتفاقاً للتعامل مع خروج بريطانيا. كما يجب أن نتجنب خروجا من دون اتفاق، والمساعدة على تحقيق ذلك بأقل خسائر للطرفين. لقد كان أمراً جيداً إخبارنا لماي بأننا لن نعود للتفاوض. ولكن في نفس الوقت علينا أن نحقق تفاهماً مشتركاً حول إتمام عملية الخروج».
كما ناقشت القمة أيضا ملفات تتعلق بالقضايا الاقتصادية، مثل الاتحاد النقدي والاقتصادي، والإطار المالي متعدد السنوات، وإصلاح منطقة اليورو. أما بالنسبة للقضايا الخارجية فقد كرر القادة إدانتهم لانتهاك روسيا للقوانين الدولية في بحر أزوف، وطالبوها بالإفراج الفوري عن البحارة والسفن الأوكرانية. كما جددوا العقوبات الأوروبية ضد موسكو.
كما توقفت النقاشات عند التحضيرات لعقد قمة بين الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية، المقررة في فبراير (شباط) المقبل في القاهرة، والتي ستركز على التعاون بين الجانبين في ملف الهجرة وقضايا أخرى. وفي ملف الهجرة دعا قادة دول الاتحاد الأوروبي إلى مواصلة السياسات المتبعة حالياً، في إطار النهج الأوروبي الشامل في ملف الهجرة، مع زيادة تطويرها وتنفيذها بالكامل، من أجل السيطرة على الحدود ومكافحة المهربين، بتعاون مع دول المنشأ ودول العبور.



لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.