قرر البنك المركزي الأوروبي، أمس الخميس، رسمياً، إنهاء برنامج شراء السندات البالغ حجمه 2.6 تريليون يورو (2.95 تريليون دولار)؛ لكنه قال إنه سيبقي على إعادة استثمار السيولة من السندات التي يحل أجل استحقاقها لفترة طويلة، بعد أول رفع لسعر الفائدة.
ومع اقتراب معدل التضخم من المستهدف، لكن مع استمرار ضعف النمو، حافظ «المركزي الأوروبي» على توازن دقيق لشهور؛ حيث خفض محفزاته تدريجياً بينما أبقى في الوقت نفسه على تعهده بتقديم الدعم المالي، للمحافظة على تكاليف الاقتراض منخفضة.
وبدأت مشتريات السندات المعروفة ببرنامج التيسير الكمي، قبل أربعة أعوام، لدعم التضخم والنمو في منطقة اليورو التي كانت تعاني في خضم أزمات.
ويرى «المركزي الأوروبي» أن البرنامج لم يعد يقدم سوى القليل من المزايا الإضافية، ليركز بدلاً من ذلك على أدوات أخرى لدعم الاقتصاد.
ولم يجرِ البنك أي تغيير أمس على توقعاته لسعر الفائدة، التي صاغها للمرة الأولى في يونيو (حزيران)، وأبقى عليها دون تغير يذكر خلال عدة اجتماعات. وقرر البنك أمس إبقاء سعر الفائدة على ودائع البنوك لأجل ليلة، وهي أداة سعر الفائدة الرئيسية للبنك المركزي حالياً، عند -0.40 في المائة.
وظل سعر إعادة التمويل الرئيسي، الذي يحدد تكلفة الائتمان في الاقتصاد، دون تغيير عند 0.00 في المائة، واستمر سعر الإقراض الحدي، وهو سعر الاقتراض الطارئ للبنوك لأجل ليلة واحدة، عند 0.25 في المائة.
وتمر أوروبا بمخاطر عدة متمثلة في تغيير الأنظمة من يمينية إلى شعبوية ويسارية، مثلما حدث في اليونان، ويحدث في ألمانيا، فضلاً عن الاضطرابات التي تشهدها فرنسا حالياً، نتيجة ارتفاع تكلفة المعيشة، وبالطبع «بريكست» الذي يحدد مستقبل بريطانيا، بالإضافة إلى موازنة إيطاليا التي وضعت عجزاً أكبر من الحد المسموح به في الاتحاد الأوروبي.
إيطاليا
غير أن الحكومة الشعبوية الإيطالية عرضت خفض العجز في موازنة العام المقبل، على أمل تجنب إجراء عقابي من الاتحاد الأوروبي، لانتهاكها قواعد ضبط الموازنة لدول منطقة اليورو.
وقال رئيس وزراء الإيطالي جوزيبي كونتي للصحافيين، عقب لقاء رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر في بروكسل: «من نسبة 2.4 في المائة (من الناتج المحلي الإجمالي) نجحنا في خفض نسبة العجز إلى 2.04 في المائة من الناتج المحلّي الإجمالي».
وأضاف كونتي إنه بوسع الحكومة تحقيق وفورات من دون التضحية بالإصلاحات الرئيسية، مثل خفض سن التقاعد ودعم الدخل الأساسي للفقراء.
ووصف كونتي العرض المقدم إلى يونكر بأنه «جاد ومعقول»، وقال إنه على ثقة بأنه سيسمح بإنهاء النزاع بين روما وبروكسل بشأن الموازنة، وهو ما كان يمكن أن يزعزع الاقتصاد الإيطالي الهش الذي يعاني من الديون.
من جانبه، قال المفوض الأوروبي لشؤون الاقتصاد بيير موسكوفيتشي، أمس، إن عرض إيطاليا لخفض نسبة عجز الموازنة ليس كافياً في الوقت الحالي لإنهاء النزاع مع المفوضية الأوروبية.
وقال موسكوفيتشي لمجلس النواب الفرنسي: «إنها خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكني أريد أن أقول إننا لم نصل بعد لما نريده، ما زال يتعين اتخاذ مزيد من الخطوات، ربما من الجانبين».
وتريد بروكسل خفض نسبة العجز إلى أقل من 2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.
اليورو يرتفع
ارتفع اليورو بشكل طفيف في المعاملات المبكرة أمس، بعدما قالت إيطاليا إنها ستخفض خطط الإنفاق العام في خلافها مع الاتحاد الأوروبي.
وكانت الأجواء إيجابية في مجملها في بداية اليوم، بفعل مؤشرات على انحسار التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، وتوقعات بأن الصين ستزيد دعم اقتصادها المتباطئ. وامتد أثر ذلك إلى العملات؛ حيث زاد الدولار الأسترالي 0.3 في المائة. ويعتبر الدولار الأسترالي مقياساً للإقبال على المخاطرة والتوقعات الاقتصادية للصين.
وزاد اليورو 0.2 في المائة إلى 1.1394 دولار. وجرى تداول العملة الموحدة في نطاق بين 1.16 و1.12 دولار معظم الوقت، منذ أغسطس (آب).
وواجه مؤشر الدولار ضغوطاً في الأسابيع القليلة الماضية بعد ارتفاع لثمانية أشهر؛ حيث خفض المستثمرون توقعاتهم لمزيد من التشديد النقدي من جانب مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) خلال العام المقبل، إلى جانب مؤشرات إلى انحسار النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين.
وانخفض مؤشر الدولار، الذي يقيس قوة العملة الأميركية مقابل سلة عملات، 0.1 في المائة إلى 96.945.
وكان الجنيه الإسترليني محط أنظار، بعدما تغلبت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على محاولة للإطاحة بها من رئاسة حزب المحافظين، بسبب الاستياء من خطة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وبعد ارتفاعه قبل إعلان نتيجة اقتراع حجب الثقة، لم يطرأ تغير يذكر على الإسترليني بعد إعلان النتيجة؛ لأن اجتياز ماي الاقتراع بهامش ضئيل نسبياً يظهر حجم المعارضة التي ما زالت قائمة لاتفاق انفصال بريطانيا الذي توصلت إليه ماي مع الاتحاد الأوروبي. وزاد الإسترليني 0.4 في المائة إلى 1.2676 دولار.
ونزل الين 0.2 في المائة إلى 113.455 ين للدولار، بدعم من معنويات إيجابية في آسيا أثرت على العملة التي يشتريها المستثمرون في أوقات الأزمات السياسية.
وأبقى «المركزي السويسري» على سياسته النقدية بالغة التيسير في اجتماعه كما كان متوقعاً. ولم يطرأ تغير يذكر على الفرنك السويسري.