الحريري: أزمة الحكومة داخلية وليست إقليمية

أكد استعداداً سعودياً لدعم الاقتصاد اللبناني فور تشكيلها

الحريري متحدثاً في معهد «تشاتام هاوس» أمس (أ.ف.ب)
الحريري متحدثاً في معهد «تشاتام هاوس» أمس (أ.ف.ب)
TT

الحريري: أزمة الحكومة داخلية وليست إقليمية

الحريري متحدثاً في معهد «تشاتام هاوس» أمس (أ.ف.ب)
الحريري متحدثاً في معهد «تشاتام هاوس» أمس (أ.ف.ب)

أعرب رئيس الحكومة اللبنانية المكلّف سعد الحريري عن أمله في تشكيل الحكومة قبل نهاية العام. وقال خلال ندوة نظّمها «المعهد الملكي للشؤون الدولية» (تشاتهام هاوس) في لندن أمس، إن المفاوضات «في المائة متر الأخيرة».
وذكر الحريري أنّه «بعد الانتخابات (البرلمانية) الأخيرة، تغيّرت المعادلة داخل مجلس النواب ويجب أن نأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، حيث زادت مطالب بعض الفرقاء وتغيّرت بعض الوجوه». وأكد أن العقبات التي تمنع تشكيل الحكومة «ليست إقليمية، وإنما داخلية، المعادلة تغيرت في البرلمان والبعض يريد المزيد. تخطينا عوائق عدة، ولا يزال هناك عائق واحد، وأنا متأكد أننا سنتمكن من حله». وأضاف: «لبنان لا يستطيع الاستمرار من دون حكومة، ونأمل أن تتشكل قريبا لأن الجميع يعلم أن الاستقرار الاقتصادي أهم من أي أجندة سياسية». كما لفت إلى أن «لبنان يعيش في منطقة صعبة ومعقدة، لذلك علينا أن نعمل جاهدين لتفادي توسع النزاعات في سوريا إلى لبنان، وأن نتفادى التصعيد الذي يبدو أن نتنياهو مصر عليه». واعتبر الحريري أن تجاوز الخلافات بين مختلف المكونات السياسية اللبنانية أساسي، وقال إنه لن يغير رأي «حزب الله» بإيران، كما «لا يستطيع الحزب أن يغير رأيي بالسعودية مثلاً، ولذلك وضعنا هذه الخلافات جانبا».
وأكّد الحريري أن الرياض ستدعم لبنان اقتصاديا باتفاقيات سيُعلن عنها فور تشكيل الحكومة، لافتا إلى تعهد السعودية كذلك بتقديم خطة ائتمان بقيمة مليار دولار في إطار التزامات مؤتمر «سيدر». وجدّد تمسّكه بتنفيذ الإصلاحات التي التزمت بها الحكومة في هذا المؤتمر، ولو كانت حكومة تصريف أعمال. وأوضح أن «استراتيجيتنا هي أن نُحضّر البنى التحتية في لبنان كي تكون محطة الانطلاق للشركات الأجنبية من أجل المشاركة في إعمار سوريا والعراق وكذلك ليبيا». وسلط الحريري الضوء على التحديات الاقتصادية التي يواجهها لبنان، خاصة مع وجود نحو مليوني لاجئ سوري وفلسطيني على أراضيه.
وشدد الحريري على أهمية سياسة «النأي عن النفس» التي اعتمدتها الحكومة اللبنانية، مؤكدا أن الحكومة المقبلة «ستستمر في تطبيقها لأن لبنان بلد صغير لا يستطيع تحمل تداعيات التوترات الإقليمية». وبرر اللجوء إلى هذه السياسة بالقول إنه لا يستطيع مطالبة دول الخليج بالاستثمار وتعزيز السياحة في لبنان، فيما تهاجمها أحزاب سياسية في الداخل اللبناني، كما أنه لا يستطيع مهاجمة إيران دون انتظار ردّ فعل منها.
وفيما يتعلق بمزاعم إسرائيل عثورها على أنفاق تابعة لـ«حزب الله»، شدّد الحريري على «ضرورة تطبيق القرار 1701 بحذافيره»، مشيراً إلى أنّ «مسألة الأنفاق يعالجها الجيش اللبناني». واستنكر انتهاك إسرائيل لهذا القرار، لافتا إلى أن لبنان قدم عددا لا يحصى من الشكاوى إلى الأمم المتحدة بشأن هذه الانتهاكات. وردا على سؤال حول ما إذا قررت إسرائيل شن حرب على لبنان، رأى الحريري أن الحرب «لم تجد نفعاً من قبل، والطريق الوحيد نحو الأمان هو الحوار، لكن نتنياهو لا يريد السلام». كما اعتبر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يريد حل الأزمة مع فلسطين، مذكّراً برفض نتنياهو حل الدولتين الذي يضمن عاصمة فلسطينية في القدس وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.