محامو تونس يرفعون وتيرة الإضرابات احتجاجاً على قرارات الحكومة

البرلمان يناقش مقترح مراجعة قانون مكافحة الإرهاب

صورة أرشيفية لاحتجاجات المحامين وسط شوارع العاصمة التونسية (رويترز)
صورة أرشيفية لاحتجاجات المحامين وسط شوارع العاصمة التونسية (رويترز)
TT

محامو تونس يرفعون وتيرة الإضرابات احتجاجاً على قرارات الحكومة

صورة أرشيفية لاحتجاجات المحامين وسط شوارع العاصمة التونسية (رويترز)
صورة أرشيفية لاحتجاجات المحامين وسط شوارع العاصمة التونسية (رويترز)

تواصلت في تونس، أمس، موجة الاحتجاجات والمظاهرات الرافضة لقرارات الحكومة، فبعد إضراب رجال التعليم الذي طال عدداً من المدن، أول من أمس، خرج المحامون، أمس، في مسيرة احتجاجية تنديداً بمضمون قانون المالية، الذي ينص على رفع «السر المهني».
وخرجت مسيرة كانت قد دعت إليها الهيئة الوطنية للمحامين، انطلاقاً من المحكمة الابتدائية بالعاصمة، نحو مقر الحكومة بساحة القصبة، التي تبعد بنحو 200 متر، وضمت المئات من المحامين بستراتهم السوداء.
ورفعت المسيرة شعار «السر المهني خط أحمر»، وقد جاءت هذه المظاهرة الحاشدة رداً على مصادقة البرلمان على قانون المالية لعام 2019 يوم الاثنين الماضي، والذي يشدد في فصله الـ34 على إجراءات رفع «السر المهني»، في خطوة تعدها الحكومة مهمة لتعزيز الشفافية في المجال الضريبي، والالتزام بالمعايير الدولية، واحترام التزامات تونس بخصوص تبادل المعلومات في هذا المجال. كما تقول الحكومة إن هذه الإجراءات جد ضرورية لتفادي تصنيف تونس في قائمة الملاذات الضريبية، والدول المهددة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب. لكنّ هيئة المحامين تعتبر رفع «السر المهني» مخالفاً للدستور والقسم الذي أداه المحامي، ويهدد علاقة الثقة القائمة بين المحامين وحرفائهم، كما توقعت أن يكون له أثر وتداعيات على المعاملات والعقود، وهددت الهيئة بالطعن في دستورية قانون المالية.
وقال عميد المحامين عامر الحرزي، إن «هناك اتفاقاً تاماً في المجال القانوني والقضائي على أن مشروع القانون غير دستوري، وغير ممكن التطبيق، وأن الحكومة استندت إلى غياب المحكمة الدستورية لمحاولة تمريره». ونفّذ المحامون الاثنين الماضي إضراباً في المحاكم، ثم دخلوا في اعتصام بمقر الهيئة الوطنية للمحامين في محكمة تونس العاصمة، احتجاجاً على رفع «السر المهني».
في غضون ذلك، عقد البرلمان التونسي، أمس، جلسة برلمانية للنظر في مقترحين أساسيين: الأول يهمّ الزيادة في سن التقاعد، والثاني يشمل مراجعة قانون مكافحة الإرهاب، وهما مقترحان يثيران جدلاً سياسياً واجتماعياً حاداً، في ظل محاولة الهياكل النقابية الاحتفاظ بسن التقاعد في حدود 60 سنة، وخفضه إلى 55 سنة بالنسبة إلى المهن الشاقة، مثل مهنة التعليم. فيما تسعى الحكومة لرفع سن التقاعد إلى 62 سنة بصفة إجبارية بداية من السنة المقبلة، واختيارياً في حدود 65 سنة بداية من 2020.
أما بالنسبة إلى تنقيح قانون مكافحة الإرهاب، فإنه يُخفي، حسب عدد من المراقبين، نيات أحزاب المعارضة في التضييق أكثر فأكثر على حركة النهضة، خصوصاً بعد اتهامها بتشكيل جهاز أمن موازٍ كانت له علاقة بالاغتيالات السياسية التي شهدتها تونس، وفي مقدمتها، عملية اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي سنة 2013، واتهامها أيضاً بتسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر في الخارج، كسوريا وليبيا على وجه الخصوص. وخلال مناقشة أعضاء البرلمان مقترح رفع سن التقاعد، خيّمت أزمة الصناديق الاجتماعية واختلال موازناتها المالية على النقاش. وفي هذا السياق دعا حسن العماري، النائب عن حزب النداء، وزارة الشؤون الاجتماعية، إلى تقديم معطيات حقيقية حول الانتدابات العشوائية في القطاع العام منذ سنة 2011، ودورها في إثقال كاهل الصناديق وتعميق أزمتها المالية.
ومن المنتظر أن تكون النقاشات البرلمانية حول تنقيح قانون مكافحة الإرهاب المصادق عليه خلال شهر يوليو (تموز) 2015، أكثر صعوبة، بسبب ما تضمنه من مقترحات مثيرة للجدل بين أكثر من طرف سياسي قبل أشهر من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وأيضاً في ظل الحملات الانتخابية المبكرة.
في هذا السياق، تقدمت مجموعة من نواب البرلمان، من بينهم المنجي الرحوي (الجبهة الشعبية)، وفيصل التبيني (حزب صوت الفلاحين)، ومحمد الحامدي (حزب التيار الديمقراطي)، بإضافة فصل يتم بموجبه رفع الحصانة البرلمانية آلياً عمّن يشمله أي بحث على علاقة بالإرهاب وغسل الأموال. وبقطع النظر عما يخفيه هذا التنقيح من تضييق الخناق على أطراف سياسية بعينها، فإن هذا المقترح سيخلّف، وفق عدد من المراقبين، الكثير من التجاذبات السياسية بين الكتل البرلمانية في علاقة بتهمة امتلاك حركة النهضة جهاز أمن سرياً. كما توجد خلافات عميقة بين وزارتي الداخلية والعدل حول استعمال أي شخص تحوم حوله شبهة إرهابية في اختراق الجماعات المتشددة.
وتبرر الحكومة التونسية تنقيح قانون مكافحة الإرهاب بعد أقل من ثلاث سنوات من إقراره، برغبتها في الاستجابة للمعايير الدولية، ومن بينها قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بمنع انتشار التسلح، وتمويل أسلحة الدمار الشامل.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.