تصاعد التوتر في الضفة ومخاوف من تدهور واسع

«حماس» تدعم مواجهة مسلحة... والسلطة مع تجنب «مربع العنف»

خلال وقفة احتجاج على مهاجمة الاحتلال مقر وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)
خلال وقفة احتجاج على مهاجمة الاحتلال مقر وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)
TT

تصاعد التوتر في الضفة ومخاوف من تدهور واسع

خلال وقفة احتجاج على مهاجمة الاحتلال مقر وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)
خلال وقفة احتجاج على مهاجمة الاحتلال مقر وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)

دعمت حركة «حماس» مواجهة أوسع وذات طبيعة مسلحة في الضفة الغربية مع إسرائيل، في ظل توتر كبير يسود الأجواء هناك، مع تنفيذ الفلسطينيين هجمات متقطعة رد عليها الإسرائيليون بمزيد من عمليات القتل والاعتقال، وتكثيف الاقتحامات لرام الله ومدن أخرى. لكن دعوات «حماس» تلك لم تلق قبولاً لدى السلطة التي تتطلع إلى تجنب تدهور أكبر للأوضاع.
وقال خليل الحية، عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»، مفاخراً بأن العمليات النوعية مثل عملية «نقطة الصفر» التي نفذت في غزة: «تتحول وتنتقل إلى الضفة».
ووجَّه الحية، التحية لأهالي الضفة الغربية، ولمنفذ عملية إطلاق النار قرب مستوطنة عوفر الأسبوع الماضي.
وأضاف: «شعبنا يتوق لأن يكون موحّداً في مواجهة التحديات والمؤامرات كافة».
وغمز قناة السلطة قائلاً: «شعبنا بحاجة إلى وحدة حقيقية تعيد الاعتبار للقدس ولفلسطين، وليس للتنسيق الأمني مع الاحتلال». ودعا الحية لمواجهة الاحتلال بكل الأشكال تحت عنوان «الصاروخ والبندقية».
ورافقت دعوات الحية لتصعيد في الضفة، دعوات من «حركة الجهاد الإسلامي» كذلك، التي حيَّت «الأيادي التي تقاوم وتشتبك مع الاحتلال في الضفة المحتلة»، قائلة إنها «تعيد الحياة والاعتبار لمشروعنا الوطني، الذي عنوانه مقاومة الاحتلال ومجابهته، في كل الساحات وبكل السبل».
وتسعى «حماس» إلى مواجهة أوسع في الضفة الغربية منذ سنوات، ولطالما دعت السلطة الفلسطينية إلى إطلاق يد «المقاومة» في الضفة؛ لكنها دعوات ظلت تنظر إليها السلطة بعين الريبة والشك والغضب.
وتعتقد السلطة أن «حماس» تريد إشعال الضفة في سبيل إضعافها ونشر الفوضى، فيما تحافظ على تهدئة في قطاع غزة.
وعلى الرغم من أن السلطة لم تتدخل لكبح جماح منفذي العمليات الأخيرة في الضفة الغربية، ولم تدن هذه العمليات، كما لم تتدخل لفض اشتباكات تندلع بشكل يومي في رام الله ومدن أخرى، فإنها لا تخطط لتمدد المواجهة بطريقة غير محسوبة.
وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننجر إلى المربع الذي تريده إسرائيل. إسرائيل تريد الفوضى وإضعاف السلطة. كذلك (حماس) تتطلع إلى ذلك في الضفة. لكن منطق القيادة الفلسطينية مختلف. على إسرائيل أن تتحمل مسؤولية احتلالها، وهذا يتم عبر تصعيد المقاومة الشعبية. مواجهة إسرائيل مشروعة؛ لكن ليس ضمن أجندة يمكن أن تقود إلى الدمار».
وتقول السلطة إن التصعيد الإسرائيلي في الضفة له أهدافه، وأولها الضغط على القيادة الفلسطينية الذاهبة نحو تنفيذ قرارات مرتبطة بالاتفاقات مع تل أبيب.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، بعد ترأسه اجتماعاً لقادة المؤسسة الأمنية أمس، إن «القيادة وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، وحولها أبناء الشعب، لن تخضع للترهيب، كما لم تخضع للابتزاز».
وجدد الحمد الله إدانته للتصعيد الإسرائيلي، خاصة حملة الاقتحامات الأخيرة التي طالت المدن والمخيمات والقرى الفلسطينية، لا سيما اقتحام رام الله والبيرة، بالتزامن مع تحريض المستوطنين على المساس بحياة الرئيس محمود عباس، واستهداف المؤسسات الرسمية، خاصة وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا).
واقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة رام الله، التي يوجد فيها مقر الرئيس محمود عباس، ورئاسة الوزراء، ومعظم المقرات الرسمية، على يومين، ونتجت عن ذلك مواجهات عنيفة مع الجيش الإسرائيلي، الذي اقتحم وكالة «وفا» للأنباء، وحاصر مقر وزارة المالية، واقتحم محلات ومؤسسات أخرى.
وعمل الجيش في قلب رام الله لساعات طويلة، تمكن خلالها من السيطرة على تسجيلات لكاميرات مراقبة منتشرة في الشوارع، وخاصة بالمؤسسات والمنازل والمحلات التجارية.
وتريد إسرائيل من خلال الحصول على التسجيلات، تعقب سيارة فلسطينية أطلقت منها النيران على المستوطنين قرب رام الله.
ورفضت الخارجية الفلسطينية وأدانت تصاعد هجمات واعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، ضد المواطنين الفلسطينيين في الآونة الأخيرة. وقالت الخارجية إن حرب المستوطنين المفتوحة ضد أبناء شعبنا، تتزامن مع عدوان الاحتلال واستباحة قواته، واجتياحاتها المتواصلة للمناطق المُصنفة «أ»، الخاضعة للسيطرة الفلسطينية وعموم القرى والمخيمات الفلسطينية، بما فيها الاجتياحات المتتالية لمدينتي رام الله والبيرة، وتمركزها الاستفزازي بالقرب من منزل الرئيس محمود عباس.
وحذرت الخارجية من «تداعيات ومخاطر هذا المُخطط الاستعماري العنصري الذي يهدف إلى توتير الأجواء وتصعيد الأوضاع، لما يشبه مرحلة ما قبل الانتفاضة الثانية، حتى يتسنى لقوات الاحتلال اقتحام المُدن والمناطق الفلسطينية، وتدمير البنى التحتية والمنشآت، وتدمير مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، كجزء لا يتجزأ من مُخطط لتصفية القضية الفلسطينية تحت مُسمى صفقة القرن». وقالت الخارجية إنها «إذ تدق ناقوس الخطر الشديد، وتُحذر من تداعيات هذه التطورات، فإنها تُطالب المجتمع الدولي، وفي مقدمته مجلس الأمن الدولي، بالتعامل بمنتهى الجدية مع تحذيراتنا ومظاهر هذا المخطط العدواني، وتدعوه لتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه شعبنا، وما يتعرض له من انتهاكات وجرائم، نخشى أن تجر الساحة نحو دوامة من العنف، تصعب السيطرة عليها أو احتواؤها».
وجاء القلق الفلسطيني الرسمي من تصاعد التوتر، في مرحلة تشهد فيها الضفة الغربية عمليات متقطعة ضد إسرائيليين ومواجهات يومية.
والأحد الماضي، أطلق فلسطينيون قرب مستوطنة عوفر الرصاص على إسرائيليين، وأصابوا 7. وهو أخطر هجوم منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عندما أطلق أشرف نعاولة النار على إسرائيليين، وأرداهما في منطقة صناعية تابعة لمستوطنة بركان، شمال الضفة. وأعلنت إسرائيل استنفاراً عالياً من أجل اعتقال منفذي الهجمات.
وأثناء ذلك، قال الجيش الإسرائيلي إنه أحبط عدة عمليات دهس في الضفة، بينها محاولتان يوم الثلاثاء.
ويقول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن «الهجمات الفلسطينية هدفها إخافة الإسرائيليين لكي ينسحبوا من الضفة الغربية؛ لكن ما دمت رئيس وزراء إسرائيل، فلن يتم إخراج أي يهودي من بيته».
ومقابل تهديدات نتنياهو، خرجت أصوات إسرائيلية تحذر من استمرار إسرائيل في إضعاف السلطة الفلسطينية؛ لأنه من دون خطوات لتعزيز السلطة الفلسطينية ستصبح المنطقة عرضة لدفع ثمن باهظ.



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».