يحترفن حرفة التطريز في مدينة بئر العبد، في محافظة شمال سيناء (شمال شرقي القاهرة)، تطوير فنون وتصميمات التطريز، بعدما أصبحت منطقتهم مركزاً مهماً للتّطريز على القماش، حيث تستيقظ السيدات هناك مبكراً، لإنجاز مهماتهن المنزلية أولاً، قبل الشّروع في التطريز على القماش مساءً.
حنان حسان، رئيسة جمعية تنمية وحماية البيئة في مدينة بئر العبد، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «أزوّد النساء هناك بالخيوط الصوفية فضلاً عن أنواع مختلفة من الأقمشة، لتقمن بردها في صورة قطع من التحف الفنية المطرزة». وتضيف: «أسترد القطع المطرزة منهن مرّة أخرى وأستخدمها في صناعة منتجات عديدة، وأبيعها في السوق، مع السعي لتنويع المعروضات، وعدم اقتصارها على الملابس، التي ارتبط التطريز على القماش بها منذ البداية».
وذكرت حسان أنّها تتعاون مع ما يزيد على خمسمائة سيدة «جميعهن يتخذن من منازلهن مكاناً للعمل الذي تطلبه منهن، ولا يحتجن نصائح مسبقة، ولا إرشادات معينة لأنّهن فنانات بطبعهن». ولا يساورها الشك أبداً في حصولها على قطع مبدعة من التطريز، لأنّ «كل نساء سيناء وأبنائها يمتلكون مواهب فطرية، ربما كانت البيئة الصحراوية وراء تنميتها وتزويدهم بها»، حسب وصفها.
ويبلغ عدد العاملين في قطاع الصناعات الحرفية نحو خمسة ملايين شخص، معظمهم عاملون في القطاع غير الرسمي، بينما يبلغ عدد الورش المسجلة رسمياً أربعة آلاف ورشة فقط، حسب مسعد عمران، رئيس غرفة الحرف اليدوية باتحاد الصناعات المصرية، الذي قال في تصريحات صحافية سابقة إنّ «صادرات الحرف اليدوية خلال الربع الأول من عام 2017، بلغت قيمتها نحو ثلاثة مليارات جنيه».
ولفتت حنان إلى أنّ «بئر العبد» تتبعها قرى بدوية عديدة، كل قرية تسكنها قبيلة معينة، تتوارث نساء كل قبيلة حرفة التطريز، بشكل تلقائي، ويتعلمن فنونه، وهن ما زلن أطفالاً في أعمار صغيرة لا تتجاوز سبع سنوات، فاستخدام الخيوط في الرّسم على القماش شيء طبيعي يتعايشن معه، ويعتبرنه من ضمن تفاصيل حياتهم الأساسية اليومية.
وأشارت حنان إلى أنّ إتقان النساء هذه الحرفة هناك أدى إلى جعلها واحدة من أهم الصناعات التي تحترفها المرأة البدوية في المنطقة، إذ تعد فنانة بالفطرة في الرسم على القماش، وقد بدأت بالثوب السيناوي الذي كانت تطرزه لترتديه، أو تساعد جاراتها على تفصيله. وأوضحت أنّ «الثوب السيناوي ظل زياً رسمياً لهن، لكنهن بدأن في تطويره عندما عُدنَ إلى سيناء بعد زوال الاحتلال الإسرائيلي لها، فظهرت العباءة، والشال السيناوي البسيط، ثم دخلت أنواع متعددة من الشيلان، والمفارش، والعباءات، وقد تبع ذلك دخول أنواع من الغرز، مثل (أثر القطة)، و(الوردة)، ودُمج الكثير من (الموتيفات) واستخدمت عناصر جديدة للحصول على قطع فنية تقاوم الرتابة التي قد تسيطر على الشكل العام للتطريز هناك».
وتحتل الحرف اليدوية والصناعات التقليدية مساحة واسعة من التراث المصري يعتمد فيها الصانع على مهاراته الفردية الذهنية واليدوية، باستخدام الخامات الأولية المتوفرة في البيئة الطبيعية المحلية أو الخامات الأولية المستوردة. وتنعكس أهمية الحرف والصناعات اليدوية في أنّها تدل على جوانب الهوية الوطنية للدولة المنتجة للحرف والصناعات اليدوية، وطالب خبراء اقتصاديون بضرورة تحقيق مصر مكاسب مادية من تدعيمها للحرف اليدوية.
ولفتت حنان إلى أنّ «النساء في بئر العبد سعين لمجاراة عمليات التجديد في استخدامات القماش المطرز، فقدمن (الصديري) و(الكردانات) للفتيات، فضلاً عن استخدامه في تزيين الفساتين الطويلة التي يفضلن ارتداءها».
وذكرت حنان أنّ المنتجات التي تستخدم الأقمشة المطرزة في صناعتها أيضاً تتنوع بين الحقائب الجلدية، وأغطية الطاولات، فضلاً عن تزيين أركان المجالس ذات الطابع العربي بمقاعد ذات ألوان مبهجة تعرف المرأة البدوية أثرها في الروح دون الذهاب إلى كليات أو معاهد فنية. وقالت إنه «لا أحد يجبرهنّ على تعلم فن التطريز، ما ينقصهن فقط هو العمل على تحديث ما يقدمنه من أقمشة مطرزة، وقد سعت ابنتي لتعلّم تصميمات لمواجهة الروتين والجمود الذي قد يطرأ على حياتها جراء القيام بتصميمات موحدة».
سيدات سيناء يعملن على تطوير فن التطريز وحفظ الموهبة المتوارثة
يحترفن صناعة النسيج بصور مختلفة
سيدات سيناء يعملن على تطوير فن التطريز وحفظ الموهبة المتوارثة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة