المغرب يشهد نقاشا وطنيا حول تقييم التنمية البشرية في البلاد

قرار الملك أخذ بعين الاعتبار الرأسمال الرمزي وغير المادي للبلاد

المغرب يشهد نقاشا وطنيا حول تقييم التنمية البشرية في البلاد
TT

المغرب يشهد نقاشا وطنيا حول تقييم التنمية البشرية في البلاد

المغرب يشهد نقاشا وطنيا حول تقييم التنمية البشرية في البلاد

شكلت دعوة العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى فتح نقاش وطني واسع حول وقع السياسات التنموية التي اعتمدها المغرب خلال الـ15 سنة الماضية، على مستوى عيش المواطنين، وإنجاز دراسة لقياس القيمة الإجمالية للمغرب، والتي تأخذ بالاعتبار الرأسمال الرمزي وغير المادي للبلاد، واهتمام المراقبين والباحثين، الذين عدوها تؤسس لمقاربة جديدة في تقييم التنمية البشرية في البلاد. وقال إبراهيم المنصوري، الباحث بالمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الدراسة التي وجه العاهل المغربي بإنجازها حول القيمة الإجمالية للمغرب ستشكل تجربة رائدة وغير مسبوقة على المستوى العالمي، إذ ستؤسس لمنهجية جديدة في تقييم مستوى التنمية يأخذ بعين الاعتبار دور المؤسسات والرأسمال البشري والرأسمال التاريخي والثقافي.
وأضاف أن الإشكالية التي تطرحها هذه المقاربة هي معرفة الرأسمال الرمزي وتحديد مكوناته، وهذا يتطلب إشراك المواطنين لمعرفة المكونات التي تدخل في إطار دائرة اهتمامهم والتي تشكل سعادتهم. ومن ثم، يرى المنصوري، ضرورة تعبئة المواطنين وإشراكهم، إضافة إلى إشراك خبراء.
من جهته، قال محمد حركات، رئيس المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والحكامة، لـ«الشرق الأوسط»: «إن دعوة العاهل المغربي كانت جريئة وصريحة كونها تنطلق من رغبة الملك، التي عبر عنها من خلال سؤاله حول معرفة من يستفيد حقيقة من المشاريع التنموية والإصلاحات التي أطلقها مند توليه الحكم، وما مدى وقعها وأثرها على الحياة اليومية لكل المغاربة». وأضاف حركات: «إن هذه الدعوة تشكل توجها نقديا موضوعيا وصريحا من أجل التأسيس لثقافة جديدة في مجال تدبير الشأن العام، قائمة على المسؤولية والمساءلة والفعالية. وهي موجهة كذلك للأحزاب السياسية والبرلمان والحكومة لكي تغير تعاملها مع الشأن العام».
ويرى حركات أن المبادرة الملكية تكتسي بعدا وطنيا من خلال السعي إلى تعبئة المغاربة، وخصوصا النخب، حول الهدف الاستراتيجي الذي حدده الملك والمتمثل في التوزيع العادل للثروة ولثمار النماء الاقتصادي. كما تكتسي أيضا أبعادا دولية، إذ تشكل بديلا للتصنيفات التي تصدرها المنظمات الدولية التي تقتصر على المعطيات الرقمية المادية، والتي لا تهتم بالبعد الرمزي للثروة الوطنية كالاستقرار والتناسق والاطمئنان والأمن والقيمة الرمزية للثقافة والتاريخ.
وقال: «لقد وجه الملك دعوة للجميع من أجل الانخراط في نقاش وطني عمومي وجدل اجتماعي بكل الصراحة والصدق والموضوعية اللازمة من أجل تنوير المواطنين وأصحاب القرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي». وأضاف قائلا: «الخطاب الملكي كان جريئا وصريحا، حيث أقر بأن أثر المجهودات التنموية الكبيرة للمغرب كان محدودا على المواطن. لذلك دعا إلى الوقوف على الإكراهات التي تحول دون أن تصل ثمار هذه المجهودات إلى كل المواطنين. وإلى دراسة العوائق والإكراهات التي تحول دون تحقيق أهداف السياسات العمومية، والبحث في سبل توزيع الثروة، وإعطاء تصورات جديدة لمراجعة آليات توزيع الثروة ونتائج النمو بشكل أكثر عدلا».
وسبق للعاهل المغربي الملك محمد السادس أن أمر مباشرة بعد توليه الحكم بإنجاز دراسة حول حصيلة خمسين سنة من التنمية في المغرب، والتي جرت في 2005، بهدف تقييم المنجزات، وتحديد الاختلالات ومعرفة مستوى التطلعات منذ استقلال المغرب.
وشكلت الدراسة أحد المراجع الأساسية للسياسات العمومية خلال الفترة السابقة. وتسعى الدراسة الجديدة، المتعلقة بالقيمة الإجمالية للمغرب إلى إيجاد أرضية جديدة للمضي قدما في الإصلاحات الكبرى والمشاريع التنموية، أخذا بالاعتبار المحددات الذاتية للتنمية البشرية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».