دورتموند مستمر في تقدمه وسانشو ماضٍ في تألقه

الناشئ الإنجليزي يواصل مسيرته الرائعة في ألمانيا

سانشو نجم دورتموند والمنتخب الإنجليزي (إ.ب.أ)
سانشو نجم دورتموند والمنتخب الإنجليزي (إ.ب.أ)
TT

دورتموند مستمر في تقدمه وسانشو ماضٍ في تألقه

سانشو نجم دورتموند والمنتخب الإنجليزي (إ.ب.أ)
سانشو نجم دورتموند والمنتخب الإنجليزي (إ.ب.أ)

كان الظلام قد حلّ عندما وصلت حافلة بروسيا دورتموند إلى ملعب تدريب النادي في بلدة براكل، لكنها لم تستطع الدخول بسبب وقوف عدة مئات من المشجعين في طريقها بينما علت أصواتهم بالغناء وترديد الهتافات المؤيدة للنادي وأضاءت سماء الليلة الشتوية بالألعاب النارية. وفي خضم الاحتفالات، نزل اللاعبان البلجيكي أكسيل فيتسل والمغربي أشرف حكيمي من الحافلة وانضما إلى الجماهير.
وتوحي المؤشرات بأن الموسم الحالي سيكون موسماً خاصاً في تاريخ نادي بروسيا دورتموند، لكن إذا كنت تتساءل ما الذي تفتقده هذه البداية لدورتموند الأقرب إلى الحلم -والذي لم يتعرض لأي هزيمة في الدوري الألماني الممتاز، وتقدم على بايرن ميونيخ، حامل اللقب، بعد أن فاز عليه في الكلاسيكو الألماني الشهر الماضي في الوقت الذي تأهل فيه إلى دور الستة عشر في بطولة دوري أبطال أوروبا؟ فسنطرحها عليك في ما يلي؛ لقد شارك بروسيا دورتموند في المباراة التي أُقيمت بعد ظهر السبت الماضي بفارق 19 نقطة بالفعل عن الفريق المنافس، شالكه، ومع هذا دائماً ما كان للفوز في «ديربي الرور» الألماني أهمية خاصة وكبرى.
جدير بالذكر أن بروسيا دورتموند أخفق في الفوز خلال المواجهات الخمس الأخيرة أمام غريمه القديم -كان آخر فوز له في الديربي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015- وبدا ذلك مطلباً ملحاً بحاجة إلى تحقيق، مثلما اعترف ماريو غوتزه خلال الأسبوع السابق للمباراة. أما الهدف الوحيد الذي سجله غوتزه خلال المباراة، التي جرت في نوفمبر من العام الماضي، فتراجعت أهميته بسبب تقهقر بروسيا دورتموند من التقدم بنتيجة 4 - 0 حتى نهاية الشوط الأول لتنتهي المباراة بالتعادل. وعليه، فإنه حتى في مثل هذه الظروف التي يعيشها النادي، فإنه لم يبالغ في توقعاته في ما يخص نتيجة المواجهة.
وفي النهاية، جاء حسم نتيجة ديربي الرور الأخير على يد لاعب كانت هذه مشاركته الأولى في هذه المواجهات البارزة -وفي ظل ظروف عصيبة. كان جادون سانشو قد فاتته جلسات التدريب الأسبوع الماضي بسبب سفره إلى لندن بعد وفاة جدته -وفي الغالبية الكاسحة من الحالات يعني التغيب عن حضور جلسة التدريب عدم مشاركة اللاعب في التشكيل الأساسي في المباراة التالية. وبالفعل، عرض المدرب عليه خيار عدم المشاركة في المباراة بعد عودته ليلة الجمعة، «لكنه رغب بشدة في اللعب»، حسبما قال المدرب لوسيان فافر. وبالفعل، جاء أداء سانشو على مستوى الحدث، ورد على هدف التعادل غير المتوقّع لشالكه الذي أحرزه دانييل كاليوري في الشوط الثاني من خلال التقاط الكرة على الطرف الأيسر من الملعب، وتبادل الكرة مع زميله الذي شارك كبديل البرتغالي رافاييل غيريرو، وانتظر قليلاً من الوقت حتى استعدّ تماماً قبل أن يصوّب هدف الفوز ليمر متجاوزاً حارس شالكه رالف فاهرمان، وتسكن الكرة الزاوية البعيدة من المرمى.
ومثلما قال مدير شؤون الكرة، مايكل زورك، جاء هذا الهدف كجزء من «أداء استثنائي» من جانب المراهق الإنجليزي، خصوصاً لدى مقارنته بالأيام الصعبة القليلة التي سبقته. وبعد أن سكنت الكرة الشباك، رفع سانشو يديه نحو السماء، وأشار بإصبعي السبابة لأعلى، قبل أن ينضم إليه أقرانه بالفريق للاحتفال معه. وبدا واضحاً للجميع حجم التقدير البالغ الذي يكنونه له. على سبيل المثال، أكد ماركو رويس، قائد الفريق، أنه «أشعر باحترام بالغ تجاه قوة بصيرته. إنه من الرائع من جانبه حقاً أنه تمكن من الاستمرار في التدريب وحافظ على تركيزه، وأنه نجح في الابتسام».
اللافت أن سانشو طوال الوقت بدا مستعداً ومتاحاً للمشاركة، وسعيداً بالمشاركة في المواقف العصيبة المميزة لمواجهات الديربي. وكانت المفارقة الكبيرة بعدما نجح في سحق ظهير شالكه الأيسر باستيان أكزيبكا -الذي ظهرت عليه الحيرة الشديدة وأبدى تحفظاً كبيراً في أدائه معظم المباراة بعد تلقيه بطاقة صفراء بسبب مخالفة ارتكبها بحق جناح المنتخب الإنجليزي الذي حقق الفوز لدورتموند.
علاوة على ذلك، أظهر سانشو مستوى من الخيال الخصب افتقر إليه لاعبو شالكه، رغم الاستثمارات الضخمة التي ضخها النادي في خط الوسط على وجه التحديد، متمثلة في ضم سيباستيان رودي وسوات سيردار والإسباني عمر ماسكاريل. ومثلما أوضح توني ليتو، في مجلة «كيكر» الرياضية، فإن «ديربي الرور أوضح أمام الجميع أنه في الدوري الألماني، يتسم شالكه بتنافسية جزئية فحسب». وبعد اجتيازهم 14 مباراة في الدوري الممتاز، حصد شالكه 14 نقطة، وتتضمن الأهداف الـ15 التي سجلها الفريق أربع ركلات جزاء.
ونظراً إلى افتقاره إلى المهاجمين، ومع خروج مارك أوث وبريل إمبولو من جديد، وقع اختيار المدرب دومينيكو تيديسكو على لاعب خط الوسط ويستون ماكيني، بجانب غيدو برغستالر، لكن الخطة لم تفلح، حتى من قبل أن يضطر الأخير إلى الانسحاب بسبب الإصابة. وإذا كان تيديسكو قد حاول الاحتفاظ بنمط الأداء المتألق الذي قدمه أمام هوفنهايم، الأسبوع الماضي، من الواضح إذن أنه لم ينجح في ذلك. من جهته، كتب ليتو أنه: «بغض النظر عن (الموقف الراهن)، يجب أن يقرّ المرء بأنه حتى في أوقات كان خلالها من الممكن الاستعانة بأوث وإمبولو وفرانكو دي سانتو ورفاقهم، لم يتمكن شالكه من نشر الخوف والذعر في خطوط الدفاع المقابلة».
ومع هذا، يجب نسب كثير من الفضل في ما يخص نتيجة المباراة إلى الفريق الخصم. من ناحيته، لمح ماركو رويس إلى أنه: «كنت أعرف بالفعل حتى قبل أن تبدأ المباراة أن شالكه لن يشن أي غارات هجومية خطيرة، في الوقت الذي تمكن فيتسل وتوماس ديلاني (الذي سجل الهدف الأول من كرة مررها ريوس) من إضفاء طاقة كبيرة على خط الوسط».
وقد احتفل بهذا الفوز الذي تحقق بفارق هدف واحد 6 آلاف من مشجعي بروسيا دورتموند الذين سافروا لمؤزارة فريقهم. وفي الوقت الذي تحمل هذه النتيجة أهمية كبيرة لدى النظر إليها بمفردها وبمعزل عن أي اعتبارات أخرى، تظل الحقيقة أن هذا الفوز جاء في توقيت مثالي تماماً، مع بقاء ثلاث مباريات في أجندة الفريق لهذا العام. ومن الواضح أن بروسيا دورتموند بحاجة ماسة إلى عطلة الشتاء. وفي هذا الصدد، قال ريوس: «بطبيعة الحال، تلاحظ ببطء أن القوة والنشاط لم يعودا على المستوى ذاته الذي كان عليه الحال بداية الموسم. وهنا تحديداً تكمن أهمية وجود عدد كبير من اللاعبين بالفريق على درجة كافية من الكفاءة تتيح الاعتماد عليهم». وإذا كان اللاعبون يشعرون اليوم بإرهاق نتيجة المجهود الضخم الذي بذلوه، فإنهم في الوقت ذاته يجنون ثمار مجهودهم.


مقالات ذات صلة

فليك: تركيز برشلونة ينصب على ليغانيس

رياضة عالمية الألماني هانز فليك مدرب برشلونة (إ.ب.أ)

فليك: تركيز برشلونة ينصب على ليغانيس

قال هانز فليك، مدرب برشلونة، السبت، إن فريقه يوجه كل تركيزه إلى مباراة ليغانيس المقررة الأحد.

«الشرق الأوسط» (برشلونة)
رياضة عالمية دييغو سيميوني مدرب أتلتيكو مدريد (إ.ب.أ)

سيميوني: لو نورمان سيحصل على فرصة المشاركة مع أتلتيكو

قال دييغو سيميوني، مدرب أتلتيكو مدريد، السبت، إن روبن لو نورمان سيحصل على فرصة اللعب لفترات أطول.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية الإسباني لويس إنريكي مدرب باريس سان جيرمان الفرنسي (أ.ف.ب)

إنريكي: أقدّم أفضل موسم في مسيرتي

أصر الإسباني لويس إنريكي، مدرب باريس سان جيرمان الفرنسي، السبت، على أنّ الأرقام تؤكد أنّه يخوض «الموسم الأفضل» في مسيرته.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية باولو فونسيكا مدرب ميلان يواصل مهاجمة لاعبيه (أ.ف.ب)

فونسيكا: على لاعبي ميلان الارتقاء لمستوى النادي العريق

قال باولو فونسيكا، مدرب ميلان، اليوم (السبت)، إن لاعبي الفريق بحاجة إلى تحسين نهجهم وموقفهم والارتقاء إلى مستوى التاريخ العريق للنادي.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
رياضة عالمية أتالانتا هزم كالياري وابتعد بصدارة «السيريا إيه» (أ.ب)

الدوري الإيطالي: أتالانتا يبتعد بالصدارة

حقق أتالانتا رقماً قياسياً جديداً للنادي بفوزه العاشر على التوالي في دوري الدرجة الأولى الإيطالي بتغلبه 1-صفر على كالياري، السبت.

«الشرق الأوسط» (كالياري)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».