الروائية المصرية منصورة عز الدين: فرز مكتبتي رحلة ممتعة في دروب الذاكرة والقراءة

منصورة عز الدين
منصورة عز الدين
TT

الروائية المصرية منصورة عز الدين: فرز مكتبتي رحلة ممتعة في دروب الذاكرة والقراءة

منصورة عز الدين
منصورة عز الدين

بالمرور عبر أرففها، ستتسع لك متاهات بورخيس، وحارات محفوظ، ومُسوخ كافكا، تتسع لما هو أبعد من الحدود. في هذا الفضاء تجد الكاتبة والروائية المصرية منصورة عز الدين ذاتها.
في مكتبتها ذات السمت التقليدي البسيط، ووسط عشرات الكتب التي تسكن مكتبة صاحبة «ما وراء الفردوس»، تتأمل عز الدين مهمة فرز عناوينها من آن لآخر، وتصف العملية هذه بأنها «أقرب إلى رحلة ممتعة في دروب الذاكرة الشخصية وذاكرة القراءة معاً... أمُر بعنوان ما، فيذكرني بزمن قراءته لأول مرة، أو بقصة اكتشافي لكاتبه، وأرى عنواناً آخر، فأدرك كم تغيرت ذائقتي. في أحيان أخرى، يتحول فرز المكتبة إلى مجرد فعل روتيني، والأفعال الروتينية مضجرة، وبالتالي مرهقة بالنسبة لي».
وهي تعتبر أن الأدب هو صاحب النصيب الأوفر في مكتبتها، ولكن «إلى جانبها كتب الفلسفة والعمارة وعلم النفس والتاريخ، باعتبارها مجالات أهتم بها بدرجة كبيرة»، على حد تعبيرها.
ولا تعتبر منصورة عز الدين أن المجموعات الكاملة في مكتبتها تدل بالضرورة على أنها تخص كتابها المفضلين، وتقول: «أحتفظ بالأعمال الكاملة لكتاب كثيرين. وفي معظم الحالات، لا يدل هذا على شيء، إذ لا يكونون بالضرورة كتاباً مفضلين، إنما كتاب لعبوا دوراً مهماً، أو كانوا رواداً في مراحل بعينها، وبالتالي ينبغي قراءتهم، بعض هؤلاء الكُتاب كانوا كتاباً مفضلين لي في السابق، وبعضهم ما زالوا كذلك».
وبنبرة شغف بالغ، تُعلق صاحبة «مأوى الغياب» على مكانة الشِعر في مكتبتها، قائلة: «الشعر ركن أساسي في مكتبتي، وفي تكويني كقارئة وكاتبة. بدأت علاقتي بالأدب عبر الشعر، وحتى الآن أدين له بالكثير، أنا مولعة بالشعر العربي القديم بشكل خاص، أعتز بديوان المتنبي، وديوان طرفة بن العبد، وأحب أمرأ القيس، وأبا العلاء المعري، ولبيد، والنابغة الذبياني. وعالمياً، أحب فرناندو بيسوا، وفيسوافا شيمبوريسكا، وإميلي ديكنسون، وريلكه، وفروغ فرخزاد، وآخرين».
ومن الشعر إلى التراث، تواصل عز الدين استعراض مُفضلاتها: «أعود دوماً لكتب التراث العربي، لكنني لا أنظر إليها كمراجع، بل كحجر أساسي في تكويني اللغوي والأدبي: قراءة الجاحظ، مرة تلو الأخرى، متعة لا تضاهيها متعة أخرى بالنسبة إليّ، أحرص على العودة إليه من وقت لآخر. أحب النفري والمتصوفة العرب والفارسيين كثيراً، وأهتم بنقاط التلاقي بين الفلسفة والتصوف. وأعود دورياً بالمثل إلى (ألف ليلة وليلة) و(رسالة الغفران)، ومؤلفات حسين البرغوثي، وجاك دريدا، وآخرين».
أما بالنسبة للمراجع في مكتبتها، فتعتبر أن علاقتها بها مختلفة، وتُعلل ذلك قائلة: «ترتبط في الغالب بعمل أكتبه، وهذا قد يقودني للقراءة في تخصصات بعيدة عن اهتماماتي، كأن أقرأ مثلاً في الجيولوجيا، أو تاريخ مدارس الإرسالية الأميركية في الشرق الأوسط، أو الطب البديل والتداوي بالأعشاب، من أجل تفصيلة أو شخصية في عمل أكتبه. في بعض الحالات، يظل الاهتمام بمجال ما مرافقاً لي بعد الانتهاء من عملية الكتابة، وأظل مهتمة بالقراءة فيه. وفي حالات أخرى، يتوقف هذا الاهتمام بمجرد انتهائي من العمل، لكن في كل الحالات يستهويني النظر للكتابة باعتبارها حالة من التعلم والاكتشاف المستمرين، أو وسيلة للتعمق والبحث في مجالات لم أكن لأهتم بها لولاها».
هل هناك هُوية جغرافية غالبة على مكتبة منصورة عز الدين؟ تقول: «بحكم انتمائي، فلا ريب أن الكتب العربية (ما بين قديم وحديث) تغلب على مكتبتي، لكن إلى جانبها ثمة طغيان للأدب اللاتيني والروسي والألماني؛ أنا مهتمة بشكل خاص بالرواية اللاتينية والروسية والألمانية. ومؤخراً، تزايد اهتمامي بالأدبين البولندي والمجري، وإن كنت لا أستطيع الزعم بأن هذين الأدبين يحتلان مساحة كبيرة من مكتبتي».
وتحرص صاحبة المكتبة على إثراء محتوياتها بالعناوين الجديدة كلما سافرت خارج مصر، وعن ذلك تقول: «بعض العناوين أختارها بالصدفة، دون معرفة سابقة بالكُتّاب، وإنما لاهتمامي بموضوع الكتاب، أو لأن كلمة ظهر الغلاف تثير فضولي، وبعضها لكتاب قرأت عنهم وأرغب في القراءة لهم، أو لكتاب مفضلين لم تُترجم أعمالهم للعربية بعد».
وبسؤالها عما إذا كانت مكتبتها قد شهدت «غزواً» صينياً بعد زيارتها الأخيرة للصين، جاء ردها بالإيجاب: «تضاعف اهتمامي بالأدب الصيني، وتاريخ الصين عموماً، بعد إقامتي في شنغهاي لشهرين؛ أنا مولعة بالثقافة الصينية القديمة، ومهتمة بالطاوية خاصة. والآن، أرغب في التعرف أكثر على الأدب الصيني الحديث داخل الصين. أحضرت معي أعمالاً لتسان شيوي، ووانج آن إي، ولو ناي، كما قرأت هناك ليو هوا، هذا غير الكتب الكثيرة التي أحضرتها عن شنغهاي وتاريخها وعمارتها والمشهد الأدبي فيها».
وبخلاف الكتب الورقية، للإنترنت دوره في توفير مادة للقراءة، تصفها بـ«المادة العظيمة، خصوصاً في الشعر... من الصعب الآن التكلم عن مكتبتي باعتبارها مكتبة ورقية فقط، إذ لعبت القراءات الرقمية دوراً محورياً في قراءاتي خلال السنوات الأخيرة».


مقالات ذات صلة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

ثقافة وفنون أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أطلّت الكاتبة التشيلية الأشهر إيزابيل الليندي، عبر منصة «مايسترو»، في «هيئة الإذاعة البريطانية»، من صالونها الهادئ الذي يضم تفاصيلها الشخصية والحميمية

سحر عبد الله
يوميات الشرق «معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي يستمر حتى 21 ديسمبر الجاري في مركز «سوبر دوم» بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.