مقتل قيادي من «حزب الله» اللبناني في معركة قرب الموصل

برلماني عراقي سابق أكد أن مهمته كانت تدريب الميليشيات الشيعية

مراسم تشييع القيادي في حزب الله الذي قتل في العراق إبراهيم الحاج في البقاع بلبنان أول من أمس (رويترز)
مراسم تشييع القيادي في حزب الله الذي قتل في العراق إبراهيم الحاج في البقاع بلبنان أول من أمس (رويترز)
TT

مقتل قيادي من «حزب الله» اللبناني في معركة قرب الموصل

مراسم تشييع القيادي في حزب الله الذي قتل في العراق إبراهيم الحاج في البقاع بلبنان أول من أمس (رويترز)
مراسم تشييع القيادي في حزب الله الذي قتل في العراق إبراهيم الحاج في البقاع بلبنان أول من أمس (رويترز)

شيّع حزب الله اللبناني، أول من أمس، أول قيادي فيه يقتل في العراق، ما يشير إلى انخراط التنظيم الشيعي في معركة إقليمية أخرى، إلى جانب سوريا التي أعلن مشاركته في القتال فيها إلى جانب النظام قبل 14 شهرا، وتضاعفت أعداد قتلاه فيها في الأسابيع الثلاثة الأخيرة إثر معارك في منطقة القلمون السورية، الحدودية مع بلدات لبنانية شرق البلاد.
وفيما رفضت مصادر حزب الله التعليق على مقتل قيادي من الحزب في العراق، نقلت وكالة «رويترز» عن مصادر مواكبة، تأكيدها أن القيادي بالحزب إبراهيم الحاج، الذي شُيّع أول من أمس في بلدته قلية في البقاع (شرق لبنان)، قتل في العراق «ما يشير إلى أن الحزب الذي يقاتل في سوريا، ينخرط في معركة إقليمية أخرى».
ولم يعلن حزب الله قبل هذا الوقت عن أي دور له في المعركة التي اشتعلت الشهر الماضي، حين سيطر تنظيم «الدولة الإسلامية» على مساحة جغرافية واسعة في العراق، بينها مدينة الموصل. وكان أمينه العام السيد حسن نصر الله رأى في آخر خطاب له في 25 يوليو (تموز) الماضي، أن «العراق الذي دخل النفق المظلم للأسف باسم الإسلام وباسم الخلافة يهجر فيه آلاف العائلات المسيحية، والسنة الذين يختلفون مع تنظيم (داعش) ليس لديهم خيار إما البيعة أو الذبح، والشيعة ليس لديهم أي خيار إلا الذبح والأقليات أيضا».
وقالت أربعة مصادر إن القيادي في حزب الله إبراهيم الحاج، انخرط في عمليات التدريب، وأنه «استشهد في معركة قرب مدينة الموصل» الواقعة شمال العراق، وسيطر عليها تنظيم «داعش» الشهر الماضي، كما أفادت «رويترز»، مشيرة إلى أن تشييع الحاج «أقيم يوم الأربعاء في قريته قلية في البقاع» في شرق لبنان.
ونقلت مواقع إلكترونية في جنوب لبنان صورا لتشييع الحاج، من غير التأكيد ما إذا كان قتل في العراق أو في سوريا، مكتفية بالقول إنه «قضى أثناء قيامه بواجبه الجهادي المقدس»، كما يأتي في سياق نعي جميع مقاتلي حزب الله الذين قضوا في معارك داخل الأراضي السورية. ولفتت إلى أن تشييعا رمزيا أقيم له في بلدته قليا، قبل نقل جثته في موكب سيار حاشد إلى بلدة مشغرة في البقاع الغربي (شرق لبنان)، بمشاركة رئيس كتلة حزب الله في البرلمان اللبناني النائب محمد رعد، وممثل الحزب في الحكومة وزير الصناعة حسين الحاج حسن، وشخصيات دينية وحزبية وفعاليات المنطقة.
ورغم التكتم عن هوية الحاج وموقعه القيادي في الحزب، ذكر موقع «جنوبية» الإلكتروني أن الحاج هو قائد المجموعة العسكرية المهاجمة التي نفذت عملية أسر الجنديين الإسرائيليين في 12 يوليو 2006. قبالة بلدة عيتا الشعب الحدودية مع إسرائيل، وهي العملية التي تسببت باندلاع الحرب بين لبنان وإسرائيل، واستمرت 33 يوما.
ويعد الحاج، أول قيادي في حزب الله يُقتل في العراق، رغم أن الحزب «لم يرسل إلى العراق جيشا، بل اكتفى بإرسال كوادر وخبراء، هم برتبة ضباط في الحزب»، كما قال ناشر موقع «جنوبية» والباحث السياسي علي الأمين لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن «المساحة الجغرافية العراقية لا تؤهل الحزب للعب دور عسكري شبيه بدوره في لبنان أو سوريا، بل يقتصر دوره على إرسال خبراء متخصصين بحرب العصابات والتفجيرات».
وأوضح الأمين أن العراق «لا يحتاج إلى كثير، بل إلى الخبرات بدليل مقتل الحاج وهو شخصية قيادية لها دور وتاريخ قتالي طويل»، لافتا إلى أن هذا الكادر «يعد من القيادات العسكرية الميدانية». وأضاف: «قد يكون حزب الله ناجحا كحزب يقاتل في لبنان أو سوريا التي تستنزفه جغرافيتها، لكن ليس بالضرورة أن يقاتل في أرض غريبة لا يعرفها، باستثناء قيادة مجموعات وإدارة عمليات عسكرية، على طريقة الخبراء الأميركيين الذين أرسلتهم واشنطن في السابق إلى العراق».
وكانت مصادر مقربة من الحزب، نفت لـ«الشرق الأوسط» في تصريحات سابقة إرسال حزب الله مقالتين إلى العراق، مؤكدة أن «الراغبين في التطوع لقتال (داعش) في العراق، بعد دعوة شخصيات شيعية للتطوع بهدف الدفاع عن المقامات، يفوق عددهم الـ90 ألف متطوع، ما ينفي الحاجة لوجود أي عسكري من خارج العراق».
من جهته أكد برلماني عراقي سابق لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد أمس أن «معلوماتنا الموثوقة وكذلك معلومات الأجهزة الأمنية العراقية تؤكد وجود خبراء لحزب الله اللبناني في العراق منذ أكثر من أربع سنوات»، مشيرا إلى أن «مهمة هؤلاء الخبراء هي لتدريب ميليشيات شيعية مقربة من رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي».
وأضاف عضو اللجنة الأمنية في البرلمان العراقي الذي انتهت ولايته، وفضل عدم نشر اسمه، أن «مقر هؤلاء الخبراء في المنطقة الخضراء وهم يقدمون أنفسهم باعتبارهم مستشارين أو خبراء تابعين لمكتب رئيس الوزراء (المالكي) من دون أن يفصحوا عن طبيعة مهماتهم»، مؤكدا أن «مهمة هؤلاء الخبراء هي تدريبية بحتة حيث تتوزع معسكرات الميليشيات الشيعية التي يشرف عليها خبراء حزب الله في بغداد وكربلاء»، وقال: «إنه من النادر أن يقاتل متطوعو حزب الله في العراق لوجود ميلشيات شيعية عراقية أصلا».
ولا يعزل الأمين، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، انخراط الحزب في المعركة العراقية، عن الأفق المذهبي للمعركة، وموقع الحزب كجزء من المحور الذي تقوده إيران. وقال: «لا أنفي الأفق السياسي لهذا الانخراط، لكنه ناتج في الأساس عن الاتجاه المذهبي للصراع في المنطقة، إذ بات هذا الجانب وسيلة لشد العصب والتحفيز للقتال»، مشيرا إلى أن طرح عنوان الدفاع عن المقامات «هو نوع من تبرير القتال في مناطق أخرى».
ورأى الأمين أن المعركة في العراق «تأتي في سياق المعارك التي تخاض في إيران لحماية المحور الممتد من طهران إلى العراق وسوريا ولبنان وغزة»، مشيرا إلى أن حزب الله «معني بتلك الجبهات انطلاقا من إيمانه بالمحور الذي تقوده إيران والتزامه بالقيادة الإيرانية».
وكان نصر الله قال بعد استعادة السيطرة على القصير بريف حمص في يونيو (حزيران) 2013: «إن ما بعد القصير مثل ما قبلها. بالنسبة لنا لن يتغير شيء. حيث يجب أن نكون سنكون، وما بدأنا بتحمل مسؤولياته سنواصل تحمل مسؤولياته ولا حاجة للتفصيل».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم